رمت وزارة الداخلية بكرة الفساد الانتخابي في مرمى وزارة العدل، التي يوجد على رأسها الاتحادي عبد الواحد الراضي. وفي الوقت الذي طالب فيه بلاغ صادر عن وزارة الداخلية بفتح تحقيق في ما يخص مزاعم بعض المتنافسين للظفر برئاسة الجماعات المحلية بكون مسؤولين في الإدارة الترابية طلبوا منهم مدهم بمبالغ مالية قصد ضمان حصولهم على رئاسة هذه المجالس، أكدت مصادر مطلعة بوزارة العدل توصل مصالح هذه الوزارة بكتاب من وزير الداخلية يطلب من وزير العدل العمل على فتح تحقيق قضائي بخصوص عدد من الحالات، من بينها حالة المستشار الفائز بدائرة عبدة إقليمآسفي التي ادعى فيها أن رئيس دائرة عبدة وقائد قيادة العامر بمعية أحد أعوان السلطة عرضوا عليه شخصيا مدهم بمبلغ مالي حتى يضمنوا له رئاسة المجلس الجماعي لسيدي التيجي. وعلى علاقة بموضوع التحقيقات القضائية، تواصل المصالح الأمنية بعدد من مناطق المغرب تحرياتها في ما يتعلق بحالات اختفاء المستشارين الناجحين في اقتراع 12 يونيو الجاري. وتستند هذه المصالح في إطار تتبعها لهذه الخروقات إلى ما ينشر على الصحف من حالات اختفاء، وكذا ما تتوصل به من شكايات مباشرة من لدن بعض الأحزاب والهيئات السياسية المتضررة من هذه العملية. واعتبر عبد اللطيف الحاتمي، المحامي بهيئة الدارالبيضاء، أن ظاهرة اختفاء المستشارين الفائزين مباشرة عقب نجاحهم في عملية الاقتراع تبقى ظاهرة غير مصنفة قانونيا طالما أن العديد منهم يختفون بإرادتهم بعدما يكونون قد تلقوا مقابلا ماديا عن ذلك. وأوضح الحاتمي في تصريح ل«المساء» أن أي تحقيق قضائي سيتم فتحه في هذا الإطار سينصب لمعرفة ما إذا كان اختفاء هؤلاء قد جاء بمحض إرادتهم أم أنهم تعرضوا لعملية إخفاء. في الحالة الأولى لن يترتب عن هذا السلوك أي اثر قانوني أما إذا ثبت أن المستشارين المختفين كانوا عرضة للاحتجاز تحت التهديد أو أي سبب آخر فإنه سيتم تكييف ذلك على أساس جنحة الاحتجاز المنصوص على عقوبتها في القانون الجنائي. ويشير الحاتمي إلى أن هناك فرقا كبيرا بين الاختفاء والإخفاء، كما أن التحقيق القضائي سينصب على واقعة مغادرة المربع الذي يوجد فيه المستشار، وما إذا كان إراديا أم تم تحت الإكراه. وبخصوص ما إذا كانت المصالح القضائية ستلتجئ إلى تسجيلات المكالمات الهاتفية للفائزين في هذه الانتخابات لإثبات حالات معينة تتعلق بالفساد الانتخابي، أوضح الحاتمي أن المرشحين استفادوا من التجارب السابقة ويستعينون بأرقام هاتفية مجهولة الهوية، مما صعب مأمورية المحققين، وبالتالي لم تعد هذه الوسيلة فعالة كما كان عليه الأمر في 2007. من جانبه، اعتبر النقيب عبد الرحمان بنعمرو ظاهرة اختفاء المستشارين قبيل تشكيل المجالس الجماعية نوعا من الاختطاف والحجز الذي يمس بالنظام العام. وأوضح بنعمر وفي تصريح ل«المساء» أن هذه السلوكات مجرمة بنص القانون. وألقى بنعمرو باللائمة على النيابات العامة، التي لم تفعل منطوق الفصل 5 من قانون الأحزاب السياسية الذي يحد من ظاهرة الترحال السياسي. وأبرز بنعمرو أنه سواء كان اختفاء هؤلاء الأشخاص إراديا أم غير ذلك، فإن واقعة الاحتجاز تظل ثابتة ويجب الضرب على أيدي المتورطين فيها.