ليلة إعلان نتائج اقتراع 12 يونيو بالمقر العام لحزب الاستقلال اختلفت أجواؤها عما كانت تعرفه باقي المقرات الحزبية الأخرى. فريق من أطر ومناضلي الحزب اصطف جنبا إلى جنب حول طاولة مستطيلة مباشرة بعد إغلاق صناديق الاقتراع وأعينه على التلفاز، في حين تكلف فريق العمليات بالاتصال بالأقاليم والفروع عبر الهاتف داخل قاعة تبعد عن مكان اجتماع هذا الفريق المصغر الذي تشكل غالبا من مناضلات الحزب. النتائج التي كان يتلقاها هذا الفريق كانت تبعث مباشرة إلى مكتب أمين عام الحزب عباس الفاسي قبل أن توضع بين أيدي الفريق الذي تكلف بجمع تلك النتائج وإدخالها إلى جهاز الحاسوب. أول نتيجة كشفت عنها محاضر مراقبي الحزب الموزعين عبر الأقاليم وجهات المملكة كانت من دائرة زحيليكة بالخميسات التي حصل فيها الحزب على 20 مقعدا من أصل 25 مقعدا ثم جماعة بئر كندوز بإقليم أوسرد. محاضر مراقبي الحزب أكدت حصول الحزب على كامل مقاعد هذه الدائرة (15 على 15 ) ثم دائرة آيت سبيرن بالخميسات (11 مقعدا من أصل 13) لتتوالى النتائج المتعلقة بالدوائر التي عرفت الاقتراع الأحادي وليس اللائحي، وكلها كانت تبرز تقدما لحزب الميزان. استمع فريق جمع النتائج بإمعان للتصريح الذي ألقاه وزير الداخلية شكيب بنموسى والذي أعلن فيه عن نسبة المشاركة المؤقتة بعد إغلاق صناديق الاقتراع، والتي تجاوزت 51 في المائة حينها غمر الحاضرين شعور غريب وبتلقائية استغرقوا في التصفيق، معبرين عن ابتهاجهم لهذه النسبة حيث كانوا متخوفين على ما يبدو من أن تكون نسبة المشاركة متدنية. وزير الشؤون الاقتصادية والعامة نزار بركة القيادي بالحزب المقرب من عباس الفاسي تكلف في تلك الليلة بالإجابة عن أسئلة الصحافيين المتعلقة بالأجواء العامة التي طبعت هذا الاستحقاق. كما تمت استضافته من قبل القناتين الأولى والثانية التي نقلت معداتها إلى المقر العام للحزب لتنقل للمتتبعين الذين تسمروا في تلك اللحظات أمام جهاز التلفاز لتتبع ما ستسفر عنه جماعيات 2009 من نتائج. نزار بركة عبر ل«المساء» عن رضاه لنسبة المشاركة المسجلة، مشيرا إلى أنها لم تكن مفاجئة وإن كانوا يودون أن تتجاوز هذه النسبة كما عبر بركة عن ابتهاجه بالنتائج الأولية التي حصل عليها الحزب والتي كانت تعطيه تقدما في عدد من البوادي والأقاليم الصحراوية. عباس الفاسي الوزير الأول وأمين عام الحزب، الذي كان موجودا بمكتبه بمقر الحزب، كان أول المطلعين على النتائج الأولية التي كان يتكلف بإيصالها إليه مدير المقر الشرقاوي. لم يكن يضع ربطة العنق، وقد غادر المقر مباشرة بعد الكشف عن النتائج الأولية، إذ بدت عليه علامات القبول والرضى وكان يمشي وكأنه شاب في الثلاثينات وليس شيخا كما وصفه بذلك مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة الذي زحزح حزب علال الفاسي عن صدارة الانتخابات الجماعية. الحملة المضادة التي تعرض لها الحزب طيلة فترة الحملة الانتخابية كانت حاضرة بقوة في أذهان متتبعي النتائج حيث كان التركيز على أشده على الدوائر التي ترشح فيها رموز الحزب وخاصة الوزراء. غمر الحاضرين شعور الفرح والابتهاج بعد أن توصلوا بالنتائج الأولية التي حصل عليها عمدة فاس حميد شباط الذي حاز على الأغلبية المطلقة لعدد، المقاعد والتي تتوجه عمدة مرة أخرى على الفاسيين. إلى حدود صبيحة اليوم الموالي لإعلان النتائج الأولية كان الاعتقاد السائد لدى مناضلي الحزب أن رمز الميزان سيحقق نصرا كاسحا مرة أخرى، الشيء الذي جعلهم يتفادون أي حديث عن تسجيل خروقات باستثناء ما وقع لأمين عام الشبيبة الاستقلالية عبدالله البقالي الذي كان حظه عاثرا يوم الاقتراع بعد وجبة دسمة من العصا على أيدي رجال العنيكري بدائرة العرائش التي ترشح فيها. نشوة النصر لم تعكرها لدى جمهور علال الفاسي سوى النتائج التي كشف عنها شكيب بنموسى مساء أول أمس السبت والتي أعطت الصدارة لرمز التراكتور، متقدما على الميزان بفارق 723 مقعدا.