«والله ما بقاو في غير هدوك الناس اللي ماتوا حْدايا.. الله يرحمهم». بهذه العبارات تستهل حليمة، من قاطني حي النهضة بالرباط، حديثها عن مأساة ملعب ولي العهد الأمير مولاي الحسن. لم تكن ليلة السبت الماضي عادية في حياة حليمة، شابة في الثلاثينيات من عمرها، بعد أن كان الموت أقرب إليها من أي وقت مضى: ليلة السبت لن تمحى من ذاكرتي.. ولن تمحى مشاهد أم تحتضر تنادي طفليها بما تبقى لها من جهد»: «آه ياممتي وليداتي مشاو».. وكلما مررت من قرب الملعب سأتذكر تلك المأساة وحزن عشرات العائلات التي كانت عائلتي ستكون من ضمنها لولا الألطاف الإلهية». حزن وأسى واستنكار وتحميل المسؤولية للمنظمين، هي ما تخرج به من زيارتك لحي النهضة بعد 48 ساعة من وقوع كارثة ملعب الأمير مولاي الحسن، التي حولت حياة مغاربة حاولوا اقتناص سويعات من الفرح إلى جحيم. يقول م. قندوسي، من ساكنة الحي: «لا ننكر أن المهرجان أدخل الفرح إلى قلوب ساكنة الرباط، لكن كان يتعين على المسؤولين اتخاذ كافة الاحتياطات حتى نتجنب تحول الفرح إلى مأساة اكتوت بها عائلات مغربية، لو كان الأمنيون قد درسوا جيدا مكان إقامة الحفل وحاولوا تلافي كل ما من شأنه إلحاق الضرر بالمتفرجين، وخاصة الحفرة التي كانت وراء التدافع»، مشيرا إلى أن السلطات الأمنية لم تتخذ الاحتياطات اللازمة في ما يخص تفتيش الجماهير التي حضرت الحفل، بدليل أن الكثير من المصابين كانت إصابتهم جراء الأسلحة البيضاء التي كانوا يحملونها». من جهته، لم يتوان عبد الله السعدواي، طالب في العشرينيات من عمره، عن توجيه انتقاداته إلى منظمي مهرجان موازين الذين اختاروا تنظيم حفل الفنان الشعبي عبد العزيز الستاتي في ملعب النهضة: «ما حدث ليلة السبت أشبهه بيوم الحشر، أتساءل ما ذا يساوي أن يدفع المرء حياته ثمنا لحضور حفل غنائي؟» ويضيف: «نحمد الله أن الذي وقع كان محدودا لأن من كان حاضرا وشاهد بأم عينه ما وقع في وسط الملعب كان يتوقع حدوث مأساة أكبر». وبالنسبة إلى عبد الرحيم، الذي يقطن في العمارات المجاورة لملعب النهضة: «كسكان للحي نبدي أسفنا لكون مهرجان «موازين» قد أسدل الستار عنه بمأساة بحجم ما وقع، بعد أن مر في أجواء ممتازة.. وكأحد سكان حي النهضة نتمنى ألا يتكرر ما وقع كما لا نتمنى من المسؤولين تفادي الانزلاقات الأمنية وعدم ترك المشردين والمنحرفين يعيثون فسادا في الحي». أجواء الحزن والأسف على ضحايا ملعب ولي العهد الأمير مولاي الحسن، لم تحل دون تعبير بعض ساكنة الحي خاصة الشباب منهم عن امتعاضهم من تنظيم مثل تلك الحفلات. يقول عماد الحبشي: «المصيبة وقعت وقعت، ولكن المصيبة الكبيرة هي تبذير الأموال، الناس تموتوا بالجوع والبطالة، خسروا الملايير على المهرجان وأولاد حي النهضة جالسين في رأس الدرب وتيموتوا من البطالة». فاطمة، سيدة في منتصف الأربعينيات، تقف هي وصديقتها على ما تبقى من مأساة ملعب النهضة، تتمعن جيدا في الحفرة التي كانت وراء المأساة، تصمت برهة قبل أن تبادرنا بالقول: «هما اللي جابوها في راسهم.. عباد الله جهلو واش جايين يشفو النبي؟... راه الكاسيط عطاه الله يديرو كاسيطة ولا سي دي وينشطوا مع راسهم» تصمت برهة لتتابع:» والله تبقاو فينا» !