لمغاربة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات حكايات خاصة مع الدبلجة، شاهدوا خلالها أفلاما عالمية وجدت في الدارجة المغربية القناة التواصلية نحو المتلقي المغربي، أفلاما فرنسية وأمريكية كانت المعبر الأولي إلى هذا المشاهد، قبل أن تتخصص عملية الدبلجة في الأفلام الهندية، أبطالها ممثلون كبار من حجم عبد الرزاق حكم والعربي الدغمي، وبعض ممثلي الإذاعة الوطنية وبعض أعضاء فرقة المعمورة. أسماء كبيرة ومدارس سينمائية مختلفة وصل صداها إلى المشاهد المغربي من خلال عمل رجل اسمه إبراهيم السايح الذي انخرط بكثير من العمل والاجتهاد في دوامة ومسار «دبلجة» الأفلام الأجنبية. حمادي عمور أحد من عايشوا اللحظات الأولى لدبلجة الأعمال السينمائية، نبش في ذاكرته رفقة السايح بالقول في تصريح للمساء: «لم أشتغل مع السايح في الأفلام الهندية، وإنما عملت معه سنة 1955 في دبلجة فيلم «san san la tulipe»،وأتذكر أنني انتقلت رفقة الطيب لعلج وحميدو بنمسعود والطيب الصديقي إلى باريس للقيام بالدبلجة، ولا زلت أتذكر أننا قمنا بعملية الدبلجة في الظلام، لحظة بث العمل، كانت الآليات بسيطة، ولكن الطموح كان كبيرا». وحول الباعث على التفكير في دبلجة هذه الأعمال، أضاف حمادي عمور: «كان يروج في الساحة السينمائية العالمية، أن كل دولة تقوم بالدبلجة إلى لغتها الأم، فكان طبيعيا أن نحذو حذو هذه الدول، وابتدأ الأمر بالأفلام الأمريكية والفرنسية، قبل أن يتخصص إبراهيم السايح في دبلجة الأفلام الهندية بحكم إقبال الجمهور عليها». وعن مردودية مشاركته في دبلجة هذا العمل السينمائي، قال حمادي عمور : «أنت تسألني عن ذكريات تعود إلى خمسة عقود، ومن الصعب تحديد ذلك، ولكن ما يمكن قوله هو أننا حظينا بإقامة متميزة في باريس، ووفرت لنا كل شروط الراحة، من جهة أخرى كان الحرص على إخراج عمل يكون في مستوى تطلعات الجمهور المغربي». وجدير بالذكر أن إبراهيم السايح كان قد دبلج عشرات الأفلام الأمريكية والفرنسية، قبل أن يتخصص في دبلجة الأفلام الهندية والباكستانية من بينها فيلم الصداقة (دوستي) و«أمنا الأرض» و«مانكالا القروية» ويتحول بذلك «استوديو السويسي» الذي كان يأمل أن يكون الانطلاقة الحقيقية للسينما المغربية -لو تم تفعيل الاستراتيجية المرتبطة به- إلى فضاء خصب للترجمة والدبلجة اللتين كان يشرف عليهما ابراهيم السايح، وهو الشيء الذي منحه على الرغم من البساطة التي تميز عملية الدبلجة احترام وتقدير العديد من المهتمين بالفعل السينمائي والتلفزي المغربي.