عوض هذه المخاوف التي تسيطر على العالم بسبب أنفلونزا الحلوف، يمكن للمغاربة أن يضحكوا قليلا على واقعهم الغريب.. يمكنهم أن يضحكوا على هذه الشخصيات والأسماء التي ظهرت فجأة لكي تحول واقع الناس إلى سيرك، ويمكنهم أن يحللوا هذا الواقع السياسي والاجتماعي الغريب ثم يستلقوا على قفاهم من الضحك. دائما ينتظر المغاربة شخصيات تاريخية ومنقذة لكي يتبعوها ويدينوا لها بالولاء، لكنها لا تظهر، وعوضها تظهر شخصيات كوميدية. في الآونة الأخيرة، ظهر رجل اسمه شباط، بدأ عرضه الساخر بإيراد حديث نبوي يتحدث عن فاس. ضحك الناس وقالوا إن هذا الرجل خفيف الظل بالفعل. وقبل ذلك، قال شباط إنه سيأتي بالبحر إلى فاس، فضحك الناس وتذكروا وزير الداخلية الراحل إدريس البصري الذي قال يوما إنه سيأتي بالبحر إلى سطات، لكن البصري كان يعرف ما يقوله لأنه بعد ذلك قام بتوزيع إداري جديد منح سطات بحرا على المحيط الأطلسي. البصري كان واقعيا ونفذ وعده وجعل من سطات مدينة شاطئية، فماذا سيفعل شباط لكي يجعل سكان المغرب يتوجهون إلى فاس كل صيف للاستجمام في شواطئها؟ وهل ستصبح فاس مدينة شاطئية أطلسية أم متوسطية؟ وهل ستنتهي حكاية البحر الفاسي بعد أن أعلن شباط عدم ترشحه لمنصب العمدة من جديد؟ بعد حكاية البحر، أطلق العمدة الفاسي تصريحاته النارية ضد رجل ميت واتهمه بالقتل وقرر مقاضاته أمام المحكمة الجنائية الدولية. وفي حالة ثبوت التهم، فإن المحكمة ستحكم على بنبركة بالإعدام. يا له من حكم قاس على رجل أعدم قبل 45 عاما! وعموما، فإن شباط ليس وحده المعني بأمور البر والبحر في هذه البلاد، لأنه قبل أكثر من 20 سنة ضحك المغاربة كثيرا وهم يرون المغرب ينظم ألعاب البحر الأبيض المتوسط في مدينة الدارالبيضاء، وهي ألعاب كان يجب تسميتها «ألعاب المحيط الأطلسي». وقبل ذلك، نُظم في مراكش مؤتمر حول الملاحة البحرية في مضيق جبل طارق. المغاربة تابعوا أيضا، خلال الأسابيع الأخيرة، تصريحات للرجل القوي، سابقا ولاحقا، في وزارة الداخلية، فؤاد عالي الهمة وهو يشتكي من ولاة ومسؤولي المدن الذين يسيئون إلى حزبه «الأصالة والمعاصرة». هل تتصورون أن واليا يمكن أن يتجرأ على حزب صديق الملك؟ بعد ذلك، مدح الهمة القناصين الذين يصورون أفراد الدرك وهم يتلقون رشاوى، ثم هاجم إسبانيا وحملها المسؤولية عن ظاهرة الإرهاب فوق أراضيها، وأطلق تصريحات لا تختلف كثيرا عن تصريحات تشي غيفارا. ثم عقب ذلك، ظهر الهمة في لقاء حزبي به 15 كلبا من فصيلة البيتبول الممنوعة، أصلا، بموجب مذكرة وزارية. والغريب أنها ظهرت جنبا إلى جنب مع آلات التراكتور، ويعرف الجميع أن كلاب البيتبول تفضل التمرن في عجلات التراكتور العملاقة من أجل شحذ أنيابها. من يصدق هذه الصدفة العجيبة؟ المضحكون المغاربة يوجد بينهم أيضا رجل اسمه عباس الفاسي، الذي ينفي أحداثا تقع قرب أنفه رغم أنه كبير الموظفين الحكوميين، ويطلق تصريحات هي، في الغالب، تصلح للعرض ضمن مسرحية «ساعتان من الضحك». في الحكومة يوجد رجل مضحك آخر اسمه خالد الناصري، وهو شيوعي تائب ويشغل اليوم وظيفة وزير الاتصال، ومهمته هي أن يلعب دور شاعر البلاط، ويقول إن كل شيء بخير، وهذه مهمة كانت قد تكلفت بها أحزاب الكوكوت مينوت من قبل، فأصبحت، اليوم، من مهام اليسار.. اليسار على الطريقة المغربية، طبعا. لهذه الأسباب ولأسباب كثيرة غيرها، فإن المغاربة لا «تخلعهم» «أنفلونزا الطيور» ولا «أنفلونزا الخنازير» لأنهم يتعايشون مع أنفلونزا العبث منذ مدة طويلة. المغاربة يعيشون، اليوم، عهد الانتقال الكوميدي بعد أن كانوا ينتظرون الانتقال الديمقراطي. لذلك على الناس أن يضحكوا على واقعهم لكي لا يموتوا من «الفقصة». وقديما، كان الإغريق يضحكون من آلهتهم حين لا يجدون شيئا يضحكون عليه.