خلافا للوضع السياسي، يعيش المغرب والجزائر على المستوى الرياضي حالة من التطبيع الكروي، حيث ظل رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم محمد راوراوة حريصا على مد جسور التعاون مع جيرانه، ولاسيما أن مناصبه في الأجهزة الجهوية والعربية والقارية والدولية تحتم عليه الانفتاح على المغرب كمكون أساسي للمنظومة الكروية. خلال تواجده في الدارالبيضاء، خص محمد راوراوة، رئيس «الاتحادية» الجزائرية، «المساء» بحوار كشف فيه عمق العلاقات مع المغاربة، وأسباب تأجيل الجمع العام للاتحاد العربي وقضايا أخرى. - بصفتك نائبا لرئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، هل قرار تأجيل الجمع العام إلى السنة القادمة سيخدم مصالح الكرة العربية أم يعطلها؟ < بدون شك التأجيل سيخدم مصالح الاتحاد العربي إن لم أقل أن حسناته ظهرت من الآن، أنا كنت من الحريصين على تأجيل الانتخابات إلى جانب الإخوة رؤساء الاتحادات العربية واللجنة التنفيذية للاتحاد العربي لكرة القدم، طبعا كانت الاستجابة لمطلب كل الناس، وهذه فرصة لأشكر الأمير سلطان رئيس الاتحاد العربي من جهة، ومن جهة أخرى أخانا محمد بن همام على تفهمهما للظرفية الراهنة لأن التأجيل تم بالإجماع، ولا أحد نادى بعكس ما تقرر من طرف الجميع، وهذا ما مكننا من تجسيد مقولة الأمير فيصل رحمه الله، القائلة إن الاتحاد العربي خلق ليستمر، وهو ما نراه اليوم حيث الاستمرارية هي عنوان المرحلة، وهذه فرصة أيضا لأهنئ بن همام على فوزه بمنصب في الاتحاد الدولي لكرة القدم، وأتمنى أن توحد الصفوف العربية في إطار أهداف مشتركة وينظم الحضور في المؤسسات الدولية ونشتغل ككتلة عربية في إطار الاتحاد العربي لكرة القدم. - أنت تراهن على تغيير القيادات داخل الاتحاد العربي، أليس كذلك؟ < أنا مراهن على تغيير طريقة العمل وأسلوب النظام والأخذ بآراء الآخرين، اليوم هناك أجهزة قارية ودولية ونحن ننتمي لقارتين، وهناك مناهج عمل وضروري أن نشتغل في هذه الأجهزة من أجل تنمية الكرة في العالم العربي، الأشخاص لا معنى لهم، اليوم موجود عمر وغدا زيد، وهذه هي سنة الحياة والعمل بالمؤسسات، المهم هو أن تكون لدينا مؤسسة منظمة ومهيكلة تأخذ بعين الاعتبار الأهداف التي تنص عليها اللوائح والقوانين والتي تحث على ضرورة الأخذ برأي الأغلبية،لكي نعيش في ديمقراطية. - تقصد إشراك الجميع في صناعة القرار أليس كذلك؟ < نعم والأخذ بعين الاعتبار رأي الأغلبية، لا يمكن لشخص واحد مهما كانت مكانته ومستواه وقدرته، أن يفرض على الناس رأيا معاكس لرأي ومشيئة الأغلبية، ونحن في الاتحاد العربي نعتبر الجهاز مؤسسة تجمع 22 عضوا مهما كانت فعالياتهم، كل واحد له صوته ومكانتة داخل هذه الأسرة الممتازة التي لا بد أن نحافظ عليها كأسرة ممتازة. - هل ينطبق على الاتحاد العربي القول المأثور «اتفق العرب على ألا يتفقوا»؟ < بالعكس، الحمد لله أن الرياضة وكرة القدم بالخصوص هي المجال التي تدعونا للاتفاق وكسر المقولة التي تحدثتي عنها، لا بد أن نغتنم هذه الفرصة لأنه في مجالات عديدة يصعب تحقيق الإجماع العربي، رغم أن القيادات العربية تجتهد لبلوغ درجة عالية من التوافق في كثير من المجالات، في كرة القدم كل حاجة تقربنا إلى بعضنا البعض، لأننا نشتغل لفائدة الشباب العربي. - يغيب المغرب عن دائرة القرار على مستوى الاتحاد العربي؟ < المغرب موجود، من زمان والمغرب متواجد داخل هياكل الاتحاد العربي لكرة القدم، هناك سعيد بلخياط رئيس لجنة الانضباط وهي من أهم اللجن داخل الجهاز، هذا حضور في مستوى عالي، هناك عضو آخر في لجنة الاستئناف وهو زكي السملالي وعدة أشخاص في لجان عديدة، للأسف الانتخابات أجلت إلى العام القادم، لو عقدت في إبانها لكان عبد الحميد الصويري ممثلا ضمن المكتب التنفيذي ما في ذلك شك، إن شاء الله في الانتخابات القادمة يكون داخل الاتحاد ممثل عن الجامعة الملكية المغربية، وأتمنى أن يكون الإخوة في الجامعة المغربية من بين مكونات الأجهزة نظرا لمكانة المغرب داخل المنظومة الكروية. - التقيت بعلي الفاسي الفهري الرئيس الجديد لجامعة كرة القدم في المغرب، ماذا دار بينكما من حوار؟ < كانت لي فرصة ممتازة بمناسبة دوري أبطال العرب في الدارالبيضاء للالتقاء بعلي الفاسي، وكنت سعيدا بهذا اللقاء، اكتشفت فيه رجل الثقافة والحوار يملك أفكارا حديثة له رغبة كبيرة في بعث الكرة المغربية والمشاركة مع إخوانه في الاتحاد العربي وشمال إفريقيا، وهذا يسرنا ويسعدنا كثيرا. اتفقنا على أن نظل على اتصال دائم وأن نشتغل سويا كجامعتين تربطهما علاقات قديمة، وأيضا على مستوى اتحاد شمال إفريقيا الذي أتشرف برئاسته، فهو الذي سيتسلم رئاسة هذا الجهاز بعد سنتين وسيكون الآن ضمن الاتحاد كنائب لي كما تنص القوانين، إن شاء الله سنضع اليد في اليد من أجل خدمة الكرة العربية والمغاربية. - كيف تلقيت نبأ انتقال رئاسة جامعة كرة القدم المغربية من الجنرال بنسليمان إلى رئيس مدني؟ < أنا لا أريد التدخل في الأمور الداخلية للكرة المغربية، لكن أريد أن أقول رأيي في هذا الموضوع، وأقدم شهادة اعتراف في حق بنسليمان، فهو رئيس من العيار الثقيل يخدم الكرة بصدق، ولا يمكن لأي أحد أن ينكر إنجازات الكرة المغربية في عهده، لكن أعتقد أن لكل مرحلة رجل، أنا كنت في الاتحاد الجزائري في فترة وبعد ذلك غبت تم رجعت بطلب من الإخوة رؤساء الأندية وبعض الأصدقاء في الجمعية العمومية، لكل مرحلة رجل معين وسياسة وأسلوب عمل معين أيضا والدوام لله وحده. - هل هناك علاقات تعاون بين الجامعة المغربية لكرة القدم ونظيرتها الجزائرية؟ < نحن دائما في اتصال مستمر مع الإخوة في الجامعة المغربية، نتبادل الخبرة والمشورة وخاصة، أننا نملك إطارا ممتازا للتعاون وهو اتحاد شمال إفريقيا لكرة القدم، هناك اجتماعات مكثفة لمختلف اللجان سواء تعلق الأمر بالمسابقات أو التحكيم والإعلام، ننظم بطولات ودورات خدمة للتنمية المشتركة، نفس الشيء بالنسبة للاتحاد العربي وهذا يقوي العلاقات بين الاتحادات وعلاقتنا مع الجامعة المغربية نموذجية. - تعدد مناصبك واهتمامك ألا يقلص من هامش نشاطك ومردوديتك، فأنت عضو في الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الإفريقي والعربي وشمال إفريقيا؟ < لا أظن، لأن هذه المناصب غير دائمة ولا تتطلب حضورا يوميا في مكتب أو مؤسسة، فالمشاركة في أعمال اللجان تأخذ وقتا بسيطا جدا، على سبيل المثال اجتماعات اللجان في الفيفا لا تتعدى خمسة في السنة نفس الشيء في إطار الكاف أو الاتحاد العربي وشمال إفريقيا، وفي أقصى الحالات عشر اجتماعات في العام، الذي يتطلب حضورا هو عملي كرئيس للاتحاد الجزائري لكرة القدم، خاصة في فترة التصفيات القارية، نظمنا مؤخرا كأس إفريقيا للأمم للناشئين ونحن بصدد إنشاء أكاديميات للتكوين، رغم ذلك فالتواجد في مختلف الهياكل لا يأخذ وقتا طويلا. - ما هي توقعاتك لمباراة الكامرون ضد المغرب في سابع يونيو القادم؟ < لقد قلت لرئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم علي الفاسي، حين تحدثنا حول الاستحقاقات القادمة، إن الخسارة أمام الغابون كانت حادثة سير، لكن المغرب له إمكانيات كبيرة ليتدارك كبوة الغابون، لا ننس أن الكامرون اليوم ليس هو المنتخب الكامروني القوي، النتائج الأخيرة أكدت أنه فقد كثيرا من هيمنه، وأن الحظوظ في ياوندي متساوية بين الطرفين. المغرب يحتل الصف الأول في المشاركة العربية سلم محمد راوراوة النائب الأول لرئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، ورئيس لجنة المسابقات بنفس الجهاز، تذكارا باسم الاتحاد العربي إلى علي الفاسي الفهري بمناسبة احتلال المغرب للمرتبة الأولى على صعيد الدول الأكثر مشاركة في منافسات دوري كأس أبطال العرب في نسخها الستة السابقة، ويحتل المغرب الصف الأول كأكبر مشارك على مستوى النوادي من خلال كل من الوداد والرجاء والمغرب التطواني وحسنية أكادير وأولمبيك آسفي، بينما يحتل الجزائر الصف الثاني وتونس المرتبة الثالثة ثم سوريا في الصف الرابع. وكان الاتحاد العربي قد سلم عبد الحميد الصويري نيابة عن الجامعة المغربية التذكار ذاته في الجمع العام للاتحاد العربي لكرة القدم الذي أقيم قبل أسابيع في الرياض، والذي أنتهى بتأجيل الجمع إلى العام القادم. مركب محمد الخامس يعاني من مشكلتين قال محمد راوراوة على هامش الحوار الذي أجراه مع «المساء» إن مركب محمد الخامس بالدارالبيضاء يعاني من مشكلتين أساسيتين: الأولى تكمن في غياب مقصورة والاكتفاء بوضع كراسي في مكان أشبه بمدرج، وهو فضاء يفتقد إلى كل مقومات الفرجة حيث تختلط الأمور ويصعب على المكلفين بالتشريفات ضبط الأمور، والمشكلة الثانية تتمثل في غياب مدخل من المنصة الرسمية إلى الملعب، حيث إنه بإمكان أي شخص أن ينزل إلى الملعب وقتما شاء، وهذا يقلل من الحماية ويزيد من متاعب الجهاز الأمني. داخل الاتحاد العربي نحرص على تمكين الأندية المستقبلة من دفتر تحملات عليها أن تلتزم به، لأن النادي المستضيف هو صاحب الملعب حتى ولو كان في ملكية البلدية، في الجزائر الفرق هي صاحبة القرار النهائي داخل الملعب، وفي المقصورة يخصص مكان لرئيس النادي ولمكتبه المسير وليس لأعضاء المجلس البلدي.