بدأت ملامح الطبقات الوسطى تظهر في المغرب، إثر الدراسة التي أعلنت عنها المندوبية السامية للتخطيط، والتي شملت 7062 أسرة، أول أمس الأربعاء، وهو ما سيمنح السلطات العمومية أرضية لبلورة السياسات العمومية، التي تخول النهوض بها وانتشالها من حالة الضعف التي تعاني منها. الوزن الديمغرافي بحسب الدراسة التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، تضم الطبقات الوسطي 53 في المائة من السكان، أي 16.3مليون نسمة، واعتمادا على معيار الدخل، ينتمي 59 من السكان الحضريين للطبقات المتوسطة، مقابل 45 في المائة من السكان القرويين، وتم تحديد الطبقات الوسطى بالمغرب على أساس دخل شهري لكل أسرة يتراوح بين 6736 درهما و2800 درهما، و هو ما دفع أحد الخبراء إلى اعتبار أن الدخل الأدنى، أي 2800 درهما يقترب شيئا من الحد الأدنى للأجور. المصادر السوسيومهنية ينتمي للطبقات الوسطى في نظر واضعي الدراسة، حسب الانتماء السوسيو مهني، 63 في المائة من المستخدمين والحرفيين و العمال المؤهلين في المهن الحرفية، 58.6 في المائة من أصحاب الريع والمتقاعدين وغير النشيطين، و56.3 في المائة من الأطر المتوسطة والتجار والوسطاء الماليين و48.6 في المائة من العمال الفلاحيين وغيرالفلاحيين و40.2 في المائة من المستغلين الفلاحيين و19.5في المائة من الأطر العليا و أعضاء المهن الحرة. طبقة غير متجانسة يتجلى عدم التجانس على مستوى الدخل، ف28 في المائة من الطبقة الوسطي تشكل الفئة العليا، ويفوق دخلها المتوسط الوطني 5308دراهم و 30 في المائة، تشكل الفئة الدنيا، ويقل دخلها عن 3500 درهم، غير أن ما يعزز عدم التجانس كون الطبقات الوسطى هي فسيفساء من المستخدمين ومسيري التجهيزات والعمال المؤهلين في المهن الحرفية وأصحاب الريع والمتقاعدين والمستغلين الفلاحيين والعمال والأطر المتوسطة والتجار والوسطاء الماليين والأطر العليا وأعضاء المهن الحرة.. لا تسلم من البطالة يبلغ معدل البطالة في صفوف الطبقات الوسطى 14.6 في المائة، غير أن هذا المعدل العام يخفي تباينا على مستوى البطالة بين الوسطين الحضري والقروي، حيث تصل في الأول 22.1 في المائة ، بينما لا تتعدى في الثاني 5.1 في المائة، ولا يسلم حاملو الشهادات في الطبقات الوسطى من البطالة التي يبلغ معدلها بينهم 31.7 في المائة. الدخل والاستهلاك تشكل الطبقات الوسطى 44 في المائة من دخل الأسر و49 في المائة من نفقات استهلاك الأسر، وتتشكل مصادر دخل تلك الأسر من الأجور ب 44.5 في المائة و المقاولات الفردية الفلاحية وغير الفلاحية ب30.3 في المائة و التحويلات ب13.3 في المائة و الريع ب9.4 في المائة ، ويتجلى من خلال نتائج البحث أن الطبقات الوسطى في المغرب ترصد ثلثي نفقاتها للتغذية، بينما توزع الباقي على السكن والطاقة والنقل والاتصال والوقاية والصحة و التجهيزات المنزلية والتمدرس والترفيه و الثقافة. مديونية تصل نسبة أسر الطبقات الوسطى المدينة إلى 31 في المائة، ويبلغ حجم الاقتراض من أجل الاستهلاك العادي 59.3 في المائة، وتصل نسبة القروض العقارية إلى 25.1 في المائة و قروض اقتناء التجهيزات المنزلية ووسائل النقل إلى 15 في المائة، و إذا كانت الطبقات الوسطى تلجأ إلى الاقتراض من شركات التمويل والأبناك، حيث إنها تقصدها من أجل الاستهلاك العادي ب46.3 في المائة و القروض العقارية ب38.5 في المائة والتجهيزات المنزلية ووسائل النقل، فإنها اعتادت اللجوء إلى المصادر غير المؤسساتية للاقتراض من أجل تلبية حاجياتها على مستوى الاستهلاك العادي والعقار والتجهيزات المنزلية ووسائل النقل. هواجس رغم تعبير 65 في المائة منها عن أن مستوى معيشتها تحسن أو بقي مستقرا خلال العشر سنوات الأخيرة، غير أن سؤال الطبقات الوسطى عن هواجسها،يظهر أن مستوى الدخل و تكلفة المعيشة و الجفاف تأتي على رأس نشغالاتها ب58 في المائة، في نفس الوقت يقلقها المرض والهدر المدرسي وبطالة الشباب ب33 في المائة، والانحراف واستهلاك المخدرات ب35 في المائة والهاجس الأمني ب44 في المائة. بعض أسباب ضعف الطبقة الوسطى في المغرب > الضريبة: لا يشجع النظام الضريبي على ظهور طبقة وسطى في المغرب، لأن الضريبة تبتلع جزءا كبيرا من الأجور، خاصة بالنسبة إلى الأجور المتوسطة والعليا، وهذا يحول دون توسيع قاعدة الطبقة الوسطى في المغرب > الدخل والاستهلاك:ساهم تجميد الأجور وتحرير أسعار بعض المواد الأولية في الحد من الإمكانيات المادية لعدد من الفئات التي كانت في السبعينيات تنتمي إلى الطبقة الوسطى مثل رجال التعليم. فالدخل الذي تتلقاه فئات واسعة داخل الطبقات الوسطى لا يساعد على الحصول على سكن في حي متوسط أو شراء سيارة أو تخصيص ميزانية للسفر والسياحة. > التعليم وسوق الشغل: تشير شانا كوهين، في بحث حول الطبقات الوسطى بالمغرب، إلى أن خريجي الجامعات لم يعودوا يشتغلون في إدارات الدولة، بحيث يمكن أن تجد من بين العاطلين في المغرب من يحملون شهادات عليا، كان يفترض أن يغذوا قاعدة الطبقة الوسطى، بل إن التشغيل لم يعد يعتمد على إمكانيات الفرد، وإنما على الوسط الذي كبر فيه، فيصعب جدا على خريجي الجامعة العمومية العثور على مناصب في شركات متعددة الجنسيات، لأنهم لا يتكلمون بطلاقة لغات أجنبية، ولأنهم لا يتوفرون على الخلفية الأسرية والعلاقات والبريستيج، الذي يتمتع به خريجو مدرسة خاصة أو حتى على المظهر الاجتماعي الذي يجذب مديري الشركات. > النظام السياسي: قبل الدعوة التي وجهها الملك من أجل توسيع الطبقة الوسطى، ظل النظام السياسي يتعامل بحذر مع هذه الطبقة و يحاصر نزعتها الاحتجاجية، وتطلعها إلى الديمقراطية، التي تعارض الطابع التقليدي للنظام.