سانت لوسيا تشيد بالتوافق الدولي المتزايد لفائدة الصحراء المغربية بقيادة جلالة الملك (وزير الشؤون الخارجية)    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    بعد إضراب دام لأسبوع.. المحامون يلتقون وهبي غدا السبت    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    زياش: عندما لا يتعلق الأمر بالأطفال يفرون    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    مواطنون يشتكون من "نقطة سوداء" أمام كلية العلوم بطنجة دون استجابة من السلطات    افتتاح الدورة 25 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    نهاية أزمة طلبة الطب والصيدلة: اتفاق شامل يلبي مطالب الطلبة ويعيدهم إلى الدراسة    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    وسيط المملكة يعلن عن نجاح تسوية طلبة الطب ويدعو لمواصلة الحوار الهادئ    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    غياب زياش عن لائحة المنتخب الوطني تثير فضول الجمهور المغربي من جديد    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهدر المدرسي يعود إلى واجهة الإصلاح التربوي
بعد أن قالت اليونيسيف إن حوالي 80 في المائة من المعطلين غادروا مدارسهم مبكرا
نشر في المساء يوم 17 - 02 - 2015

أعادت منظمة اليونيسيف النقاش مجددا حول ظاهرة الهدر المدرسي حينما كشفت على أن قرابة ثمانين في المائة من العاطلين عن العمل، كانوا قد غادروا حجرات الدرس مبكرا. لذلك يفترض في مشروع الإصلاح التربوي المنتظر أن يضع هذا الإكراه ضمن الاهتمام إلى جانب بقية القضايا الأخرى كالتعلميات الأساسية والتعليم الأولي..
مع اقتراب الموعد الذي حدده المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، بمعية وزارة التربية الوطنية، لتقديم مشروع الإصلاح التربوي المنتظر، والذي من المقرر أن يمتد العمل به إلى سنة 2030، بدأت القضايا الكبرى تقض المضاجع. وهي قضايا كانت سببا فيما وصلت إليه المدرسة المغربية من تدني، ومن تراجع في الجودة.
فبعد قضية اللغات، والتعليم الأولي، والتعلمات الأساسية، جاء الدور هذه المرة على ظاهرة الهدر المدرسي، بعد أن كشفت منظمة اليونيسف عن المستوى الدراسي للعاطلين عن العمل في المغرب، وقالت إن النسبة تفوق الثمانين في المائة. وأن الغالبية العظمى من هؤلاء لم يتجاوزوا مستوى التعليم الثانوي.
لذلك أطلقت هذه المنظمة الأممية، التي تعنى بالطفولة، مع سفارة كندا بالمغرب، مشروعا سمته «فرصة» لدعم الشباب في وضعية هشاشة بالمغرب من أجل تنمية مهاراتهم الحياتية.
وأضافت المنظمة الأممية أن حوالي 300 ألف شاب ينقطعون عن الدراسة سنويا قبل إتمام السلك التعليمي الإلزامي. ومن تم تعتبر «فرصة» بالنسبة لليونيسيف مساهمة منها في الحد من الهدر المدرسي، من خلال استهداف حوالي 10 آلاف شاب كمرحلة أولى في الجهات التي ترتفع فيها ارتفاعا نسبة الهدر المدرسي.
ويظل الهدر المدرسي هو إنقطاع التلميذ عن الدراسة كلية قبل إتمام مرحلة دراسية بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية كالفقر أو ضعف دخل الآباء، والطلاق وأمية الآباء والزواج المبكر بالنسبة للفتيات. هذا بالإضافة إلى بعد المدرسة، وضعف الوسائل البيداغوجية حيث تطغى المناهج التقليدية .وسوء العلاقة بين التلميذ والمدرسة،
بسبب الاكتظاظ الحاصل داخل المدرسة مثلا، وأنظمة الامتحانات .
بالإضافة إلى طبيعة ونوعية العمل التربوي الذي يعرف إضطرابا وتباينا، مع الخلل الحاصل في البنية التربوية، كعدم توفر بعض الأسلاك.
وحينما نتأمل هذه الأسباب التي تقف وراء الهدر المدرسي نجد أنها تشترك فيما هو بيداغوجي صرف وما يتعلق ببنيات الاستقبال. لذلك فمحاربة الظاهرة لا يمكن أن تعرف طريقها إلى النجاح إلا بإصلاح حال المنظومة التربوية ككل. أما اعتبار التربية غير النظامية حلا للهدر فلا يعدو أن يكون حلا ترقيعيا لأنه لا يفي بالغرض.
وبلغة الأرقام نجد أن الذين يغادرون أقسامهم لهذا السبب أو ذاك يفوق سنويا 400 ألف تلميذ. وتنمو الظاهرة بالوسط القروي على الخصوص، والمتمثل أساسا في عدم التحاق الأطفال بالمدرسة، وانقطاعهم عنها لعدم التمكن من ولوج مستويات أعلى. وهو ما يجعل منها آفة تؤرق بال المسؤولين عن تدبير قطاع التربية والتكوين ببلادنا، رغم كل الاعتمادات المالية التي وفرتها الدولة في هذا الميدان حيث وصلت أحيانا إلى ما يفوق العشرين في المائة من الميزانية العامة السنوية.
كما أن تعميم التعليم، أو التعليم للجميع، أو إلزامية التعليم، قد شكل أحد الأهداف التي أولتها البلاد أهمية قصوى منذ الاستقلال إلى الآن، فوضعت لها مخططات خماسية، ونظمت منتديات للإصلاح تحت شعارات الجودة والقرب والجهوية. بل إن التعميم شكل، الدعامة الأولى في الميثاق الوطني للتربية والتكوين. إلا أن الهدر المدرسي الذي تزيد نسبته بالوسط القروي، يحول دون بلوغ الحاجيات المتزايدة لنظامنا التربوي في الآجال المناسبة.
وتشكل الفتيات أول ضحايا الهدر المدرسي بالمغرب بنسبة تقارب اليوم الستين في المائة، ثم تلاميذ الوسط القروي بنسبة ثمانين في المائة.
وبحسب الدراسات التي اشتغلت على هذا الملف، فإن كل سنة يقضيها الطفل بالمدرسة الابتدائية كفيلة بتحقيق 12.7 في المائة من رفع مستوى الدخل. مقابل 10.4 في المائة بالمدرسة الثانوية.
ويزداد الربح بنقطة عند الفتيات إلى أن يصل مجموع الخسائر بالنسبة للمجتمع نصف نسبة الدخل السنوي، وهو ما يقارب 2.8 مليار درهم.
ومن خلال البحث الذي قامت به منظمة اليونسكو، فإن المغرب يتوفر على أكبر نسبة من الهدر المدرسي في العالم العربي وهو يحتل في الوقت نفسه المرتبة الثانية على مستوى المغرب العربي بعد موريتانيا.
وبناء على إحصائيات كانت قد قامت بها وزارة التربية الوطنية في نهاية 2004 على شريحة من التلاميذ بلغ عددها 1000 تلميذ مسجلين للمرة الأولى في السنة الأولى من التعليم الابتدائي، فقد سجلت أن 620 تلميذا من هذه الشريحة وصلوا إلى السنة السادسة. أما 380 منهم فقد غادروا مقاعد الدراسة قبل الوصول إلى هذا المستوى.
حينما نتحدث أحيانا عن الهدر المدرسي، نعني به التسرب الذي يحصل في مسيرة الطفل الدراسية التي تتوقف في مرحلة معينة دون أن يستكمل دراسته. لكن الظاهرة نفسها يرد الحديث عنها في كتابات بعض التربويين بالفشل الدراسي، الذي يرتبط لدى الأغلبية بالتعثر الدراسي الموازي إجرائيا للتأخر. كما تتحدث مصادر أخرى عن التخلف واللاتكيف الدراسي. وكثير من المفاهيم التي تعمل في سبيل جعل سوسيولوجيا التربية أداة لوضع الملمس على الأسباب الداخلية للمؤسسة التربوية من خلال إنتاجها للامساواة. إلا أن الغالب هو الحديث عن الهدر المدرسي باعتباره انقطاع التلاميذ عن الدراسة كلية قبل إتمام المرحلة الدراسية أو ترك الدراسة قبل إنهاء مرحلة معينة.
كان لا بد من البحث عن صيغ لمحاربة الظاهرة خصوصا وأن أرقامها تضاعفت. لذلك وجدت وزارة التربية الوطنية في التربية غير النظامية حلا لمعالجة هذا الإشكال. غير أنه حل لم يتمكن من القضاء على الظاهرة ولا هو ساهم في تحقيق التكوين والتعليم المنتظر. لذلك سيحمل وزير التربية الوطنية السابق محمد الوفا معاول الهدم لإنهاء العمل به حينما قال إن التربية غير النظامية، التي تجعل منها الوزارة حلا للحد من ظاهرة الهدر المدرسي، غير ذات جدوى.
فليس من المنطقي، بحسب الوزير السابق، أن يتم طرد تلميذ من فصله خلال موسم دراسي، ثم يتم بعد ذلك السماح له بالعودة الى الفصل نفسه في الموسم الدراسي الموالي تحت تسمية أخرى هي التربية غير النظامية. لذلك كانت واحدة من الملفات التي كان من المقرر أن يلغيها الوفا.
وحينما كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين يقطع منتصف طريقه قبل أن يتم توقيف عجلاته، قالت الأرقام إن عدد التلاميذ الذين ينقطعون من المدرسة يقارب 400 ألف تلميذ. لذلك كان على المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، الذي جاء بديلا والذي كان من المقرر أن يمتد من 2009 إلى 2012 بميزانية فاقت وقتها الأربعين مليارا، قد جعل من محاربة الهدر المدرسي هما أساسيا بعد أن خصص له واحدا من مشاريعه التي فاقت العشرين.
اليوم، لا يخفي المتتبعون أن عدد الذين كانوا يغادرون حجرات أقسامهم كل سنة دراسية، لم يتحرك وظل على حاله بسبب جملة من الأسباب لم يجد وزير التعليم السيد بلمختار من بينها غير الحديث في إحدى المناسبات، عن عدم رغبة التلاميذ في ولوج المدرسة، دون أن يحاول البحث عن السر وراء هذا الذي سماه بكراهية المدرسة.
اليوم يبدو أن الهدر المدرسي والتربية غير النظامية كهموم حقيقية لا تزال تؤرق بال المدرسة المغربية، عادت إلى الواجهة بعد أن اعتبرتها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني أساسية في كل عملية إصلاح مرتقب لمنظومة التربية والتكوين.
نقابة تنفذ اعتصاما إنذاريا بنيابة العرائش يوم الأربعاء المقبل
أمام التدهور الخطير الذي تعيش على إيقاعه المدرسة العمومية
دعا المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي رجال ونساء التعليم التابعين للنيابة الإقليمية للتعليم بالعرائش، لخوض اعتصام إنذاري لمدة 10 ساعات يوم الأربعاء 18 فبرايرالجاري، داخل مقر النيابة ابتداء من الساعة التاسعة صباحا، وذلك تنفيذا لقرار الاجتماع الذي عقده المكتب الإقليمي للجامعة بالعرائش أخيرا لتدارس الوضع التعليمي، ومن ثم مواصلة النضال وعدم الاستسلام والتصدي للهجوم الشرس على حقوق ومكتسبات نساء ورجال التعليم والحط من كرامتهم.
وأكد بيان توصلت «المساء « بنسخة منه من النقابة ذاتها، أن اتخاذ هذا القرار جاء بعدما وقفت على التدهور الخطير الذي باتت تعيش على إيقاعه المدرسة العمومية بنيابة العرائش، وفي ظل تعنت النيابة الوصية على القطاع بالإقليم وتعاطيها الأخرس مع المطالب العادلة والمشروعة لنساء ورجال التعليم وممثليهم، واستكمالا للبرنامج التصعيدي التصاعدي الذي سطرته الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي الذي ابتدأ بإصدار تقرير أسود في بداية الموسم الدراسي رصدت من خلاله جملة من الخروقات والاختلالات التي يعاني منها قطاع التربية والتعليم بالنيابة ( تكليفات عشوائية وارتجالية، خصاص مهول، تجهيزات منعدمة، غياب الأمن، غياب النقل لتلاميذ الإقليم ولنساء ورجال التعليم، عرض نساء ورجال التعليم على المجالس التأديبية الانتقامية، توقيف الأجرة، تأخر على مستوى انطلاق الموسم الدراسي، تعسفات من قبل الإدارة، ارتجالية في التسيير والانفراد به، غياب التواصل الإداري مع نساء ورجال التعليم عبر مذكرات ذات الصلة بمصالحهم مما يفوت عليهم الاستفادة من حقوقهم... )، تلته وقفة احتجاجية يوم 16 أكتوبر 2014 داخل مقر النيابة التعليمية بالعرائش حاولت من خلاله النقابة الاحتجاج على ما آلت إلية الأوضاع التعليمية بالإقليم، ولفت انتباه المسؤولين إلى ذلك، لكن لا حياة لمن تنادي، فعوض أن تتعاطى النيابة الإقليمية في شخص المكلف بتسيير شأنها إيجابا، عمد إلى اتباع سياسة الهروب إلى الأمام واعتماد سياسة الآذان الصماء، وهو ما زاد الوضع استفحالا على كافة الأصعدة.
وأهاب المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي - في بيانه بكافة الغيورين على المدرسة العمومية بهذه المدينة وكافة الشرفاء من نساء ورجال التعليم الانخراط في هذا الشكل النضالي الاحتجاجي بقوة، رفضا لكل أشكال الفساد المستشري داخل قطاع التربية والتعليم بالإقليم، كما دعت نساء ورجال التعليم إلى الحيطة والحذر أمام ما يحاك ضدهم من مؤامرات، ودعتهم لرص الصفوف والالتفاف حول الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي بمبادئها الكفاحية بحسب تعبير البيان.
زيداني: نشتغل بدون تحديد للمسؤوليات والمهام وفي جو من التحكم البيروقراطي
قال إن المديرين يطمحون إلى إدارة تربوية مهنية محترفة يتمتعون فيها بسلطة تربوية وإدارية
عقد المجلس الوطني للجمعية الوطنية لمديرات ومديري الثانويات العمومية بالمغرب دورته الثالثة يومي 26 و 27 يناير 2015 بمدينة تطوان تحث شعار: إحداث إطار إداري للمدير مدخل أساسي لإنجاح المشروع التربوي الجديد. وبهذه المناسبة أجرت «المساء» حوارا مع السيد عبد الإله زيداني، رئيس الجمعية الوطنية لمديرات ومديري الثانويات العمومية بالمغرب، وعضو اللجنة المختصة المشتركة مع وزارة التربية الوطنية حول الإطار الخاص بالإدارة التربوية لإعطاء مزيد من التوضيحات حول مطالب الجمعية، والمحطات النضالية المقبلة.
حاوره- بنعيادة الحسن
- في البداية أستاذ عبد الإله زيدياني أود أن أطلب منك توضيحات أين وصل مطلب الإطار؟ وهل يمكن لكم إعطاءنا تفاصيل أكثر حول تصور الوزارة للإطار.؟
نحن كجمعية مهنية عبرنا عن حسن نيتنا لما استدعينا للحوار مع الوزارة الوصية في عهد الوزير السابق محمد الوفا، مباشرة بعد الوقفة الاحتجاجية في دجنبر 2011 هذه الوقفة التي أثارت انتباه المسؤولين لوضعية مديرات ومديري المؤسسات التعليمية العمومية. اشتغلنا في لجنة مختصة، فتمت بلورة «تصورمقترح « يمكن للوزارة الاعتماد عليه لتلبية مطلبنا الأساسي كجمعية ألا وهو إحداث إطار نظامي للمديرة والمدير. ليس من المعقول أن نشتغل كمديرين بدون تحديد للمسؤوليات والمهام وفي جو من التحكم البيروقراطي لا يسمح للمدير باتخاذ القرار التربوي والإداري، لأن المدير في هذه الوضعية يشبه حارسا للمؤسسة فقط.
اشتغلنا كما قلت مع الوزارة وننتظر موقفها .أما تفاصيل الوزارة للإطار فلا يمكنني التكهن بذلك علما أننا طالبنا بالحوار مع السيد الوزير لكن أبواب الوزارة موصدة في وجهنا كجمعية.
- هل أخذت الوزارة بعين الاعتبارمطالب جمعيتكم ومطالب الجمعيات الأخرى كجمعية المديرين والحراس العامين؟
ننتظر النظام الأساسي كباقي فئات المنظومة. بعد ذلك سيكون لنا رأي. ثم كيف ستكون وضعية المديرين الحاليين في حالة صدور الإطار الجديد؟
قدمنا مقترحا لوضعية المديرين الممارسين حاليا بما أسميناه بالمرحلة الانتقالية، وهي أن يتم تغيير الإطار لهم مباشرة كما ثم تطبيقه مع فئة المكلفين بالتفتيش سابقا.
- هل من معطيات حول النظام الأساسي؟ علما أن هناك من يتحدث عن « متصرف « أو «مفتش تربوي»
كما قلت سابقا بما أن الوزارة تسد أبواب الحوار معنا كجمعية مهنية فلا يمكنني المجازفة بأي شيء حول النظام الأساسي الذي تشتغل عليه الوزارة.
- أنتقدتم في بعض البيانات الإعفاءات التي اعتبرتموها ظالمة والتي طالت المديرات/ين بناء على تقارير من طرف لجن اعتبرتموها مستفزة وموجهة وعبرتم عن استيائكم مما أسميتموه الهجمة الشرسة التي يشنها بعض مسؤولي الوزارة الوصية ومحاولتهم تحميل مسؤولية فشل المدرسة العمومية لنساء ورجال التعليم، لمن تحملون المسؤولية وكيف تتصورون الصيغ النضالية لإيقاف هذه الهجمة؟
إننا نطالب بإطار نظامي للمدير لحمايته من شطط بعض المسؤولين الذين يوظفون لجنا يشكلونها حسب المقاس ويوجهونها لإعفاء المدير الذي يعتبر دائما كبش فداء. فيعاقب المدير مرتين أحيانا يستدعى للمجلس التأديبي كأستاذ لمعاقبته ثم يعفى كمكلف بمهمة. ثم إن حيثيات قرارات الإعفاء تبعث على الضحك أحيانا كأن يعفى مدير ثانوية مثلا لأنه لم يؤسس جمعية دعم مدرسة النجاح، والحال أن الأستاذ الذي لا يرغب في الانخراط في الجمعية كيف يمكن إقناعه من طرف المدير استنادا إلى ظهير1958 الذي يمنح المواطن حرية الانخراط من عدمه.
إن إعفاء المدير لن يحل مشاكل تدبير المؤسسات التعليمية. فضعف موقع المدير وعدم تحديد مهامه وغياب تحفيزات مادية محترمة له تجعل المؤسسة التعليمية لا تحظي بمكانتها الرمزية وقيمتها المجتمعية.
لذلك فإن الإعفاءات الموجهة هي تعبير عن ضعف وفشل في السياسة التدبيرية للمنظومة التي تنهجها الوزارة. لقد اشتغلنا على تجارب دولية لوضعية مدير المؤسسة التعليمية فتوصلنا إلى أن المدير في هذه التجارب يصنع القرار في المؤسسة في إطار قوانين للمهنة تتحدد فيها المهام والاختصاصات وأما مسطرة التأديب فهي مقننة كذلك. أما المؤسسة فترصد لها اعتمادات لتدبير شؤونها عن طريق مجالس المؤسسة. عندنا مازالت المؤسسة التعليمية تنتظر تدخل النيابة لإصلاح نافذة أو صباغة قاعة للدرس، فما دور مجلس التدبير في مؤسساتنا التعليمية؟ والمثير أحيانا للسخرية أن مصالح النيابة تطلب من مدير المؤسسة التوقيع على فاتورة إنجاز أشغال أو صفقة معينة، وهو الذي لم يقم بها وحينما يرفض ترفع عليه عصا الإعفاء. كيف للمدير أن يشتغل في هذا الوضع؟
توصل مجموعة من المديرين في الآونة الأخيرة بإعفاءات منها ما هو مفبرك وخضع لمزاج النائب أو مدير الأكاديمية ونحن من جانبنا نندد بهذه الإعفاءات الظالمة.
- أكدتم في عدة بيانات التعاطي الإيجابي للمركزيات النقابية الفاعلة في الحقل التربوي مع نضالاتكم ومطالبكم باعتباركم جزءا لا يتجزأ من الشغيلة التعليمية، كما أكدتم أيضا التنسيق مع الجمعية الوطنية للحراس العامين والنظار ورؤساء الأشغال والجمعية الوطنية لمديري ومديرات التعليم الابتدائي هل لكم أن تحدثونا على ما حققه هذا التنسيق؟
نحن كجمعية مهنية إلى جانب جمعية مديري التعليم الابتدائي والجمعية الوطنية للحراس العامين والنظار ورؤساء الأشغال ومديري الدراسة، نشتعل على موضوع تدبير التربية بالمؤسسات التعليمية العمومية. نعمل على التنسيق فيما بيننا من أجل تطوير آليات تدبير الإدارة التربوية.
هناك أطر كفأه في صفوف المديرين والحراس العامين والنظار تتفانى في خدمة المنظومة وتتحمل المسؤولية في تسيير المؤسسات التعليمية رغم الإكراهات والصعوبات. ننسق فيما بيننا عبر تنظيم ندوات تربوية وفكرية تهم الإدارة التربوية. ننسق عبر خطط نضالية من أجل إثارة انتباه المسؤولين محليا جهويا ومركزيا. كما نتواصل مع النقابات الفاعلة باعتبارنا مناضلين فيها وانخرطنا في الإضرابات بكل وعي ومسؤولية علما أن موقع المدير حساس جدا .
- تكاثرت متاعب وإكراهات الإدارة التربوية لهذا الموسم من حيث الخصاص في الموارد البشرية والتجهيزات الأساسية وغياب الأمن الخاص والنظافة في بعض الأقاليم والجهات، زد على ذلك إرهاق رؤساء المؤسسات بسيل عارم من البرانم والبرامج والمشاريع في غياب التكوين والدعم واللوجستيك. هل هناك في نظركم حلولا لهذه المتاعب؟
إن الظروف التي يشتغل فيها المدير تستدعي أكثر من وقفة. هناك مهام لا تحصى ولا تعد في أغلب المؤسسات، المدير يشتغل بدون طاقم مساعد بل في غياب وسائل للعمل. في السنوات الأخيرة أصبح المدير ملزما بإنجاز مجموعة من البرانم التي اعتمدتها الوزارة. يكفي أن نشير إلى مسؤولية المدير في الامتحانات الإشهادية فعليه أن يتسلم موضوع الامتحان من النيابة ويؤمنه بالمؤسسة ويسهر على الإعداد المادي واللوجستيكي للامتحان مع ما يصاحب ذالك من ضغط نفسي، وحينما يطالب بتعويض محترم لهذه المهام يحرم منها علما أن هناك من يعوض في قطاع التعليم دون أن يتحمل مثل هذه المسؤولية.
- أعطى المكتب الوطني الصلاحية لتفعيل قرار 29 يناير 2014 المتعلق بالإضراب الوطني المؤجل مع منحه صلاحية تحديد تاريخ تنفيذه.ألا ترون أنكم أخطأتم في تأجيل هذا الإضراب الذي اعتبره البعض مؤثرا بشكل سلبي على المحطات النضالية للجمعية، هل حددتم تاريخ هذا الإضراب وهل ستنسقون مع الجمعيتين الحليفتين؟
نحن لسنا هواة إضرابات. نحن مسؤولون في جمعيتنا وباعتبارنا مديرين ندبر مؤسسات تعليمية ندرك جيدا ثقل المسؤولية والوعي بها. لذلك كان لابد أن نقنع الوزارة بعدالة قضية مدير المؤسسة التعليمية. نؤكد لمسؤولينا بالوزارة أن التعليم ليس فقط مناهج وكتب مدرسية وبناء مؤسسات تعليمية، بل هو أيضا إدارة تربوية مهنية محترفة يتمتع فيها المدير بسلطة تربوية وإدارية تجعله يشتغل وفق مرجعيات قانونية ونظامية تمنحه الاعتبار والكرامة التي يستحقها. إن تحصين المؤسسة التعليمية من تحصين موقع مديرها.
مسابقة اختيار أجمل حجرة دراسية بنيابة الناظور
عبدالقادر كترة
تنفيذا لبرنامج فرع جمعية تنمية التعاون المدرسي التابع لنيابة الناظور، وحرصا على الارتقاء بالحياة المدرسية، وإشراك التلاميذ في العناية بالوسط المدرسي والارتقاء به، تشجيعا للأساتذة على المبادرة التربوية وإذكاء الذائقة الفنية التعليمية، نظم فرع الجمعية المذكورة بتعاون مع النيابة الإقليمية مسابقة لاختيار أجمل حجرة دراسية، تم الإعلان عنها من خلال المراسلة النيابية بتاريخ 19 دجنبر 2014.
وقد توصلت النيابة بعدد من الترشيحات، للبت فيها اجتمعت اللجنة الثقافية المنبثقة عن فرع الجمعية يوم الجمعة 13 فبراير 2015. وبعد تداول النظر والنقاش حول الترشيحات المتوصل بها، اختارت اللجنة ثلاث حجرات دراسية تابعة للمؤسسات ويتعلق الأمر بمجموعة مدارس عمر وحبصة، ومجموعة مدارس عمر بن عبد العزيز، ومجموعة مدارس مولاي محمد.
كل هذه مدارس تنتمي للوسط القروي، أبان الأساتذة العاملون بحجراتها عن ميول فنية تربوية، وذائقة جمالية واضحة، وعن أدائهم عملهم بروح المسؤولية المقدرة لقيمة التضحية، يكشف عنه مشاركتهم المباشرة في عملية الاعتناء وتزيين الحجرة الدراسية، ما يترجم بصدق حرصهم على التمسك بغايات وأهداف التعليم المدرسي ومراعاتهم لآداب وقيم المهنة التربوية التعليمية النبيلة.
فاعلون تربويون ينددون باقتحام ثانوية إيسلي وتعنيف مديرها
نددت جمعية الآباء والأولياء والأمهات بثانوية إيسلي بالاعتداء الذي طال مدير المؤسسة التربوية والتعليمية، والذي تعرض للضرب والسحل والإذلال أمام مرأى ومسمع من التلاميذ، بعد اقتحام غرباء، بتعبير الجمعية، للمؤسسة التربوية وانتهاك حرمتها، الأمر الذي شكل ضربة قوية لحرمة المؤسسات التربوية والتعليمية مثلها مثل باقي المؤسسات المغربية، «ويعطي انطباعا لدى فلذات أكبادنا بغياب الأمن ويذكي مزيدا من الخوف».
بيان الجمعية، الذي صدر بالمناسبة، طالب بحماية المؤسسات التربوية والتعليمية واتخاذ الإجراءات اللازمة وتطبيق المسطرة القانونية بحزم دون تساهل مع هؤلاء المعتدين حتى يكونوا عبرة للآخرين، ووضع رجال أمن أمام المؤسسات بصفة دائمة ومتواصلة لمحاربة الجانحين.
من جهته استنكر النائب البرلماني من الأصالة والمعاصرة عن دائرة وجدة أنجاد عبد النبي بعوي هذا الفعل المشين، داعيا إلى التصدي لمثل هاته الظواهر التي تمس بكرامة المؤسسة التعليمية والإشعاع التربوي، مشيرا إلى أن هاته الوضعية المشينة تنعكس سلبا على المنظومة التربوية ككل وتساهم في انحطاطها، وذلك راجع بالأساس إلى تدهور العلاقة الاستراتيجية بين المدرسة والأسرة باعتبارها البنية الأساسية في صناعة أجيال الغد.
ودعا جميع الفاعلين المرتبطين بمجالات التربية والتكوين ( برلمانيون، سياسيون، منتخبون، فاعلون من المجتمع المدني، جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، أطر تربوية، مصالح أمنية...)، إلى عقد مناظرة إقليمية حول إشكالية الأمن في المؤسسات العمومية وانعكاساتها على المناخ التربوي العام بمدينة وجدة، مؤكدا على خصوصية هاته المدينة، التي يتخذها مروجو المخدرات والأقراص المهلوسة وكرا لبث سمومهم في أوساط الشباب باعتبار موقعها المحاذي للشريط الحدودي الجزائري، حيث تنشط هذه الفئة بالرغم من الحملات المتتالية لمصالح الأمن.
بين اللغة والفكر
يعد فيكوتسكي من أهم علماء النفس والتربية المعاصرين رغم أن نظرياته ظلت مغمورة إلى حين وفاته سنة 1934، ورغم حياته القصيرة التي لم تتجاوز 38 سنة فقد شكلت أطروحاته ثورة ثقافية حقيقية في مجال الدراسات النفسية والتربوية. وقد انطلق في بناء فرضياته العلمية من جهة أولى عبر مراجعة أطروحات العالم النفسي جان بياجي مراجعة نقدية ومن خلالها تمكن من إعادة النظر في معظم النظريات النفسية والتربوية التي كانت سائدة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. مبرزا مواطن عدم الدقة في تلك النظريات. ومن جهة أخرى استطاع أن يمحص فرضياته اعتمادا عل دراسات ميدانية تجريبية للتأكد من مدى صدق وصلاحية ماتوصل إليه من نتائج. وهذا ما أدى بالباحثين إلى اعتباره بمثابة مؤسس النظرية الثقافية التاريخية من خلال إسهاماته العلمية التي يمكن إراجاعها إلى أطروحة مركزية مفادها أن القوى الاجتماعية والتاريخية تلعب الدور الحاسم في تشكيل القدرات العقلية الإنسانية وبالتالي فإن التفاعل الاجتماعي هو المبدأ الأساس الذي تتمحور حوله البنية المعرفية عند الطفل من خلال تفاعله مع الراشدين ومع أقرانه داخل المدرسة وخارجها، كما أن اللغة هي أداة أولية لنقل قيم المجتمع ومقتضيات الثقافة السائدة فيه. من هذا المنطلق يرى بأنه يمكن أن نتحكم في عملية تكوين المفاهيم لدى الأطفال في كل عملية تربوية باعتبار أن الطفل له تاريخه وسيرورة نموه وتطوره. أما المنهج الذي اعتمد عليه في بناء نظرياته فهو منهج متعدد ومنفتح على جميع الإنجازات العلمية والثقافية مثل علم النفس والسوسيولوجيا والأنتروبولوجيا والسيمانطيقا واللسانيات بالإضافة إلى تشبعه بالمادية التاريخية واطلاعه الواسع على الأدب العالمي وتاريخ الفلسفة مما جعله عالما موسوعيا ينظر إلى مواضيع بحثه نظرة شمولية بعيدا عن كل تجزيئية ونظرة أحادية.
بخصوص كتاب:»الفكر واللغة» يرى فيكوتسكي أن مشروعه ينطلق من العناصر التالية:
1- تقديم بينة دليل تجريبي على أن دلالة الألفاظ يجري عليها تطور طوال مرحلة الطفولة، وتعريف الخطوات الأساسية لهذا التطور.
2- اكتشاف الطريق الفريد الذي تنمو فيه المفاهيم العلمية للطفل إذا قورنت بتصوراته التلقائية وصياغة القوانين التي تحكم نموها.
3-البرهنة على الطبيعة السيكولوجية المحددة والوظيفة للكلام الكتابي في علاقته بالتفكير.
4- توضيح الطبيعة الداخلية للكلام وعلاقته بالفكر عن طريق التجارب.
إن علاقة الفكر باللغة عند فيكوتسكي ليست مطروحة بالشكل المتداول عند اللسانيين وإنما هي دراسة لغة الطفل وكيفية نشوء تفكيره في اتصاله بالكلام الداخلي ثم تحوله إلى لغة الراشد. لذلك فهو ينطلق من أنه مادامت اللغة مجموعة من الرموز التي تمثل المعاني المختلفة فهي مهارة اختص بها الإنسان وحده، واللغة نوعان لفظية وغير لفظية، كما أنها وسيلة للاتصال الاجتماعي الانفعالي وهي مظهر من مظاهر النمو العقلي الحسي الحركي لذلك ينبغي النظر إليها باعتبارها أكثر الأدوات النفسية أهمية. فماعلاقتها بالفكر خاصة في مرحلة الطفولة؟
إجابة على ذلك يرى فيكوتسكي بأن علاقة الفكر باللفظ ليست شيئا ماديا بل هي عملية تجري عليها أنواع من التغيير كما أن الفكر قد لايتم التعبير عنه بالألفاظ فقد يحصل أن يدخل في الوجود بواسطتها. وكل تفكير ينزع إلى أن يربط شيئا بشيء آخر، وأن يثبت علاقة بين الأشياء. من هذا المنطلق فكل فكر يتحرك وينمو ويتطور ويؤدي وظيفة ما ويحل مسألة. وهذه الحركة المتواصلة للفكر تتم كحركة داخلية خلال سلسلة من المستويات. لذلك فإن تحليل العلاقة التفاعلية بين الفكر واللفظ ينبغي أن يبدأ من فحص المراحل المختلفة والمستويات التي يقطعها الفكر قبل أن يتجسد في الألفاظ.
في تحليله لكيفية تكوين المفاهيم العلمية عندالطفل، بدأ بنقد التصورات التي تطرقت إلى الموضوع حيث بين أن بعض المدارس الفكرية ترى بأن المفاهيم العلمية لايوجد لها تاريخ عقلي، أي لايطرأ عليها أي نمو وإنما هي تمتص على نحو جاهز عملية الفهم والتمثيل الاستيعابي. ومعظم نظريات التربية والتعليم ومناهجها لاتزال تبنى على هذا التصور، لكن التجربة العلمية تثبت العكس وتبين بأن التعليم المباشر للمفاهيم يكون مستحيلا والمعلم الذي يحاول أن يقوم بذلك لاينجز شيئا ذا بال. كما أن هناك تصورا آخر لا ينفي وجود عملية النمو في ذهنية التلميذ غير أنه يتمسك بأن هذه العملية لا تختلف في شكلها الجوهري عن نمو المفاهيم التي يشكلها الطفل في تجربته، وأنه لافائدة في اعتبار هاتين العمليتين منفصلتين.
وعندما جاء بياجي وضع خطا فاصلا بين معاني الطفل عن الواقع وهي معاني نمت أساسا خلال مجهوداته اليومية، وتلك المعاني التي أثر فيها الكبار تأثيرها حاسما مميزا بذلك بين:
1- المعاني التلقائية أو العفوية.
2- المعاني غير الفورية أو غير العفوية
من هذا المنطلق يميز فيكوتسكي بين المفاهيم التلقائية التي تتكون من خلال العلاقات والخبرات خارج المدرسة وتعتمد بالدرجة الأولى على الظواهر المادية اليويمة في تكوينها، وبين المفاهيم المجردة أو العلمية التي تتكون من خلال التفاعلات داخل المدرسة وتعتمد على العمليات العقلية في تشكيلها.
إذن فماذا يحصل في ذهن الطفل وهو يتلقى المفاهيم العلمية في المدرسة، وماهي العلاقة بين استيعاب المعلومات والنمو الداخلي للمفهوم العلمي في وعي الأطفال؟
جواب فيكوتسكي واضح وينسجم مع منطلقاته الأساسية، حيث يرى بأنه يستحيل نقل المفهوم من المعلم إلى التلميذ مباشرة لأن العملية جد معقدة وتحتاج إلى أشواط طويلة. فهي تتطور تحت شروط التعاون بين الطفل والمدرس، لأن نمو الوظائف الذهنية العليا للطفل ونضجها إنما هو حصيلة لهذا التعاون، كما أن هذه المفاهيم تتقدم في وقت مبكر وعلى نحو أسرع مما تتقدم التصورات العفوية، والسبب في ذلك هو أنها تستفيد من الصفة التنظيمية للتعليم والتعاون، وهذا النضج المبكر للمفاهيم العلمية يمنحها دور التوجيه التمهيدي لنمو التصورات العفوية. وهنا يبرز اختلافه مع بياجي الذي يزعم بأن النمو والتعليم منفصلان تمام الانفصال وغير متساويين وكأن وظيفة التعليم هي على الحصر التمهيد لإدخال التفكير إلى طرق الراشدين التي تنازع وتصارع طريق الطفل الخاصة وربما تقضي عليها، وهذا التصور راجع في نظره إلى السيكولوجيا القديمة التي تفصل المظاهر البنيوية عن الوظيفية للنمو.
إذن يقوم الطفل بملاءمة المفاهيم التلقائية داخل النظام المفاهيمي الذي يحصل عليه في المدرسة كما يستوعب المفاهيم العلمية على ضوء الأمثلة من خبرته اليومية الحسية. فهناك اتجاه من المحسوس إلى المجرد ومن المجرد إلى المحسوس، الشيء الذي يساهم في تكوين المفاهيم وبالتالي نمو المعارف عند الطفل. لذلك وعلى خلاف ماجاء به بياجي فإن تكون المفاهيم العلمية يتم عبر عملية تفاعل تتم عبرها إعادة بناء المفاهيم وتتغير طبيعتها. وقد توصل إلى أن الأطفال يطورون معظم هذه المفاهيم خارج المدرسة في حياتهم اليومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.