تصعيد خطير.. تقارير عن توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    من يحمي ادريس الراضي من محاكمته؟        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    ترامب يؤكد التصدي للتحول الجنسي    حداد وطني بفرنسا تضامنا مع ضحايا إعصار "شيدو"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    توقيف شخص بالبيضاء بشبهة ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير        تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهدر المدرسي بين هاجس التنمية وتضليل الأرقام
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 14 - 05 - 2014

قبل الخوض في تحديد مفهوم الهدر المدرسي واقعه وتأثيراته على التنمية البشرية ، ولأن الخلاصات والمعطيات المتعلقة بالموضوع برسم الموسم الدراسي الذي نعيشه 2013-2014 لم تتوفر بعد ، لابد من الإشارة إلى آخر حصيلة رسمية ، وقراءة بياناتها ، وفي ما إذا كانت تنسجم مع ما هو مرسوم من أهداف وغايات الميثاق الوطني ، أو تقارب ما تم التخطيط له من قبل البرنامج الاستعجالي الذي أقرت الوزارة رسميا بفشله
إن نسب الانقطاع عن الدراسة على المستوى الوطني عرفت انخفاضا ملحوظا ما بين موسمي 2007-2008 و 2012-2013، ذلك ما أكده وزير التربية الوطنية السابق قبيل مغادرته كرسي الوزارة ، حيث أبرز خلال رده على سؤال شفوي بمجلس النواب ، أن هذا الانخفاض بلغ في التعليم الابتدائي 1,9 في المائة أي بانخفاض بلغ 2,7 نقطة مئوية، والثانوي الإعدادي 9,3 في المئة أي بتحسن وصل إلى 3,8 نقطة مئوية، والثانوي التأهيلي 8,7 في المئة بتحسن بلغ أيضا 5,4 نقطة مئوية.
وأضاف إن «ظاهرة الهدر المدرسي على مستوى العالم القروي تحديدا عرفت تسجيل انخفاض في السلكين الابتدائي والإعدادي، مشيرا إلى أن النسب في الموسم الدراسي 2012-2013 بلغت في التعليم الابتدائي 7,4 في المئة والثانوي الإعدادي 18,5 في المئة والثانوي التأهيلي 27,5 في المئة.
وأرجع المسؤول الأول عن الشأن التربوي بالمملكة لحظتئذ التطور الحاصل إلى توفير مجموعة من الآليات والوسائل التي ساعدت على خلق هذا التقدم ، و فيما يتعلق بالنقل المدرسي، أكد وزير التربية الوطنية، أن عدد المستفيدين والمستفيدات من النقل المدرسي ارتفع من 2200 مستفيد ومستفيدة سنة 2008 - 2009 إلى أزيد من 60 ألف مستفيد ومستفيدة سنة 2012- 2013 ، وتمثل الفتيات حوالي 43 في المئة من مجموع المستفيدين، مشيرا إلى أن أسطول النقل المدرسي عرف تطورا ملموسا بحيث بلغ عدد الحافلات سنة 2012- 2013 أزيد من 722 حافلة نقل وأزيد من 33 ألف دراجة هوائية.
وإذا كان تعميم التعليم و إلزاميته أحد الأهداف التي عملت الدولة المغربية على تحقيقها منذ الإستقلال إلى الآن، حيث هندست ورسمت مخططات و منتديات للإصلاح، وبرامج استعجالية تحت شعارات متفاوتة تروم في جوهرها الفاعلية النجاعة الجودة والقرب و الجهوية ، بل شكل الموضوع الدعامة الأولى في الميثاق الوطني للتربية و التكوين، إلا أن حجم الأرقام الرسمية المقدمة ، والبيانات والإحصائيات التي تأخذ في الغالب منحى تصاعديا ،تبقى مضللة مؤقتا في غياب إحصائيات دقيقة وأكثر راهنية ، هذه الشعارات وغيرها حالت دون بلوغ الأهداف المرسومة والمتزايدة للنظام التعليمي بالمغرب ، ورغم ما أعطي للتعليم من أهمية، باعتباره أولوية تأتي مباشرة بعد استكمال الوحدة الوطنية، فإنها تبقى عاجزة عن تحقيق الأهداف المسطرة.
وعلى صعيد آخر ، وفي إطار معالجة آفة الانقطاع والهدر المدرسي ، سنت السياسة التعليمية بالمملكة العديد من الاقتراحات ، وبلورت تصورات وأفكارا فوقية مرة وتشاركية أخرى منها : عملية من الطفل إلى الطفل « التعليم بالنظير « وبرأي المتخصصين فإن مقاربة التثقيف بالنظير هي أساسا بيداغوجية تواصلية ، تتوخى في جوهرها انتقاء مجموعة من الأفراد ينتمون لفئة هشة وفقا لمعايير معينة(الهشاشة السلوكية/أو الإجتماعية» وتعمل مقاربة التثقيف بالنظير على إخضاع هؤلاء لتكوين خاص كي يصبحوا قادرين على تمرير رسائل تربوية لنظرائهم (أقرانهم ) بهدف جعلهم قادرين على وقاية أنفسهم وبالتالي على تغيير السلوكات المولدة الخطرة».هذا الفاعل الجديد الذي أخضع للتكوين هو المثقف النظير».
ويعتبر الكثير من المهتمين بسوسيولوجيا التربية هذه المقاربة سياسة تربوية صالحة لهذا الجيل، خصوصا وأن تمرير الرسائل الإصلاحية والتربوية عن طريق الأقران والنظراء تسهم في تقبل الناشئة للأمر، بينما لو قدمها لهم الكبار على شكل نصائح أو مواعظ أو أوامر ونواهي ...فسيرفضونها حتما لذلك تخلص بعض الأبحاث إلى اعتبارها مقاربة فعالة ونتائجها جيدة ...لكن هذا على المستوى النظري. فماذا على المستوى التطبيقي؟
في موضوع ذي صلة شهد مقر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس بولمان لقاء تحضيريا لعملية « من الطفل إلى الطفل» برسم الموسم الدراسي 2011-2012 حضره رئيس قسم الشؤون التربوية بالأكاديمية ورئيس المصلحة بها إضافة إلى رؤساء مصالح النيابات ومنسقون إقليميون للمشروع E1P5 ورؤساء مصالح محاربة الامية والارتقاء بالتربية غير النظامية حيث بسط محمد موساوي رئيس قسم الشؤون التربوية بالأكاديمية أرضية اللقاء مستعرضا جدولا زمنيا يتضمن الخطوط العريضة لمراحل عملية « من الطفل الى الطفل « انطلاقا من عقد اجتماع إقليمي حول العملية وتكوين المديرين والأساتذة حول عملية الإحصاء وتكوين التلاميذ حول عملية الإحصاء- شرح الاستمارة ثم القيام بعملية الإحصاء وتفريغ استمارات التلاميذ وكذلك تفريغ مجمل استمارات الأساتذة وإنجاز تقرير في الموضوع ليخلص إلى تجميع معطيات النيابات الأربع مع إنجاز تقرير جهوي حول هذه العملية
وتنطلق عملية « من الطفل إلى الطفل « 24 أبريل الى غاية 31 من ماي المقبل وحسب مؤطر اللقاء محمد موساوي فإن العملية تندرج في إطار المشروع المتعلق بالحد من التكرار والانقطاع عن الدراسة ، خاصة جانبه المرتبط بمجال التعبئة والتحسيس حول ظاهرة الهدر المدرسي ، هذا المجال يضيف رئيس قسم الشؤون التربوية يعد من بين التدابير التي توظف لخلق أجواء مناسبة لتعبئة المدرسة ومحيطها وشركائها من أجل محاربة الظاهرة والاحتفاظ بالتلاميذ والتلميذات وإرجاع المنقطعين والمنقطعات عن الدراسة.
من جهته أوضح جمال الفريشة المنسق الجهوي للمشروع أن عملية « من الطفل الى الطفل تهدف بالأساس إلى تحسيس الفاعلين التربويين وكذا التلاميذ والتلميذات بخطورة ظاهرة عدم التمدرس والانقطاع عن الدراسة وضمان انخراطهم إلى جانب المؤسسات التعليمية للحد من الظاهرة كما تهدف كذلك إلى التحسيس بمبدإ إلزامية التعليم ومحاولة تفعيله من خلال عملية إرجاع التلاميذ والتلميذات غير الملتحقين وغير الممدرسين. وحدد المشاركون في اللقاء خريطة محلية لعدم التمدرس لتوجيه برامج التربية غير النظامية وتداولوا في آلية تعبئة الطاقات المحلية لإيجاد حلول مناسبة لإشكالية الاطفال غير الممدرسين من خلال إدماجهم المباشر في التعليم النظامي او تسجيلهم في برامج الفرصة الثانية أو دعمهم في إطار برنامج المواكبة التربوية .
 ويتوقع تهامي الزيزون رئيس مصلحة التخطيط بالأكاديمية مشاركة حوالي 7300 مدرسة ابتدائية وحوالي نفس العدد من مديري المدارس الابتدائية وحوالي 22 ألف أستاذ على المستوى الوطني في عمليات تحسيسية لفائدة تلامذتها من خلال دروس تربوية حول ظاهرة عدم التمدرس إلى جانب مشاركة أزيد من 73... تلميذ ة بالتعليم الابتدائي في إحصاء الأطفال غير الممدرسين وإجراء مقابلات معهم . كما أن نفس الإجراء سيشمل الثانويات الاعدادية حيث سينخرط في العملية حوالي 1700 ثانوية اعدادية وحوالي 1700 أستاذ لأجل تكوين 400 الف تلميذ»ة «من مستوى أولى ثانوي إعدادي حول أسباب الهدر المدرسي والآثار المترتبة عنه وحول تقنيات استقراء الآراء وإجراء المقابلات لإحصاء الأطفال غير الممدرسين ، والنتيجة هي إحصاء 300 ألف طفل «ة « غير ممدرس مع توفير بطاقة معلومات خاصة لهم في أفق التعريف بهم والمرافعة من أجل قضاياهم من خلال تقديم نتائج الاحصاء وطنيا جهويا وإقليميا بإشراك السلطات المحلية
  من جهة ثانية وتنفيذا لعمليات إدماج الوقاية في البرامج التي تستهدف الشباب المتمدرس في وضعية هشاشة بجهة فاس بولمان ، وبتأطير من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ونيابة إقليم مولاي يعقوب احتضنت الثانوية الإعدادية علال بن عبد الله التابعة لجماعة الوادين بإقليم مولاي يعقوب لقاءات تكوينية لإرساء عملية التثقيف بالنظير ، لفائدة 20 تلميذا وتلميذة ومؤطرين من أساتذة المؤسسة، وذلك خلال الفترة الممتدة من 23/04/2013 إلى 26/04/2013 وتضمن برنامج اللقاء ورشات عمل وندوات وموائد مستديرة وعروض علمية من قبل مؤطرين ونظراء ..
يتضح من كل ذلك،  أن  عدم التحاق الأطفال بالمدرسة، أوانقطاعهم عنها لعدم التمكن من ولوج مستويات أعلى هو إشكالية أو آفة تؤرق بال المسؤولين عن تدبير قطاع التربية و التكوين ببلادنا، رغم اعتمادات الدولة في هذا الميدان إلى ما يفوق 25% من الميزانية العامة السنوية. ولعل أول ضحايا الهدر المدرسي بالمغرب هن الفتيات ، وتتحدث أرقام الوزارة عن 58.4% وأطفال البادية بنسبة 80%، كما أن 40% من الأطفال المغادرين يحترفون الآن مهنا مختلفة وفق المصدر ذاته .
وحسب دراسة أنجزتها كتابة الدولة المكلفة بمحو الأمية بتعاون مع اليونيسيف حول «الانقطاع عن الدراسة بالمغرب» يتضح أن كل سنة يقضيها الطفل بالمدرسة الابتدائية كفيلة بتحقيق 12.7% من رفع مستوى الدخل مقابل 10.4% بالمدرسة الثانوية. ويزداد الربح بنقطة عند الفتيات إلى أن يصل مجموع الخسائر بالنسبة للمجتمع نصف نسبة الدخل السنوي لسنة 2004، أي ما يقارب 2.8 مليار « درهم. حيث يتجلى بوضح أن الأرباح التي كان من الممكن أن يجنيها المغرب لو لم تكن أمية أبنائه مرتفعة،» ضخمة ومفيدة سواء على صعيد التنمية البشرية أوبناء المجتمع وتطوره
لقد اظهرت التجارب المختلفة ارتباطا بمسألة المساعدة والتكوين بالنظير أن جوا من التعاون والمناخ الإيجابي العام يسود داخل المؤسسة التعليمية يسهل رصده وتدوين حيثياته ، حيث توجد شيكة معقده من العلاقات المتفاوتة التأثير والتأثر داخل القسم ، والتي لها إمكانية التأثير السلبي والإيجابي على الاطفال ، هذا إضافة إلى أن بعض الجوانب الهامه للعلاقات والمواقف الإنسانية ، من هنا فان استخدام ما يسمى (بقوة وتأثير النظير )يمكن أن تكون هامه جدا في مساعدة الطفل خاصة إذا كان من ذوي الاحتياجات الخاصة و أثناء تنفيذ برنامج الدمج على اكتساب التعلم وبنجاح فائق «
ومن المحقق إذن أن تلعب مجموعات دعم النظراء على خلق أجواء من الصداقات الحميمية بيت التلاميذ تؤدي إلى زيادة إمكانية تبادل المساعدة بين التلاميذ أنفسهم ، كما تمكنهم من المشاركة الأكثر فعالية في كل الجوانب التعليمية والاجتماعية من الجوانب النشيطة في الحياة المدرسية ، الأمر الذي يستدعي تدخل المسؤولين لتشجيع التلاميذ على أداء هذه الأدوار ، و باتباع نظام مرن داخل الفصول، بحيث لا تسيطر الأجواء التعليمية فقط ، ذلك أن الفرجة والترفيه قد تكون ناجعة أحيانا ما قد يستدعي ضرورة القيام ببعض الاصلاحات على مستوى طرق وأساليب التدريس خلال المعالجة
و لآن الوسط القروي هو الأكثر تعرضا لظاهرة الهدر المدرسي مقارنة مع الأحياء الشعبية ، فقد لاحظت العديد من الدراسات والأبحاث إن أكثر التلاميذ الذين يغادرون المدرسة هم أبناء الأحياء الفقيرة مناطق الحزام والأكثر شعبية وكثافة ، ما يعمق من نتائجه الخطيرة مثل انتشار الأمية، البطالة ،الجريمة في المجتمع و هدر الموارد المالية للدولة.
لذلك ، ومهما تعددت الأسماء ، واختلفت المفاهيم والمصطلحات ، فإن الهدر المدرسي و التسرب ، الفشل الدراسي التخلف و اللاتكيف الدراسي و كثير من المفاهيم التي تعد حقلا خصبا لسوسيولوجيا التربية هي نتيجة واحدة لشيء إسمه « التخلف « لأن انقطاع التلاميذ عن الدراسة نهائيا قبل إتمام المرحلة الدراسية ، أو ترك الدراسة قبل إنهاء مرحلة معينة. هو آفة الدولة والمجتمع ، وآفة السياسية التعليمية بالبلد .
ذلك أن الانقطاع عن الدراسة، أو عدم الالتحاق بالدراسة، الرسوب و التكرار، ثم  الفصل من الدراسة سواء ارتبط بتغيبات المتعلمين و المدرسين يؤدي حتما إلى عدم إكمال المقررات الدراسية وهو ما يعني عدم بلوغ الكفايات التعليمية أيضا ، لذلك ، « و كيفما كان التعريف الذي نرتضيه لهذه الظاهرة، فإننا يجب أن نعترف أننا أمام ظاهرة تؤرق المجتمعات العربية بشكل عام. فهي تحمل كل مقومات الفشل سواء على المستوى الفردي أو على مستوى المجتمع. و هي من العوامل القادرة على شل حركة المجتمع الطبيعية و تقهقره عائدة به إلى عتمة الجهل و التخلف و الانعزالية بعيدا عن نور التطور و مواكبة لغة العصر في التقدم و الانفتاح» .
ويرجع الباحثون الأسباب الكامنة وراء تأخير التمدرس في الوسط القروي، إلى أسباب من داخل المنظومة  وأسباب أخرى من خارجها ، اجتماعية وثقافية واقتصادية. وتخص العوامل الداخلية،بعد المدارس عن مكان إقامة التلاميذ، وعزلة الدواوير وضعف التجهيزات الأساسية في المدارس (ماء-كهرباء-مراحيض) وظروف عيش المدرسين، وكذا عدم ملائمة مقررات التعليم مع الواقع المحلي، كما أن العديد من بنايات المدارس الابتدائية بهذا الوسط، تعاني من التدهور و التلاشي، إضافة إلى الاكتظاظ الذي أصبحت تعاني منه الأقسام المشتركة، ومعاناة التلاميذ من الازدحام بسبب قلة المقاعد. وتتعلق العوامل الاجتماعية و الثقافية بوضعية المرأة، ونظرة السكان القرويين للمدرسة، فالعادات و التقاليد تلعب دورا هاما، حيث نجد عائلات لا تقبل على تعليم البنات، وفي أحسن الأحوال يقف تمدرسها في المراحل الابتدائية. أما العوامل الاقتصادية فذات أهمية نظرا لارتباطها بالإمكانات المادية المحدودة للأسر، وعدم استفادة التلميذ من منحة دراسية، كلها عوامل تجعل الأطفال خاصة الإناث منهم-ينقطعون عن الدراسة، للبحث عن عمل يوفر دخلا إضافيا للأسرة» .
ويذهب بعض الباحثين بعيدا ، حيث يوجه أصابع الاتهام في حدوث هذه الآفة إلى المدرسة نفسها ، ويتساءل بمنآى عن الأسباب المرتبطة بالمجتمع و مدى اهتماهمه بالعلم و بشخصية التلميذ ذاته» ويتحدث عن إمكانية أن تكون المدرسة من العوامل المنفرة من العلم و الدراسة، و بالتالي قد تكون هي الأخرى سببا من أسباب الهدر المدرسي، ويسترسل ذات الباحث في ذكر الأسباب المدرسية التي لها علاقة بالنظام التربوي السلبي الذي يعوق التلاميذ عن متابعة الدراسة. منها  سوء العلاقة بين المعلم و التلميذ،   الفشل في الدراسة  ، ضعف البنية التحتية للمدارس ، غياب الوسائل البيداغوجية قلة الأنشطة ، الإحباطات  ،  الغياب المتكرر للمعلم أو الأستاذ  ،  قلة التكوينات ،  ضعف المؤهلات لدى مديري المؤسسات  ، غياب الأنشطة الترفيهية الخاصة ، عدم ملائمة بعض البرامج ب التكوينات الأساسية للأساتذة والمديرين حتى تنسجم مع متطلبات المدرسة و التلاميذ
أما الأسباب الموضوعي   فترصدها ذات الدراسة في بعد المدارس عن سكنى التلاميذ ، ضعف الدخل المادي للأسرة.  عزلة الدواوير بسبب ضعف البنية التحتية والمواصلات. تشغيل الأطفال. أمية الآباء والأمهات المشاكل العائلية كالطلاق ، موت أحد الوالدين، الوضع الصحي للطفل. الزواج المبكر عند البنات، خاصة بالوسط القروي....» وتخلص إحدى الدراسات إلى « إن علاقة الطفل بالمدرسة أصبحت علاقة نفور، إذ تلاشى الرابط بين التلاميذ ومدرسيهم بسبب العنف والتهميش. كما تعاني المدرسة المغربية من نقص في التجهيز التربوي وندرة في الأنشطة غير التعليمية، وضعف في تكوين المدرسين لمواجهة حاجات الأطفال ومشاكلهم. وتطول لائحة الأسباب الخارجية المنفرة للأطفال من المدرسة، كالتفكك الأسري، وأمية الآباء والأمهات، وتأثير الشارع، والمخدرات والبطالة، والرغبة في الهجرة إلى الغرب» .
ولأن الوضع خطير جدا حسب آخر إحصاء رسمي إذ وصل عدد الأطفال الذين غادروا الدراسة إلى عشرة ملايين و18 ألف طفل. فإن استراتيجية ناجعة وفعالة تفرض نفسها اليوم بقوة انطلاقا من « دعم التمدرس بالوسط القروي، وتشجيع أبناء المناطق النائية على متابعة دراستهم في ظروف ملائمة، مع اتخاذ مجموعة من الإجراءات و التدابير منها»  القيام بدراسات حول الهدر المدرسي و الانقطاع المبكر عن الدراسة، من أجل تحديد المناطق و الجماعات الأكثر حاجة واستعجالية للتدخل، سواء بتكثيف عمليات التحسيس و التأطير، أو تقديم مختلف أشكال الدعم التربوي و الاجتماعي الذي يتجلى في مجالات متعددة، نذكر منها بالأساس، تحسين جودة الخدمات الداعمة للتمدرس، وذلك بتوسيع شبكة المطاعم المدرسية و الداخليات، بتأهيلها وترميمها وتجهيزها، وبناء دور للفتيات المنحذرات من الوسط القروي، من أجل إيوائهن وضمان بيئة تربوية مناسبة لهن، وسكنا لائقا قصد تشجيعهن على متابعة دراستهن في أحسن الظروف، ومواصلة تطوير مجال النقل المدرسي لدى أوساط الأطفال القاطنين بعيدا عن المؤسسات التعليمية، وذلك بإحداث جمعيات خاصة بالنقل المدرسي في الجماعات القروية»أضف إلى ذلك -إحداث أقسام مدمجة للإعاقات الخفيفة و المتوسطة، الذهنية و السمعية، في مجموع القرى بالمملكة، والاهتمام بالولوجيات عند بناء المدارس. الرفع من عدد الممنوحين و المستفيدين من الدعم الاجتماعي.
إن مشاركة التلاميذ بينهم في سياقات تفاعلية « طفل طفل « لها أهمية كبيرة في محاربة الهدر المدرسي. لقد تبث أن للشباب الخبرة للانخراط المباشر بالتكوين والتربية ب. كما أن الجيل الجديد جيل المواقع التواصلية يملك المؤهلات الناجعة والأساسية للقيام بالمهمة المنوطة أليه والمساعدة على الاخراط الجدي والفعال للحد من الهدر المدرسي.
لكن « الحد من الهدر المدرسي وفق أغلب الباحثين « يكون أكثر فاعلية عندما يشارك فيه الجميع: آباء التلاميذ، أساتذة، مديري المدارس، المؤسسات المحلية، و خاصة التلاميذ. الشباب يجب أن يجتمع، ويحلل مشكل الهدر المدرسي عن طريق إنجاز دراسة ميدانية للإشكالية. مرحلة التواصل جد مهمة من أجل تحسيس الساكنة بالمسؤولية، ولكن كذلك من أجل القدرة على الإنصات وجمع الاقتراحات» .
  ملحوظة : تم أعداد هذه الورقة اعتمادا على منشورات وتدوينات المهتمين بالتربية والتعليم من أساتذة وباحثين ومهتمين بسوسيولوجيا التربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.