شهد فضاء المسبح البلدي بتيزنيت، يوم السبت، إقبالا كثيفا من قبل ساكنة المدينة على تسلم نسخة من كتاب «الذاكرة الجماعية» لتيزنيت، الذي أنجزته ثلة من الباحثين بإشراف ودعم من بلدية تيزنيت. وقد أدى الإقبال الكثيف وغير المسبوق بالمدينة على الكتاب إلى خلخلة الجانب التنظيمي، حيث وجد المنظمون صعوبات في ضبط الأمواج البشرية التي حضرت إلى المسبح البلدي من أجل الاطلاع على جزء من تاريخها القديم. ويضم الكتاب عدة محاور تتعلق بذاكرة المجتمع المحلي، من خلال إبراز جانبها التاريخي، وتراثها الطبيعي والسكاني والمجالي، بالإضافة إلى الجوانب المتعلقة بذاكرة الحرف والمهن التقليدية، والذاكرة النسوية والفنية والروحية والعلمية للمدينة، كما أظهر الكتاب صورا لأعلام المدينة، وبعض الشخصيات التي تركت أثرا في حياتها العامة، ناهيك عن الإشارات التي تضمنت بعض تقاليد الطبخ المحلي. وبالإضافة إلى ذلك تضمن الكتاب، الذي يتكون من 224 صفحة، لائحة اسمية لقبائل تيزنيت التسع، ووثائق تاريخية تبين شجرة أنساب بعضها، وخرائط ورسومات ومبيانات تبين التفريعات القبلية المعروفة بالمدينة، كما قدم الكتاب كرونولوجيا تاريخية للأحداث بالمدينة منذ سنة 1870 بمرور حركة المولى الرشيد بتراب آيت تيزنيت في طريقها نحو قبيلة إيليغ، وإلى غاية الزيارات الملكية التي شهدتها المدينة إلى حدود سنة 2007. كما حرص المؤلفون على إبراز المدلولات الاسمية لمصطلح «تيزنيت»، واستحضروا بعض المراجع التاريخية والأدبية الأور بية التي تحدثت عن المدينة، وركزوا على جملة من المعالم التاريخية التي تمتاز بها المدينة القديمة (العين الزرقاء، قصبة أغناج، السور القديم، الجامع الكبير، القصر الخليفي، القصبة الكولونيالية، ساحة المشور)، بالإضافة إلى الأبواب السبعة التي تميز المدينة، ومزارع تاركا ونوبات تقسيم المياه بساقيتها، زيادة على تاريخ اليهود الذين كانوا يقطنون بحي الملاح منذ سنة 1934. وبخصوص الجفاف والكوارث الطبيعية، تحدث الكتاب عن بعض الفيضانات التي غمرت المدينة، وعن فترات الحرارة والبرودة الشديدة، كما أبرز مستوى توزيع السكان داخل أسوار المدينة وبعض الصور الهندسية للبنايات القديمة داخلها. وقد فسر المنظمون أسباب الإقبال الكثيف إلى «تعطش الساكنة المحلية لمعرفة تاريخها القديم، خاصة أنها تفتقر إلى كتاب شامل لكافة جوانبها الحياتية والتاريخية»، كما شدد عبد اللطيف أوعمو، رئيس المجلس البلدي، في كلمته، على أن المجهود المبذول في هذا الكتاب جماعي، يتعلق بتثمين الهوية الحضارية المحلية، على المستوى الرمزي الذي يرتبط بذاكرة المكان، والمستوى التشويري الذي يتمثل في رؤية السائح للمدينة، ومستوى آخر يرتبط بالحدث التاريخي في تكوين الهوية الحضرية»، وأضاف أن الذاكرة الجماعية «تقتضي منا إعادة النظر في مداخل المدينة، وفي التشوير الحضري، وتوجيه الزوار نحو قلب المدينة، وخلق مسارات سياحية مهيأة ومجهزة، مع إتمام أشغال التهيئة بمنطقة العين الزرقاء والجامع الكبير والمتحف البلدي، وتهيئة الأسواق والأزقة التقليدية، وإدماج تراثنا الطبيعي في مزارع تاركا ضمن المجال الحضري، وتأهيل واحة تيزنيت ومنابعها المائية». يشار إلى أن فريق البحث استغرق في جمع مضامين الكتاب ما يقرب من ثلاث سنوات، حيث تمكنوا من جمع عدد من الوثائق والصور والمخطوطات النادرة عن مدينة تيزنيت، كما تم تكريم عدد من شخصيات المدينة، بينهم رؤساء سابقون لبلدية تيزنيت.