حذر تقرير فرنسي من مخاطر انتشار تداعيات حركة معاداة الإسلام والمسلمين في القارة الأوروبية انطلاقا من ألمانيا، المعروفة اختصارا ب«بيغيدا»، حيث بدأت الحركة تتفاعل قبل أشهر، خاصة منذ شهر أكتوبر الماضي، حيث حققت «نجاحا غير مسبوق». التقرير الذي نشرته جريدة «لي زيكو» (الأصداء) قبل ثلاثة أيام دق ناقوس الخطر من احتمال وصول عدوى هذه الحركة العنصرية المعادين للدين الإسلامي إلى بلدان أوروبية أخرى، وقال إنها قد وصلت بالفعل إلى فرنسا وإسبانيا وبلجيكا، لكن بشكل محدود. التقرير كشف أن عدد مناصري الحركة ومؤيديها داخل ألمانيا وصل إلى 18 ألفا في الخامس من شهر يناير الماضي، لكن بعد أسبوع واحد فقط انتقل العدد إلى 25 ألفا، وهو مؤشر على تفاقم خطر انتشار النزعة المعادية للإسلام والمسلمين. ووفقا لما جاء في التقرير فإن حركة «بيغيدا» ترفع شعار الوقوف ضد أسلمة الغرب، وتراهن بشكل خاص على الطبقة السياسية الألمانية. ونقل التقرير عن هانز فورلاندر، الأستاذ بجامعة دريسدن، قوله بأن ألمانيا عرفت في الماضي حركات عنصرية متطرفة، لكنها لم تعرف حركة تراهن على الشارع مثل حركة «بيغيدا»، مضيفا قوله بأن هذه الأخيرة «نقطة سوداء في الصورة الجيدة لبلد منفتح ومتسامح». وقال التقرير إنه ليس من المستغرب أن تكون هذه الحركة العنصرية قد ظهرت في ألمانيا بالتحديد، حيث عرفت نجاحا إعلاميا لم يكن متوقعا، ذلك أن ألمانيا «هي البلد الأكثر شعبية في العالم»، كما أنها ثاني وجهة للمهاجرين من مختلف أطراف العالم، بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، ففي العام الماضي استقبلت البلاد حوالي 200 ألف من المواطنين السوريين والعراقيين النازحين عن ديارهم بسبب ظروف الحرب، ممن يطلبون اللجوء السياسي في ألمانيا، حيث وصل معدل انتشار البطالة عام 2013 إلى نسبة 5 في المائة، وفي المقابل وصل عدد المهاجرين الذين يوجدون في الأوراش إلى أزيد من 400 ألف. ويقول التقرير إن حركة «بيغيدا» تأتي اليوم لكي تهدد هذه الدينامية التي تتميز بها ألمانيا، والتي تلقى دعما كبيرا من المواطنين ورجال الأعمال، بسبب تراجع النمو الديمغرافي في البلاد وغياب اليد العاملة الألمانية. ويعلن زعماء الحركة المتشددة أنهم يرفضون توطين الإسلام في ألمانيا كمعطى ثقافي من شأنه أن يهدد الانسجام الثقافي الموجود في البلاد، حسب زعمهم، وينادون بالحفاظ على نقاء الثقافة الألمانية التي يقولون إنها تنحدر من الأصول اليهودية المسيحية، كما يعلنون بأنهم ضد «محاكم الشريعة» التي يريد المسلمون فرضها داخل البلاد. وقال المتحدث باسم الحركة لوتس باخمان - وهو شخص قالت صحف ألمانية إنه محكوم جنائيا بتهم مختلفة- إن حركة «بيغيدا» ترفض الإعانات المالية المتزايدة لبيوت اللاجئين المكتظة، في إشارة إلى المساعدات الممنوحة إلى اللاجئين الأجانب. وأظهر استطلاع للرأي أجرته في شهر نوفمبر الماضي مؤسسة «بيرتلسمان»الألمانية أن 57 في المائة من المواطنين الألمان يعتبرون الإسلام تهديدا مسلطا على بلادهم، وذكر التقرير أن كتابا يحمل عنوان «ألمانيا ستختفي»، من تأليف ثيلو سارازان، الذي يحذر فيه من الإسلام والمهاجرين، قد بيعت منه أكثر من مليوني نسخة في ظرف وجيز، مما يكشف انتشار مشاعر الغضب تجاه الإسلام والمسلمين في ألمانيا. وقد بدأت حركة «بيغيدا» قبل نحو خمسة أشهر على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، كحركة شبابية تحت اسم «وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب»، بالدعوة إلى تنظيم مظاهرات في الشوارع العامة مساء كل اثنين، في تقليد للمظاهرات التاريخية الشهيرة التي كانت تقام في نفس اليوم كل أسبوع في ألمانيا الشرقية سابقا، وأدت إلى انهيار الدولة وتوحيد شطري البلاد. وقد شارك في أول مظاهرات نظمتها الحركة 500 شخص فقط، لكن أعداد المتظاهرين بدأت تتزايد تدريجيا، حتى وصلت في مظاهرات شهر دجنبر الماضي إلى 10 آلاف شخص، وهو رقم تضاعف مرتين خلال الأسابيع الماضية. وتجمع مظاهرة «بيغيدا» بين تيارات يمينية متطرفة ونازيين جدد وجماعات مثيري الشغب في الملاعب المعروفة باسم «هوليغنز»، إضافة إلى مواطنين من مدن ألمانية مختلفة، يمثل العداء للعرب والمسلمين قاسما مشتركا بينهم. ونقل التقرير عن أحد أعضاء الحركة المشاركين في تظاهراتها قوله بأن الحركة «تمثل الأغلبية الصامتة ولها إمكانيات هائلة في مختلف أنحاء ألمانيا وأوروبا».