تحولت صفحات عشاق فريقي الوداد والرجاء على شبكات التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة إلى ما يشبه الحرب بين من يدعي أن الفريق «الأحمر» أفلت في موسم 1972-1973 من النزول إلى القسم الثاني بسبب تخلف المغرب الفاسي عن السفر إلى الدارالبيضاء رأفة بالوداد واختلاق قصة حافلة «الماص» التي تعرضت لعطب حال دون قدومها إلى البيضاء، وبين من يردد بأن الرجاء انسحب من مباراة «ديربي» سنة 1978 بعد أن كان متأخرا بثلاثة أهداف لصفر في الشوط الأول. في ظل عدم وجود كتب وصور ومقاطع فيديو تؤرخ لمثل هذه الأحداث والمحطات البارزة في تاريخ كرة القدم المغربية، فإن الكثير من الأشخاص يعمدون إلى اختلاق حكايات من نسج خيالهم، والمؤسف أن بعض المسيرين يزكون مثل هذه الأكاذيب ويغذون الأحقاد بين جماهير الوداد والرجاء. من حسن الحظ أن عددا من اللاعبين الذين مارسوا في البطولة الوطنية خلال السبعينات ما يزالون على قيد الحياة، ولولا شهاداتهم وتصريحاتهم لظلت الأجيال الحالية التي تملأ المدرجات تردد خرافات لا أساس لها من الصحة. لم يكن أحد يتوقع أن تعود الصحافة الرياضية في 2015 إلى تفاصيل ما دار في الدورة الأخيرة من موسم 1972-1973 واعتذار المغرب الفاسي عن مواجهة الوداد بملعب الأب جيكو، وكان الوداد حينها في مراكز متأخرة، لكنه لم يكن مهددا بشكل مباشر بالنزول إلى القسم الثاني. السبب في العودة 42 سنة إلى الوراء كان هو الأغنية التي ظل يرددها جمهور الرجاء هذا الموسم «سقسيو البطة علاش الكار ماجاش من فاس؟»، وما أثاره ذلك من جدل كبير ومن ردود أفعال. حميد الهزار، حارس المغرب الفاسي والمنتخب الوطني في تلك الفترة، قطع الشك باليقين عندما أكد ببساطة بأن «الماص» لم يكن يتوفر على حافلة حتى تتعرض إلى عطب وتتخلف عن رحلة الدارالبيضاء، وأوضح شأنه شأن رئيس الفريق آنذاك بنزاكور، بأن المغرب الفاسي اعتذر عن مواجهة الوداد برسم آخر دورة من البطولة وراسل الجامعة أسبوعا قبل ذلك بعد أحداث مؤسفة شهدتها مباراة «الماص» بسيدي قاسم والتي انتهت متعادلة وسط احتجاج كبير من الفاسيين على الحكم الذي تأثر بحسب المغرب الفاسي بجمهور ومسؤولي الاتحاد القاسمي الذي كان مهددا بالنزول، وبالتالي ضاع اللقب على «الماص» وعاد للنادي القنيطري. بعد أن اتضحت الصورة بخصوص القصة الخيالية لحافلة فاس، نمر إلى ديربي 1978 بين الوداد والرجاء، والذي لم يكتمل بسبب انسحاب لاعبي الرجاء قبل نهاية الشوط الأول، احتجاجا على ضربة جزاء منحها الحكم للفريق «الأحمر». بعض عشاق الوداد يرددون بأن فريقهم كان متقدما بثلاثة أهداف لصفر قبل إعلان ضربة الجزاء، لكن الحقيقة هي أن الوداد كان فائزا بهدف وحيد، وحصل على ضربة جزاء في الدقيقة 44 مع طرد الحارس مخلص وعدم وجود حارس احتياطي. تقدم الرجاوي السابق، الراحل «بيتشو» لتنفيذ ضربة الجزاء، وهو الأمر الذي أغضب الرجاويين أكثر، ليمنع محمد فاخر زميله عبد المجيد الظلمي من حراسة المرمى، وتم الانسحاب من أرضية ملعب الأب جيكو ونفذ بيتشو ضربة الجزاء في مرمى فارغة. عدم وجود أرشيف محترم في دواليب الإذاعة والتلفزيون وعدم وجود كتب كثيرة تؤرخ لأحداث كروية بارزة، يشجع أصحاب الخيال الواسع والخصب على اختلاق قصص بعيدة كل البعد عن الواقع.