تمر بعض مباريات الديربي البيضاوي بين الوداد والرجاء مرور الكرام، وتظل ديربيات أخرى راسخة في الأذهان، ليس حتما بسبب روعة الأداء الفرجوي على أرضية الملعب بل لما ميزها من أحداث تتجاوز حدود النزال الكروي الذي قد ينتهي بإعلان الحكم عن نهاية المباراة وقد يستمر في ردهات الجامعة والمحكمة. مع حصول المغرب على الاستقلال، التقى الوداد الذي كان يجر خلفه قاعدة جماهيرية كبيرة، فريق الرجاء الخارج من ثناياه في ما يشبه الحركات الانفصالية، انتهى أول ديربي بنتيجة غير متوقعة إذ انتصر الإبن على الوالد بهدف لصفر سجله مدافع الرجاء الريفي في مباراة كان يجلس في كرسي الخضر مدرب ودادي سبق أن لعب للفريق الأحمر وهو قاسم قاسمي الذي ساهم في كسر شوكة الحمر وأشعل فتيل «الثأر»، لكن الغريب في النازلة أن المدرب اختفى عن الأنظار وقطع صلته مع الرجاء ربما بسبب تهديدات من رفاق الأمس، قبل أن يأخذ مكانه الأب جيكو القادم من الوداد ويواصل معارك الديربي بعد أن أوفى بوعده وقسم قلب البيضاء إلى قسمين نصف أحمر ونصف أخضر. ومن أشهر الديربيات تلك المباراة التي احتضنها ملعب الأب جيكو، في نهاية السبعينات والتي شارك فيها لأول مرة اللاعب بيتشو ضد فريق الأصلي الرجاء، حيث ارتفع ضغط المباراة بعد احتساب الحكم لضربة جزاء لفائدة الوداد البيضاوي وطرد الحارس نجيب مخلص، في الوقت الذي كان فريق الرجاء منهزما بهدف لصفر، وحاول ظلمي التصدي لضربة جزاء إلا أن فورة الغضب انتهت بانسحاب الخضر من الملعب ليسدد الجزاء في مرمى فارغة. ووصل الشد العصبي بين الوداديين والرجاويين إلى أبعد مداه في مباراة الغريمين التقليديين سنة 1997 في إطار منافسات كأس العرش، حيث اضطر رئيس الوداد أبو بكر اجضاهيم لإشعار مسدسه في وجه حارس أمن منعه من النزول إلى الملعب، ومن تداعيات هذا الاقتحام أصدرت جامعة كرة القدم قرارا بتوقيف بوبكر الذي كان يشغل منصب والي الأمن. وفي سنة 1999 ستشهد مباريات الديربي اندلاع حرب اللوحات الإشهارية بين فريق الوداد ومؤسسة «نيو بيبليستي» لمالكها كمال لحلو، في وقت لم يكن فيه ذكر للسبونسورينغ، إذ أقدم مسؤولو فريق الوداد بإيعاز من الدوبلالي بنزع اللوحات الإشهارية من محيط الملعب، بدعوى أن مؤسسة «نيو بيبليستي» لم تحصل على الترخيص من فريق الوداد، في الوقت الذي ظل فيه لحلو يؤكد أنه يتوفر على ترخيص من المجموعة الحضرية للبيضاء. فتح هذا المشكل نقاشا واسعا بخصوص استغلال محيط الملعب، وتضامن فريق الرجاء مع غريمه التقليدي من خلال عقد ندوة صحفية مشتركة انضمت إليها فعاليات رياضية كمحمد مجيد . شكلت هذه المحطة انعطافة حقيقية في مجال الإشهار والتسويق بالنسبة للأندية المغربية، إذ بات بمقدورها التعاقد مع أكثر من مستشهر والاستفادة من مداخيل اللوحات الإشهارية، بعدما كانت مؤسسة «نيو بيبليستي» صاحبة التسويق الحصري لمباريات الكرة، دون الحاجة لرأي الفرق التي تصنع الفرجة وتجلب الجمهور. وتحول انتصار الوداد في ديربي سنة 2000 إلى خسارة، ولم يعد لثلاثية الوداد أي طعم بعد أن قرر أوسكار إشراك اللاعب أيت العريف في الأنفاس الأخيرة من المواجهة وهو التغيير الذي أدى الوداد ثمنه غاليا بخسارة بالقلم، لأن اللاعب كان يتوفر على رخصتين واحدة مع الوداد وأخرى مع نجم الشباب البيضاوي. ويظل ديربي 2001 الأكثر حضورا عندما كان فريقا الرجاء والوداد لأنه شهد حادثة وفاة مدافع الوداد يوسف بلخوجة الذي توقف نبضه في الدقائق الأولى من مباراة برسم منافسات كأس العرش، نقل اللاعب على عجل إلى مصحة «المغرب العربي» غير بعيد عن الملعب، لكن الموت داهمه، قبل أن يدفن جثمانه في القنيطرة في جنازة حاشدة شارك فيها الوداديون والرجاوييون. في مباراة برسم إياب موسم 2005-2006 كان الفريق الأحمر في طريقه نحو اللقب ويحتاج لنقطة من لقاءه بالغريم التقليدي الرجاء الذي تقدم في النتيجة بضربة جزاء نفذها عبد اللطيف جريندو، قلب العميد هشام اللويسي الموازين ومنح فريقه انتصارا حوله إلى بطل، وجعل الصحف تصف هدفه بتسونامي لأنه أجهز على أحلام الخضر. ومن أشهر الديربيات ديربي تم إجراؤه بليبيا سنة 2003، في إطار دوري الصقر الوحيد وانتهى بالتعادل، ناهيك عن ديربيات في العاصمة، فيما أجهض ديربي كان على وشك الاغتراب إلى فرنسا.