ترأس الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أمس للمرة الاولى اجتماعا للحكومة كرئيس للدولة في خطوة رأت فيها المعارضة مؤشرا اضافيا الى تزايد تسلط حكمه. وفاز اردوغان بالرئاسة في انتخابات غشت بعد توليه رئاسة الوزراء لأكثر من عقد. وترأس اجتماع مجلس الوزراء في قصره الرئاسي الضخم المثير للجدل في ضواحي انقره. ويحق للرئيس بموجب الدستور ترؤس جلسات حكومية التي يرأسها بالعادة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو. غير أن سلفي اردوغان في منصب الرئاسة احمد نجدت سيزير وعبد الله غول لعبا دورا شكليا بشكل عام ولم يترأسا أي جلسة حكومية. وكان آخر رئيس قام بذلك سليمان ديميريل الذي حكم البلاد منذ 1993 الى 2000. وسيكون اردوغان الرئيس السادس في تاريخ الجمهورية التركية الحديثة التي تأسست في 1923 الذي يترأس جلسة للحكومة. في اثناء ترؤسه للحكومة لاكثر من عقد من 2003 الى 2014 ادخل اردوغان تغييرات كبيرة على البلاد ولقي اشادة لتسريعه التنمية والتطوير وكذلك اتهامات بفرض الاسلمة والتسلط على ديموقراطية البلاد العلمانية. وشكلت انتخابات غشت المرة الاولى التي ينتخب فيها رئيس تركي مباشرة من الناخبين. واكد اردوغان انه بات لديه تفويض شعبي ليكون قائدا فاعلا وقويا. وكان الرؤساء الاتراك في السنوات الاخيرة يلعبون ادوارا شكلية ويكتفون بالاشراف على الامور فيما كان رئيس الوزراء والبرلمان اصحاب السلطة. الا ان اردوغان اجرى بعد ستة اشهر بالكاد في المنصب، تعديلات جعلت الرئيس الرجل الاول في البلاد في جميع القضايا الرئيسية، بما في ذلك السياسة الخارجية. غير ان المعارضة اتهمت اردوغان بالتصرف باستبداد متزايد وبتشكيل «حكومة ظل» خاصة به تتمتع بسلطات تنافس سلطة الوزراء. وياتي اجتماع الاثنين مع بدء عام جديد لتركيا التي تجري في حزيران/يونيو انتخابات تشريعية يسعى فيها الحزب الحاكم العدالة والتنمية الى اكثرية واسعة من اجل صياغة دستور جديد يرسخ سلطات اردوغان كرئيس. ويؤكد المعارضون ان الحريات المدنية والاعلامية شهدت تدهورا اضافيا في تركيا في عهد اردوغان منذ ستة اشهر التي طبعتها حملة كاسحة على انصار عدوه اللدود الداعية الاسلامي فتح الله غولن المقيم في الولاياتالمتحدة. كما يشكو الفنانون من ازدياد ضغوط السلطة الاسلامية المحافظة التي تمثلت حتى الان بسحب بعض من روائع احد الموسيقيين من جدول الاوركسترا الرئاسية وتطهير نص مسرحي من إيحاءاته الجنسية وصدور قانون يتعلق بالتمويل الرسمي للثقافة... واحتل الموسيقي المعروف عالميا فاضل ساي عناوين وسائل الاعلام التركية، لدى محاكمته بسبب مجموعة من التغريدات الغاضبة التي سخر فيها من الاسلام. كما اثار الحكم عليه بالسجن عشرة اشهر مع وقف النفاذ لادانته «باهانة القيم الدينية» احتجاجات شملت كل انحاء العالم. واثار رجب طيب اردوغان الاستغراب بتصريحات بدت اكثر غرابة على غرار التاكيد ان المسلمين اكتشفوا اميركا قبل كريستوف كولمبوس وان النساء لسن متساويات مع الرجال. وما يرمز الى ترويج اردوغان لرئاسة قوية هو القصر الرئاسي الشاسع الذي افتتح في العام الفائت، اذ ان الرئيس اكد انه يحتاج اليه كرمز «لتركياالجديدة» القوية، فيما يعتبر المعارضون انه مؤشر جديد على تسلطه المتزايد. وكان الرؤساء السابقون منذ مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال يعملون في قصر جانكايا الاكثر تواضعا في وسط انقرة. ويتألف القصر الجديد من 1150 غرفة وكلف بناؤه حوالى 490 مليون أورو (615 مليون دولار).