ما كشف عنه عزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل، بخصوص اعتماد نظام التكييف والتصنيف الخاص بالمقاولات التي تستفيد من صفقات الوزارة هو، في نظرنا، قرار شجاع لا يسعنا إلا التصفيق له بحرارة، خاصة وأنه يهدف إلى القطع مع عهد استفادة الشركات المحظوظة، التي توجد على الأوراق فقط، من الصفقات العمومية.. وفي اعتقادنا، فإن قرارا بهذه الشجاعة -وإن كان سيصطدم لا محالة برفض بعض اللوبيات والجهات التي ألفت الاستفادة من الكعكة- كان لا بد من إصداره وتفعيله لأن من شأنه أن يحقق مبدأ أساسيا نص عليه دستور المملكة الأخير، ألا وهو ضمان تكافؤ الفرص والمساواة بين جميع المغاربة. الرباح طالب مسؤولي المؤسسات العمومية، أيضا، خلال افتتاح أشغال يوم إعلامي حول صفقات البناء والأشغال العمومية، بمنح الأفضلية للشركات الوطنية وإحاطتها بالعناية، مستشهدا بنماذج بعض الدول التي تصل فيها نسبة الأفضلية الممنوحة للشركات الوطنية إلى ما بين 30 و60 في المائة، وهذا أيضا يحسب للوزير لأن الوقت حان لفسح المجال أمام الكفاءات الوطنية وتقييم ما نمتلكه من خبرة، وأيضا لفك الارتباط مع الشركات الأجنبية التي تبيعنا «خبرتها» بكلفة باهظة.. ما أقدم عليه الرباح هو، بالتأكيد، ترجمة لشعار رفعته الحكومة غداة تنصيبها -وما تزال- ويتعلق بضرورة ترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة في كل ما يتعلق بأوجه صرف المال العام. ونعتقد أن قرار وزارة التجهيز والنقل طرح المئات من الصفقات دفعة واحدة بمبلغ 34 مليار درهم يمضي في هذا الاتجاه، طالما أن العملية ستتم بحضور الشركات المهتمة والفيدراليات المهنية ومكاتب الدراسات، وأيضا بحضور مدراء المؤسسات العمومية المعنية؛ ولعلها مناسبة لباقي وزراء الحكومة الحالية ليحذوا الحذو نفسه، وهذه فرصتهم لإنهاء عهد «المال السايب الذي يعلم السرقة»..