تحولت جنازة شاب، توفي غرقا في بركة مائية شيدتها السلطات المحلية بالقنيطرة لاحتضان مياه الأمطار التي تغرق منطقة «أولاد امبارك» عند حلول كل فصل شتاء، إلى مظاهرة صاخبة، أول أمس، للتنديد بما أسموه استهتارا خطيرا بأرواح المواطنين. واشتعل فتيل الاحتجاج في صفوف أبناء المنطقة، مباشرة بعدما ووري جثمان الضحية سفيان المؤدن، 18 سنة، الثرى، بمقبرة المدينة، حيث خرجت مسيرة حاشدة، حملت اسم «مسيرة الشهيد»، شارك فيها المئات من الشباب والنساء والشيوخ، قرروا جميعهم الانتقال إلى القصر الملكي بالرباط، مشيا على الأقدام، للاحتجاج على تقصير المسؤولين المحليين وتورطهم في حادث مصرع الشاب سفيان غرقا في «بركة» سلطة المدينة. ولم يجد كبار مسؤولي عاصمة الغرب بدا من طلب تعزيزات أمنية فورية، لمحاصرة المواطنين، الذين كانوا في حالة غضب وهيجان شديدين، حيث هرعت مختلف الوحدات الأمنية للتدخل إلى مسرح الأحداث، وقامت عناصرها بفرض طوق أمني على المسيرة حين وصولها إلى الطريق الوطنية الرئيسية، الرابطة بين القنيطرة وعاصمة المملكة. ورفع المتظاهرون صور الهالك ولافتات تدين مصرعه، كما رددوا شعارات تندد بهذه الوفاة، من قبيل «الشعب يريد حقوق الشهيد» و»هذا عار هذا عار..ولادنا في خطر»، معلنين إصرارهم على مواصلة احتجاجهم إلى حين فتح تحقيق في وفاة ابن منطقتهم، وتحديد المسؤوليات، وتقديم كل من ثبت تقصيره وإهماله للقضاء مهما كانت رتبته ومنصبه، ملحين في الوقت نفسه على ضرورة إنهاء معاناتهم مع السكن العشوائي، وتسريع عملية الاستفادة من برنامج القنيطرة بدون صفيح. ونالت زينب العدوي، والي جهة الغرب الشراردة بني احسن، النصيب الأكبر من انتقادات المحتجين، الذين حملوها المسؤولية الكاملة في ما وقع، باعتبارها مصدر التعليمات التي كانت وراء إحداث حفرة كبيرة وعميقة لاستيعاب السيول التي يتم شفطها من أزقة المنطقة الصفيحية ل«أولاد امبارك» المحاصرة بمياه الأمطار، بسبب افتقادها للبنيات التحتية الضرورية، ولم تخمد الاحتجاجات، إلا بعدما قدم باشا المدينة وعودا للمتظاهرين بفتح حوار جدي حول ملفهم المطلبي. وقال هشام مداحي، رئيس جمعية «دار الكرم»، التي تنشط في الحي المذكور، في تصريح ل»المساء»، «إننا نحمل مسؤولية وفاة سفيان للوالي العدوي، التي أعطت تعليماتها بتجفيف مياه الأمطار التي فاضت على دوار الحنشة دون أدنى تتبع أو مراقبة لمكان إفراغ تلك المياه، بالإضافة إلى عدم توفير شروط السلامة بمحيط البركة المائية، التي ظلت عارية بدون سياج منذ استحداثها».