أمرت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، مساء الجمعة المنصرم، باعتقال 10 من رجال الدرك، يشتبه في ضلوعهم في عمليات ارتشاء وابتزاز واستغلال النفوذ والإخلال بالواجب المهني، تم توثيقها في تسجيلات بالصوت والصورة. وقالت المصادر إن الوكيل العام للملك، قرر إيداع الدركيين المعتقلين السجن المدني بالقنيطرة، حيث سيخضعون لتدابير الاعتقال الاحتياطي، في انتظار الشروع في محاكمتهم بالتهم المنسوبة إليهم. وأحال المركز القضائي التابع للقيادة الجهوية للدرك بالقنيطرة، المشتبه فيهم العشرة، في اليوم نفسه، على ممثل الحق العام، بعدما أنهى تحقيقاته في هذه القضية، التي فجرها «قناص»، يعمل كمساعد سائق لحافلة لنقل المسافرين، قام، سرا، بتسجيل فيديو يرصد تسلم الدركيين المشتبه فيهم مبالغ مالية كرشوة. وحسب المصادر، فإن نتائج الخبرة، التي أجراها مختبر الأبحاث والتحليلات التقنية والعلمية للدرك الملكي على التسجيلات الصوتية وأشرطة الفيديو التي وثقت لمختلف عمليات الرشوة التي تورط فيها الدركيون المعتقلون، أكدت صحة محتوى تلك الفيديوهات وخلوها من أي تحريف. ويواجه الأظناء، بعد صدور أحكام نهائية في حقهم، قرارات تأديبية، تقضي بتجريدهم من سلاحهم الوظيفي وزيهم الرسمي والتشطيب عليهم بصفة نهائية من صفوف الدرك، في حال ثبوت ارتكابهم مخالفات مهنية جسيمة بمناسبة مباشرة مهامهم اليومية. وانطلقت وقائع هذه القضية، الشهر الفائت، حينما كانت لجنة تفتيش تابعة للمفتشية العامة بالقيادة العليا للدرك الملكي، بصدد إجراء تفتيش روتيني، حجزت على إثره حاسوب أحد الدركيين، لتكتشف بعد افتحاصه تضمنه لفيديوهات توثق بالصوت والصورة لعمليات إرشاء مجموعة من الدركيين أثناء وجودهم بسدود قضائية منصوبة عند مداخل عدة مدن مغربية. وبناء على هذه المعطيات، باشر المفتشون تحرياتهم الأولية، التي كشفت أن الدركي، صاحب جهاز الكمبيوتر، متورط أيضا في قضية رشوة، وأن من قام بتصويره، هو وباقي زملائه، أرسل له تلك التسجيلات، قصد ابتزازه ماليا، بعدما هدده بتسريب تلك الأشرطة إلى مسؤوليه في حال عدم الخضوع لطلباته المادية. وتعميقا للبحث، تمكن المحققون من الاهتداء إلى هوية قناص الدركيين، ويتعلق الأمر بشاب يعمل «كريسونا» بحافلة لنقل المسافرين تستغل الخط الرابط بين تطوان والدار البيضاء، ويحمل لقب «الوحش»، عمد إلى إخفاء كاميرا متطورة داخل ملابسه بشكل محكم، ثم شرع في تصوير المشتبه فيهم أثناء تلقيهم رشاوى بالعديد من نقط المراقبة، قبل أن يقرر ابتزازهم للحصول على مبالغ مالية مقابل عدم إفشاء ذلك لمسؤوليهم. وبينت الأبحاث التي قامت بها عناصر المركز القضائي، أن القناص، كان يتسلم الأموال التي يجنيها من ابتزاز الدركيين المتورطين، عن طريق وكالة لتحويل الأموال، وهو ما دفع الضابطة القضائية إلى مصادرة كافة البيانات والوثائق المتعلقة بكافة التحويلات التي تمت بين القناص وضحاياه من الدركيين.