المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تشكل المجالس العليا «حكومة ظل» حقيقية!
تظل تقاريرها سيفا مسلطا على رقبة وافتقادها للسلطة التقريرية يثير علامات استفهام حول دورها
نشر في المساء يوم 05 - 01 - 2015

بأية خلفية ظل المغرب يراكم إنشاء عدد من المجالس العليا والهيئات الاستشارية التي تشتغل إلى جانب الحكومة، وأحيانا ضد توجهاتها؟
وهل نجحت كل هذه المجالس والهيئات التي أسستها الدولة منذ سنوات، في كل المهام التي أنيطت بها، أم أن عملها اتسم بالضعف بسبب عدم استقلاليتها المالية والرمزية؟
وكيف تتحول بعض هذه المجالس إلى ما يشبه حكومة ظل هي التي تفرض السياسة التي يجب تطبيقها في التعليم مثلا، أو في الاقتصاد والبيئة. وفي مجال حقوق الإنسان أيضا؟
البعض يعتبر الأمر ضروريا، كما هو معمول به في عدد من البلدان ذات التاريخ الديمقراطي، لمد الجسور بين ما يعرفه المجتمع من خلال جمعياته وهيئاته، وبين ما تفكر به الحكومة كسلطة تقريرية، من أجل فتح قنوات التواصل مع المجتمع.
والكثيرون يرون في هذه المجالس، خصوصا حينما نكتشف أنها تمتد لتشغل كل المجالات من الاقتصاد الى البيئة والمجتمع والتعليم، مؤسسات ولدت بخلفية التحكم في كل القضايا المجتمعية. لذلك كثيرا ما شكلت هذه المجالس موضوع خلاف بين مكوناتها وبين الحكومة التي تضطر للاستماع لتوصيات هذه المجالس وإرشاداتها، أكثر من الاستماع لبرنامجها، الذي تعاقدت بموجبه مع الناخبين.
أي أن اتساع ظاهرة تناسل اللجان الاستشارية والمجالس العليا،أصبح يطرح عدة أسئلة من قبيل، هل هاته اللجان الاستشارية تكرس الديمقراطية، أم أنها تتعارض مع ضرورة توسيع أدوار الحكومة في تدبير الشأن العام؟
لقد تعددت المجالس والهيئات، التي مارست وتمارس مهامها بتعدد الحاجة لذلك. وكثيرا ما ارتبط ميلاد هذا المجلس أو ذاك بشروط خاصة أملتها الظروف. ومن ذلك مثلا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي تأسس في 1990 لتصفية الأجواء السياسية التي كانت غيومها ملبدة في سماء مملكة الحسن الثاني، الذي كان يستعد لدخول تجربة التناوب التي سيقودها الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي، قبل أن يتطور اليوم ويصبح مجلسا وطنيا لحقوق الإنسان. والمجلس الوطني للشباب والمستقبل، الذي تأسس في 1991. والمجلس الوطني لمتابعة الحوار الاجتماعي، وغيرها من المجالس. غير أن عملية تقييم جل هذه المجالس، تكشف كيف أنها لم تكن فاعلة كما تمناها المغاربة. بل إنها كانت في مجملها، شكلية وصورية، ولم تحقق الأهداف التي وجدت من أجلها. زد على ذلك أنها تشمل جل المجالات. ففي المجال الحقوقي يوجد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي ناب عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وفي المجال الثقافي، أسست الدولة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بعد أن اتضح لها تنامي المطالبة بالاهتمام بالثقافة والتراث الأمازيغيين,. حيث ساهم السياق السياسي الخاص، في التعجيل بإخراجه إلى حيز الوجود بسبب مجموعة من العوامل التي تداخل فيها ماهو محلي بماهو إقليمي, وماهو ذاتي بماهو موضوعي. ويحدد عدد من المهتمين بالشأن الثقافي الأمازيغي هاته العوامل في تصاعد المد الثقافي الأمازيغي، وكذا التصعيد الذي شهدته الساحة الأمازيغية في بعض دول الجوار، وبروز المطالب الثقافية واللغوية إلى الواجهة.
أما سياسيا، فقد أسست الدولة المجلس الملكي للشؤون الصحراوية للاهتمام بقضايا الأقاليم الجنوبية، نظرا لطبيعتها الخاصة باعتبارها تعني القضية الوطنية الأولى. وهكذا فقد تحكم في ميلاد المجلس الملكي للشؤون الصحراوية، معطى خلق وسطاء بين المركز والقبائل الصحراوية. أما في الميدان الاقتصادي، فقد تأسس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لينوب عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي. بالإضافة إلى مجلس المنافسة، وديوان المظالم، والمجلس الأعلى للتعليم، والمجلس الأعلى للوظيفة العمومية، وغيرها.
إن أولى الملاحظات التي يرى المتتبعون أنها لا تزال تعرقل عمل هذه المجالس، ولا تجعلها غير قادرة على النجاح في مهامها، التي يفترض ألا تتجاوز ما هو استشاري، هو تعدد مجالات اشتغالها، رغم أنها هيئات تفتقد للسلطة التقريرية، ولا تتمتع بالاستقلالية المالية والإدارية في إدارة شؤونها. كما أن رؤساء هذه المجالس والهيئات الاستشارية، يتم تعيينهم لإدارتها، بدلا من أن ينتخبوا من قبل المشتغلين في القطاع. ولعل هذا الوضع هو الذي يجعلها، إلى جانب أسباب أخرى، غير قادرة على النجاح في المهام التي توكل إليها.
لا بد من التذكير هنا بأن تجربة المجالس الاستشارية، ليست فكرة مغربية, بل إنها متواجدة في عدد من الدول التي آمنت بفكرة الديمقراطية التشاركية، والحوار العمومي حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية، من أجل جعل النقاش داخل المؤسسات، وليس خارجها في أفق أن تتحقق ثقافة الاستشارة.
ولذلك نجحت هذه المجالس الاستشارية في لعب أدوار مهمة في عدد من الدول، فقط لأن لديها، مؤسسات رسمية ناجحة يحكمها عمل مؤسسي رفيع المستوى في ظل تطبيق معايير المساءلة والمحاسبة والشفافية عليها. كما يطبق فيها مبدأ تكافؤ الفرص بين مواطنيها. ومن ثم فإن المجالس الاستشارية والمؤسسات الرسمية في الدول المتقدمة اقتصاديا، تكمل بعضها البعض في ميدان دفع العمل العام نحو تحقيق مزيد من النجاح. لكن في ظل ضعف الحكومة والبرلمان، فإن دور المجالس الاستشارية يبقى محدودا. وبالتالي لكي يكون دور المؤسسة الاستشارية فاعلا، ينبغي أن يكون دور المؤسسات التشريعية والحكومية فاعلا أيضا.
زد على ذلك أن السلطة التنفيذية، في إطار الروح الليبرالية التي أضحت سائدة في عدد من المجتمعات، أضحت تفوض قسطا من مهامها إلى بعض التقنيين إما قطاعيا أو وطنيا. لكن هذه المؤسسات هي جزء من السلطة التنفيذية، ولا يمكن أن تنوب عنها أو تشتغل ضد توجهاتها.
وهو ما يعني «ديمقراطية جديدة» يراد من خلالها تجاوز سلبيات ديمقراطية الحوار العمومي، من خلال إشراك المجتمع المدني، وعدم حصر القرار السياسي في المؤسسات التمثيلية.
متى تصل المجالس العليا والهيئات الاستشارية في المغرب إلى هذا المستوى لتكون بالقوة والفعل مؤسسات تحمل معها فائض القيمة الذي أسست من أجله، وأن تشتغل في خط متواز مع السلطة التنفيذية وليس ضددها إلى درجة أن بعض هذه المجالس والهيئات، كاد أن يتحول إلى حكومة ظل حقيقية تنوب عن الحكومة الفعلية التي حملتها صناديق الاقتراع.
المؤسسة التي نابت عن الحكومة في ملف التقاعد
المجلس الاقتصادي والاجتماعي..
لم ينتبه المغاربة كثيرا لمؤسسة اسمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلا حينما وصلها ملف التقاعد الذي أحاله عبد الإله بنكيران عليها للنظر فيه، بدلا من أن يحيله على النقابات التي يعنيها أكثر.
ووجد الكثيرون أنفسهم أمام مؤسسة تجتهد في اقتراح الحلول التي رأت أنها موضوعية لإصلاح ملف شائك اسمه التقاعد. وهي الحلول التي يبدو أن لا الحكومة ولا النقابات اقتنعت بها. والحصيلة هي أن ملف التقاعد، الذي انطلق حاميا، عاد اليوم لكي يدخل ثلاجة الحكومة.
غير أن الدور المنوط بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي أحدث كهيئة بهذا الاسم من قبل دستور 1992. وسيتم تعزيزه في الدساتير الموالية لهذا الأخير، يتجاوز هذه الحدود ليشمل كل القضايا ذات الصلة بكل ما هو اجتماعي واقتصادي وبيئي أيضا.
لقد عزز الدستور الجديد، المصادق عليه في سنة 2011، دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مضيفا الميدان البيئي ضمن صلاحياته.
ويعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ثمرة مسلسل واسع انطلق منذ عقود وتمثل في إحداث عدة هيئات استشارية.
وقد اضطلع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بمهام استشارية لدى الحكومة ومجلسي النواب والمستشارين.
كما ظل يعهد إليه، على الخصوص، القيام بالإدلاء برأيه في التوجهات العامة للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة, وفي جميع القضايا الأخرى ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المتعلقة بالجهوية المتقدمة. وتحليل الظرفية وتتبع السياسات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والجهوية والدولية وانعكاساتها؛ وتقديم اقتراحات في مختلف الميادين المرتبطة بالأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛ وتيسير وتدعيم التشاور والتعاون بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين، والمساهمة في بلورة ميثاق اجتماعي؛ وإنجاز الدراسات والأبحاث في الميادين المرتبطة بممارسة صلاحياته.
وباستثناء مشاريع قوانين المالية، للحكومة ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين، كل في ما يخصه، أن يستشير المجلس، حول مشاريع ومقترحات القوانين التي تضع إطارا للأهداف الأساسية للدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛ والمشاريع المرتبطة بالاختيارات الكبرى للتنمية ومشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسة العامة للدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. كما يمكن للحكومة ومجلس النواب ومجلس المستشارين استشارة المجلس بخصوص مشاريع ومقترحات القوانين ذات طابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ولاسيما الرامية منها إلى تنظيم العلاقات بين الأجراء والمشغلين وإلى سن أنظمة للتغطية الاجتماعية، وكذا كل ما له علاقة بسياسة عمومية ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو بيئي.
كما يجب على المجلس أن يدلي برأيه بخصوص المشاريع والمقترحات والقضايا المحالة إليه خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، تسري ابتداء من تاريخ توصله بها.
وتقلص هذه المدة إلى عشرين يوما، إذا أثيرت حالة الاستعجال ودواعيها في رسالة الإحالة الموجهة إليه من قبل الحكومة أو من لدن أحد مجلسي البرلمان.
ويمكن للمجلس، بصفة استثنائية، أن يطلب تمديد الأجلين المذكورين مع بيان الأسباب الموجبة، إذا تعذر عليه الإدلاء بالاستشارة المطلوبة خلالهما، على أن لا يتجاوز التمديد نصف المدة الأصلية.
وفي حالة عدم الإدلاء برأيه في الآجال المشار إليها، تعتبر المشاريع والمقترحات والقضايا المحالة إليه، غير مثيرة لأي ملاحظات لديه.
وللمجلس أن يقوم، من تلقاء نفسه، بالإدلاء بآراء أو تقديم اقتراحات أو إنجاز دراسات أو أبحاث في مجالات اختصاصه، على أن يخبر الحكومة ومجلسي البرلمان بذلك.
ومن بين مهام المجلس كذلك، تحليل الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والجهوية والدولية وانعكاساتها.
ولهذا الغرض، تم وضع لجنة دائمة تتولى تحليل الظرفية الاقتصادية والاجتماعية وتتبع السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير المعطيات والبيانات المتعلقة بمجالات اختصاص المجلس، ولاسيما عن طريق إعداد بنوك للمعطيات والسهر على تحيينها.
كما يعهد للمجلس إعداد الدراسات والأبحاث في الميادين المرتبطة بممارسة صلاحياته.
ويمكن إنجاز هذه الدراسات والأبحاث بطلب من الحكومة أو من مجلس النواب أو من مجلس المستشارين أو من تلقاء نفسه.
أخيرا، يرفع رئيس المجلس إلى الملك تقريرا سنويا حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للبلاد وكذا حول أنشطة المجلس.
ويتضمن التقرير السنويالحالة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وحصيلة أنشطة المجلس، الذي تعده مجموعة العمل المكلفة بذلك، في جزأين، يتضمن الجزء الأول تشخيصا وتحليلا وتقييما للحالة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد استنادا إلى المعطيات والمؤشرات المتعلقة بالحالة المذكورة خلال السنة التي يشملها التقرير مقارنة بمعطيات ومؤشرات السنة أو السنوات المنصرمة.
‌ويتضمن الجزء الثاني المعطيات الإجمالية والتفصيلية حول الحصيلة السنوية لأنشطة المجلس ومنجزاته. وتعتمد السنة المدنية كأساس لإعداد التقرير المذكور .
ويبدو من خلال كل هذه المعطيات وهذه المهام الموكولة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أنها نفس المهام التي يتقاسمها عدد من وزراء الحكومة. فهل يجب أن يتوقف عمل الحكومة في انتظار المهام التي وجب أن يقوم بها المجلس؟
إنه السؤال الذي لا يخفيه الكثيرون بالنظر إلى كل هذه المهام التي يضطلع بها مجلس غير منتخب، ولا سلطة له.
الهيئة التي أسستها الدولة لتليمع صورتها والقطع مع ممارسات الماضي
المجلس الوطني لحقوق الإنسان..
قبيل ميلاد حكومة التناوب، التي أراد الحسن الثاني أن يخلص بها مملكته من السكتة القلبية، كان لا بد من الإقدام على خطوة على غاية كبيرة من الأهمية وهي فتح ملف حقوق الإنسان، في مغرب لم يكن الملك الراحل يؤمن بأنها حقوق مضطهدة، رغم كل ما قيل عن سنوات الرصاص التي عاشتها المملكة. لذلك تأسس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سنة 1990، ثماني سنوات قبل التناوب. وهو المجلس الذي ساهم في إصلاح بعض الأخطاء التي ارتبطت بملف حساس اسمه حقوق الإنسان.
أما اليوم، فيجسد إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان التزام المملكة المغربية بحماية حقوق المواطنين وحرياتهم وتشبثها باحترام التزاماتها الدولية فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها.
وقد جاء إحداث المؤسسة لتكريس مسلسل تعزيز دولة الحق والقانون والمؤسسات، وليحل محل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي تم إنشاؤه في ظل التحول السياسي الذي شهده المغرب سنة 1990، ليكون إحدى المؤسسات الرئيسية المساهمة في عملية الانتقال الديمقراطي بالمملكة، خاصة في مجال تسوية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بعد إعادة تنظيمه سنة 2002.
وباعتبار الإنجازات التي حققها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في مجال تعزيز الحقوق والحريات وتسوية ماضي الانتهاكات وتحقيق الأهداف الإستراتيجية للتجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، ومن أجل تعزيز عمل والارتقاء بمهنية المجلس وتعزيز استقلاليته وضمان أن يكون جزءا من دينامية الجهوية المتقدمة، تم إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة وطنية لحماية حقوق الإنسان والحريات بالمغرب تتوافق نصوصها التنظيمية ومبادئ باريس الناظمة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. ويتوفر المجلس الوطني على اختصاصات أوسع، سواء على المستوى الوطني أو الجهوي، الشيء الذي يضمن للمجلس مزيدا من الاستقلالية والتأثير في مجال حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها.
ومن بين اختصاصات المجلس، في مجال حماية حقوق الإنسان، رصد الانتهاكات، مع إمكانية إجراء التحقيقات والتحريات اللازمة وإعداد تقارير تتضمن خلاصات ونتائج الرصد والتحقيقات ورفعها إلى الجهات المختصة مشفوعة بتوصيات لمعالجة الانتهاكات التي تم رصدها؛ وتلقي الشكايات ودراستها ومعالجتها وتتبعها وتقديم توصيات بشأنها وإحالتها عند الاقتضاء إلى الجهات المختصة وإخبار المشتكين المعنيين بذلك؛ والتدخل بكيفية استباقية وعاجلة كلما تعلق الأمر بحالة من حالات التوتر التي قد تفضي إلى انتهاك حق من حقوق الإنسان بصفة فردية أو جماعية، في إطار المهام المسندة إليه، وبتنسيق مع السلطات العمومية المعنية، والمساهمة في تفعيل الآليات المنصوص عليها في المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها؛ وزيارة أماكن الاعتقال والمؤسسات السجنية ومراكز حماية الأطفال وإعادة الإدماج والمؤسسات الاستشفائية الخاصة بمعالجة الأمراض العقلية والنفسية وأماكن الاحتفاظ بالأجانب في وضعية غير قانونية وإعداد تقارير عن الزيارات ورفعها إلى السلطات المختصة؛ وبحث ودراسة ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وبالقانون الدولي الإنساني ويقترح التوصيات التي يراها مناسبة في هذا الشأن ويرفعها إلى السلطات الحكومية المختصة؛ والمساهمة في إعداد التقارير التي تقدمها الحكومة لأجهزة المعاهدات؛ وتقديم المساعدة والمشورة إلى البرلمان والحكومة، بناء على طلبها، في مجال ملاءمة مشاريع ومقترحات القوانين مع المعاهدات الدولية.
وفي مجال النهوض بحقوق الإنسان، يقوم المجلس ببحث ودراسة ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية الوطنية مع مقتضيات المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني التي صادقت عليها المملكة، واقتراح التوصيات التي يراها المجلس مناسبة في هذا الشأن؛ والمساهمة، كلما اقتضت الضرورة، في إعداد التقارير التي تقدمها الحكومة لأجهزة المعاهدات والمؤسسات الدولية والإقليمية الأخرى المختصة؛ وتشجيع وحث كافة القطاعات الحكومية والسلطات العمومية المعنية على متابعة تنفيذ الملاحظات الختامية والتوصيات الصادرة عن أجهزة المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب؛ وتشجيع مواصلة مصادقة المملكة على المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ودراسة مشاريع المعاهدات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان وبالقانون الدولي الإنساني المحالة عليه من طرف الجهات المختصة؛ والمساهمة في النهوض بثقافة حقوق الإنسان وإشاعتها وترسيخ قيم المواطنة المسؤولة؛
والمساهمة في تنمية قدرات مختلف المصالح العمومية والجمعيات المعنية عن طريق التكوين والتكوين المستمر؛ والسهر على النهوض بمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والعمل على ترسيخها؛ ورفع تقارير سنوية عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب وحصيلة أنشطته وآفاق عمله وتقارير موضوعاتية مرتبطة بحقوق الإنسان. ويقدم رئيس المجلس أمام كل مجلس من مجلسي البرلمان في جلسة عامة ملخصا تركيبيا لمضامين التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان، كما يتم نشر هذا التقرير في الجريدة الرسمية.
في مجال إثراء الفكر والحوار حول حقوق الإنسان والديمقراطية، يسعى المجلس إلى تنظيم منتديات وطنية أو إقليمية أو دولية لحقوق الإنسان لإثراء الفكر والحوار حول قضايا حقوق الإنسان وتطوراتها وآفاقها؛
والمساهمة في تعزيز البناء الديمقراطي، من خلال النهوض بالحوار المجتمعي التعددي وتطوير كافة الوسائل والآليات المناسبة لذلك، بما فيها ملاحظة العمليات الانتخابية؛ والمساهمة في إحداث شبكات للتواصل والحوار بين المؤسسات الوطنية الأجنبية المماثلة والخبراء المشهود لهم في مجال حقوق الإنسان...قصد تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات في مجال حقوق الإنسان؛ وتشجيع وتحفيز المبادرات الهادفة إلى النهوض بالفكر الحقوقي والعمل الميداني والتنموي المتصل بحقوق الإنسان، وطنيا وإقليميا ودوليا؛ ومنح جائزة وطنية لحقوق الإنسان لكل شخص أو هيئة
مستحقة.
وعلاوة على ذلك، يتوفر المجلس على اختصاصات جهوية من خلال اللجان الجهوية لحقوق الإنسان عين رؤساؤها بموجب ظهير. وتسهر هذه اللجان الجهوية على رصد ومراقبة حالة حقوق الإنسان على الصعيد الجهوي، وتلقي وفحص الشكاوى والانتهاكات التي تعرض عليها وإعداد التقارير الخاصة أو الدورية حول التدابير المتخذة لمعالجة القضايا والشكاوى بالجهة. وتعمل هذه اللجان على ضمان تنفيذ برامج ومشاريع المجلس الوطني في مجال النهوض بحقوق الإنسان بالتعاون مع الفاعلين المحليين، وتساهم في تشجيع وتسهيل إنشاء مراصد جهوية لحقوق الإنسان التي تسهر على تتبع تطور حقوق الإنسان على الصعيد الجهوي.
ويتوفر المجلس الوطني على اختصاصات في مجال القانون الدولي الإنساني ويشرف، بالتنسيق مع السلطات المعنية، على تنسيق أنشطة مختلف الجهات المعنية، وتتبع تنفيذ المعاهدات الدولية التي صادقت عليها المملكة وانضمت إليها، والمساهمة في برامج التربية والتكوين والتوعية المرتبطة بذلك وتطوير علاقات تعاون وشراكة لتعزيز تبادل الخبرات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجميع الهيئات العاملة في مجال القانون الدولي الإنساني. وبالإضافة إلى ذلك، يتولى المجلس تنظيم منتديات وطنية وإقليمية ودولية لحقوق الإنسان لإثراء الفكر والحوار حول قضايا حقوق الإنسان وتطوراتها وآفاقها، كما يساهم في تعزيز البناء الديمقراطي من خلال النهوض بالحوار المجتمعي التعددي، وتطوير كافة الوسائل والآليات المناسبة لذلك، بما فيها ملاحظة العمليات الانتخابية.
هذا ويساهم المجلس في إحداث شبكات للتواصل والحوار، بين المؤسسات الوطنية والأجنبية المماثلة، وكذا بين الخبراء من ذوي الإسهامات الوازنة في مجالات حقوق الإنسان، قصد الإسهام في تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات في مجال حقوق
الإنسان.
مؤسسة دستورية لا تحرك تقاريرها الحكومة والبرلمان
المجلس الأعلى للحسابات..
تقول ديباجة تقديم المجلس الأعلى للحسابات إن المغرب حرص على غرار الدول المتطورة، على الارتقاء بهذا المجلس إلى مصاف مؤسسة دستورية تضطلع بدور المساهمة الفعالة في عقلنة تدبير الأموال العامة. وتمارس كليا وظيفتها كمؤسسة عليا للرقابة مستقلة بذات الوقت عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
وهكذا وضح الباب العاشر من الدستور بأن المجلس الأعلى للحسابات يتولى ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ القوانين المالية ويبذل مساعدته للبرلمان والحكومة في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون، ويرفع إلى جلالة الملك نصره الله بيانات جميع الأعمال التي يقوم بها في إطار تقريره السنوي.
وفضلا عن ذلك، وفي إطار سياسة اللامركزية، نص الدستور على إحداث المجالس الجهوية للحسابات المكلفة بمراقبة حسابات الجماعات المحلية وهيئاتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها.
و لقد تم تتويج المقتضيات الدستورية بإصدار القانون رقم 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية بتاريخ 13 يونيو 2002.
وهكذا تم توضيح الوظائف المخولة للمحاكم المالية بشكل أكثر جلاء بهدف تأمين ممارسة رقابة مندمجة وإقامة أفضل توازن في مسؤوليات الخاضعين للرقابة والوصول بالتالي إلى نظام عقوبات ومتابعات أكثر عدلا وإنصافا لهم.
وينبغي التذكير بأن أهم الرقابات الممارسة من قبل المحاكم المالية تهم الرقابة القضائية على مدى قانونية العمليات المالية ومدى مطابقتها للنصوص (البت في الحسابات، التسيير بحكم الواقع والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية)، ومراقبة التسيير المركزة على تقييم نتائج أداء الوحدات المراقبة من حيث الفعالية والاقتصاد والكفاية.
غير أن اعتماد الرقابة العليا على المالية العامة بالمغرب، مر بأربع مراحل أساسية أولاها كان سنة 1960 حينما تم إحداث اللجنة الوطنية للحسابات، والتي كان لها اختصاص تصفية حسابات المحاسبين العموميين. أي التأكد من قانونية وشرعية العمليات المضمنة في الحسابات. وكانت تتألف من رئيس يعين من طرف الملك بناء على اقتراح وزير العدل ومن مفتشي المالية المعينين من قبل وزير المالية. وكانت اللجنة كذلك مطالبة بأن تقدم إلى مجلس النواب تقريرا عن تنفيذ قانون المالية يرفق بقانون التصفية. وتميزت المراقبة التي كانت تمارسها هذه اللجنة على المالية العامة، بمحدوديتها بالنظر إلى ضآلة الإمكانيات البشرية والمادية، واعتبارا أيضا لكون المراقبة كانت مراقبة محاسبية عليا ذات طبيعة إدارية.
ثاني المراحل هي التي عرفتها سنة 1979، حيث تم إحداث المجلس الأعلى للحسابات بموجب القانون رقم 79-12 كجهاز قضائي مكلف بتأمين المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية. وكان من مهامه التأكد من قانونية عمليات مداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لرقابته ومعاقبة، عند الاقتضاء، كل تقصير في احترام القواعد المنظمة لتلك العمليات. كما كان يراقب تقييم تدبير الأجهزة الخاضعة لرقابته، ويرفع إلى الملك بيانا عن مجموع أنشطته. ويجب الإشارة هنا إلى أن ممارسة نشاط المجلس انطلقت محدودة نسبيا بحكم عدم توفره على الإمكانيات اللازمة.
وفي المرحلة الثالثة لسنة 1996، تم الارتقاء بالمجلس الأعلى للحسابات إلى مصاف مؤسسة دستورية من أجل جعل المجلس الأعلى للحسابات يلعب دوره كاملا كمؤسسة عليا للرقابة، حدث هذا في دستور 13 شتنبر 1996. وهكذا فالباب العاشر من الدستور يوضح بأن المجلس الأعلى للحسابات يتولى ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ قوانين المالية. فضلا عن ذلك، وفي إطار سياسة اللامركزية واللاتركيز الإداري وبغية تحسين تدبير الجماعات المحلية، نص الدستور كذلك على إحداث المجالس الجهوية للحسابات التي كلفها بمراقبة حسابات الجماعات المحلية وهيئاتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها.
أما المرحلة الرابعة التي انطلقت سنة 2002، فقد حملت معها صدور القانون رقم 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية. تطبيقا للمقتضيات الدستورية، بتاريخ 13 يونيو 2002. وهذا القانون يتحدث بوضوح عن اختصاصات وتنظيمه وتسييره، عن المجالس الجهوية، ثم عن النظام الأساسي لقضاة المحاكم المالية.
غير أن المتتبعين لعمل هذه المؤسسة، التي تفخر اليوم أنها أصبحت دستورية، هو أن تقاريرها لا تزال في عدد كبير منها، تقتصر على إثبات المخالفات، وهو الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال حول الجدوى من هذه المراقبة؛ والتي يفترض أن تنصب على متابعة من يثبت ارتكابهم لهذه الأخطاء والمخالفات القانونية، في إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
لقد اعتبرت حصيلة المجلس، في السنوات الأخيرة الماضية، ضعيفة في ما يتعلق بهذا الاختصاص، بالمقارنة مع حجم المخالفات التي وقفت عليها. ومن ثم يطرح السؤال عن الجدوى من تقارير المجلس الأعلى إن لم يتحرك البرلمان لمساءلة الوزراء الذين تنتمي إليهم تلك المؤسسات المتورطة في قضايا الفساد المالي؟ وما الجدوى من تقارير المجلس إن لم يكن سببا في تشكيل لجان تقصي الحقائق لكشف المزيد من الاختلالات التي «تغرق» فيها مؤسسات الدولة؟ ثم ما الجدوى من تقارير المجلس إن لم يحرك القضاء الدعاوى ضد المتورطين في تبذير واختلاس المال العام.
حينما تتعارض سياسة المجلس مع البرنامج الحكومي
المجلس الأعلى للتعليم..
ظل يسمى قبل دستور 2011 بالمجلس الأعلى للتعليم. لكنه أصبح اليوم مجلسا أعلى للتربية والتكوين، والبحث العلمي، حيث أحدث بموجب القانون رقم 105.12 الصادر بتاريخ 16 ماي 2014، وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 168 من الدستور، ليحل محل المجلس الأعلى للتعليم،الذي كان قد أعيد تنظيمه سنة 2006 بموجب الظهير الشريف رقم 1-05-152. ويسعى هذا المجلس، بصفته هيئة استشارية مستقلة للحكامة الجيدة والتنمية المستدامة والديمقراطية التشاركية، كما يقول في ديباجة تقديمه، لأن يكون بوتقة للتفكير الاستراتيجي في قضايا التربية والتكوين والبحث العلمي وفضاء تعدديا للنقاش والتنسيق بشأن مختلف القضايا المتعلقة بهذه المجالات.
ومن أدوار المجلس كذلك، تنوير ذوي القرار والفاعلين والرأي العام، بواسطة التقييمات الكمية والنوعية، المنتظمة والدقيقة لمختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي التي ينجزها.
ويتألف، علاوة على الرئيس الذي يعين من قبل الملك لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، من أعضاء يراعى في تعيينهم السعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء طبقا لأحكام الفصل 19 من الدستور، ويتوزعون عبر فئة الخبراء والمتخصصين، والأعضاء المعينين لصفتهم:
وهم أعضاء الحكومة المكلفين بالتربية والتكوين والبحث العلمي؛
والشخصيات الممثلة لبعض الهيئات والمؤسسات؛
وعضوان من كل مجلس من مجلسي البرلمان يعينهما رئيس المجلس المعني على أساس تمثيلية متساوية بين الأغلبية والمعارضة، بناء على قرار مكتب كل مجلس؛
والأعضاء الممثلين لمؤسسات التربية والتكوين
وفئة الأعضاء الممثلين للنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، والأطر التربوية والإدارية، وآباء وأمهات وأولياء التلاميذ، والمدرسين والطلبة والتلاميذ، والجماعات الترابية، وجمعيات المجتمع المدني والمقاولات والهيئات الممثلة للمؤسسات الخاصة للتعليم والتكوين الخاص، وعددهم 54.
أما المهام الموكولة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وصلاحياته، فتتمثل في إبداء الرأي في كل قضية من القضايا المتعلقة بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، التي يعرضها عليه الملك من أجل ذلك. وإبداء الرأي فيما تحيله الحكومة من القضايا ذات الصلة بالاختيارات الوطنية الكبرى، والتوجهات العامة، والبرامج والمشاريع ذات الأهمية الخاصة المتعلقة بقطاعات التربية والتكوين والبحث العلمي. وإبداء الرأي لفائدة الحكومة والبرلمان، بشأن مشاريع ومقترحات القوانين والقوانين التنظيمية والنصوص التنظيمية، التي يعرضها عليه من أجل ذلك رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين حسب كل حالة، لاسيما مشاريع ومقترحات القوانين التي تضع إطارا للأهداف الأساسية للدولة في ميادين التربية والتكوين والبحث العلمي؛ وإعداد دراسات وأبحاث بمبادرة منه، أو بناء على طلب من الحكومة، بشأن كل مسألة تهم التربية والتكوين والبحث العلمي أو تتعلق بتسيير المرافق العمومية المكلفة بها؛ وإنجاز تقييمات شمولية أو قطاعية أو موضوعاتية للسياسات والبرامج العمومية في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي ونشر نتائجها؛ وتقديم كل مقترح للحكومة من شأنه الإسهام في تحسين جودة المنظومة الوطنية للتربية والتكوين، وضمان إصلاحها، والرفع من مردوديتها، وتطوير أدائها؛ وتشجيع سياسات تطوير بنيات البحث العلمي، ودعمها، وتحفيز الباحثين العاملين بها على الإبداع والابتكار.
غير أن المتتبعين للشأن التعليمي لا يخفون أن هذا المجلس قد يشكل قطاعا حكوميا قائم الذات، على اعتبار أن مشروع إصلاح منظومة التربية والتكوين الذي ينتظره الرأي العام، يعده هذا المجلس وهو ما سيتم العمل به مستقبلا. في الوقت الذي وضعت الحكومة هي الأخرى في شخص وزيرها في التربية الوطنية، مشروعها الإصلاحي. لنجد أنفسنا أمام مشروعين قد يحملان بعض التعارض. والحصيلة هي أن هذا المجلس، الذي تقول أدبياته إنه برلمان التربية والتعليم باعتباره مؤسسة استشارية، قد يتجاوز حدود هذه المسؤولية، حينما سيضع مشروع الإصلاح الذي قد يصبح غدا هو المعمول به في المدرسة المغربية.
«الكوركاس» الذي ينوب عن الحكومة في قضايا الصحراء
المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية..
لم يستطع المجلس الملكي للشؤون الصحراوية معالجة إشكالية التمثيلية، وهو ما دفع الكثيرين إلى طلب إعادة هيكلة هذه المؤسسة في اتجاه تعزيز التمثيلية داخلها، من خلال ضرورة إعادة النظر في فلسفة خلق هذه المؤسسات، في اتجاه يعزز أولا الديمقراطية داخل المؤسسات السياسية, لكي لايتم إفراغ مثل هذه المؤسسات التمثيلية من وظائفها المركزية.
هذه واحدة من أعقد المشكلات التي عانى منها الكوركاس، الذي يبدو وكأنه ينوب عن الحكومة في تدبير شأن مناطق الصحراء، نظرا لخصوصية المنطقة.
فحسب الظهير المحدث لهذا المجلس، تتمثل مهمة المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، المعروف اختصارا ب«الكوركاس»، والذي يعد لبنة أساسية في صرح التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالأقاليم الجنوبية، في مساعدة جلالة الملك في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية وصيانة هويتها الثقافية.
ويمارس المجلس عددا من الصلاحيات تتمثل في إبداء الرأي في ما يستشيره فيه جلالة الملك من قضايا عامة، أو خاصة ذات الصلة بالدفاع عن الوحدة الترابية والوحدة الوطنية للمملكة، وبالتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية المندمجة للأقاليم الجنوبية، للقيام بأي مهمة تناط به ارتباطا بالمجالات سالفة الذكر.
كما يتولى المجلس إنجاز المهام التي تسند له من طرف جلالة الملك في القضايا سالفة الذكر، ويرفع اقتراحات إلى جلالته بخصوص المبادرات والمشاريع والتدابير المتعلقة بعودة واندماج جميع المغاربة المنحدرين من الأقاليم الجنوبية، والدفاع عن الوحدة الترابية والوحدة الوطنية وتقوية التضامن الوطني، سواء بالأقاليم الجنوبية أو باقي جهات المملكة، وضمان التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية بتنسيق مع جميع الهيآت الوطنية والمحلية من القطاع العام أو الخاص.
ويرفع المجلس كذلك اقتراحات إلى جلالة الملك في ما يتعلق بالتدابير الكفيلة بصيانة وإنعاش الإرث الثقافي والفني واللغوي (الحساني) للأقاليم الجنوبية، وكذا التدابير الخاصة الكفيلة بضمان مستقبل واعد للشباب، عبر إنعاش التربية والتكوين والتشغيل والتعبير عن طموحاتهم وقدراتهم في بيئة تسودها الدينامية والتضامن على المستوى المحلي والوطني، والنهوض بوضعية المرأة وإدماجها في جميع المجالات، والتدابير التي من شأنها تعزيز المبادئ والقواعد ذات الصلة بحقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية طبقا للتشريع الجاري به العمل، والمشاركة بتنسيق مع السلطات المختصة في أشغال واجتماع الهيئات والمنظمات الدولية المرتبطة بقضية الوحدة الترابية أو بالتنمية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية. وفضلا عن ذلك يرفع المجلس تقريرا سنويا إلى جلالة الملك عن حصيلة وآفاق عمله
ويعين جلالة الملك رئيسا لهذا المجلس، الذي يتألف علاوة عن الرئيس، من أعضاء يتمتعون بالصفة التداولية ويعينهم جلالة الملك لأربع سنوات ويتم اختيارهم من بين البرلمانيين ورؤساء المجالس الجهوية ورؤساء المجالس الإقليمية ورؤساء الغرف المهنية.
كما يتألف المجلس من الأعضاء المنتخبين من طرف القبائل برسم المجلس السابق، وشيوخ القبائل، والناشطين في إطار جمعيات المجتمع المدني والمنظمات الشبابية بالأقاليم الجنوبية، وممثلي المواطنين المنحدرين من الأقاليم الجنوبية المقيمين بالخارج وكذا المحتجزين بتندوف، وممثلي الفاعلين والمنظمات السوسيو اقتصادية وشخصيات أخرى مشهود لها بالكفاءة والنزاهة.
ويضم المجلس ضمن أعضائه بصفة استشارية، السلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والشؤون الخارجية والتعاون أو من يمثلهما، وولاة وعمال الأقاليم الجنوبية، ومدير وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم جنوب المملكة ومديرو المراكز الجهوية للاستثمار بهذه الأقاليم.
ويجتمع المجلس مرتين في السنة على الأقل وكلما دعت الحاجة إلى ذلك بدعوة يوجهها رئيسه تنفيذا لأمر صادر من جلالة الملك، ويجوز للرئيس بعد استشارة مكتب المجلس أن يعهد إلى بعض أعضاء المجلس بتكوين مجموعات عمل ولجان متخصصة ولجان خاصة تتولى دراسة قضايا معينة وترفع إلى المجلس ما تراه مفيدا من التوصيات في شأنها
ويساعد رئيس المجلس مكتب مكون من تسعة نواب للرئيس الذي يعتبر الناطق الرسمي باسم المجلس والمخاطب الرسمي للسلطات العمومية الوطنية وللمنظمات والهيئات الدولية.
ويتولى أمانة المجلس أمين عام يعينه جلالة الملك من بين أعضاء المجلس أو من خارجه. وتعتبر عضوية المجلس تطوعية، بيد أنه تصرف لأعضائه تعويضات عن المهام التي ينيطها المجلس بهم
وترصد للمجلس ميزانية تخصص لتغطية مصاريف تسييره وتسجل الاعتمادات المخصصة لها ضمن ميزانية البلاط الملكي. ويتولى المجلس وضع مشروع نظام داخلي تتم المصادقة عليه من قبل جلالة الملك. ويحدد النظام الداخلي الهياكل الإدارية والمالية للمجلس وكيفيات تسييره وممارسته لاختصاصاته وعقد اجتماعاته ومداولاته المراكز الجهوية للاستثمار بهذه الأقاليم.
ويجتمع المجلس مرتين في السنة على الأقل وكلما دعت الحاجة إلى ذلك بدعوة يوجهها رئيسه تنفيذا لأمر صادر من جلالة الملك، ويجوز للرئيس بعد استشارة مكتب المجلس أن يعهد إلى بعض أعضاء المجلس بتكوين مجموعات عمل ولجان متخصصة ولجان خاصة تتولى دراسة قضايا معينة وترفع إلى المجلس ما تراه مفيدا من التوصيات في شأنها
ويساعد رئيس المجلس مكتب مكون من تسعة نواب للرئيس الذي يعتبر الناطق الرسمي باسم المجلس والمخاطب الرسمي للسلطات العمومية الوطنية وللمنظمات والهيئات الدولية.
ويتولى أمانة المجلس أمين عام يعينه جلالة الملك من بين أعضاء المجلس أو من خارجه. وتعتبر عضوية المجلس تطوعية، بيد أنه تصرف لأعضائه تعويضات عن المهام التي ينيطها المجلس بهم
وترصد للمجلس ميزانية تخصص لتغطية مصاريف تسييره وتسجل الاعتمادات المخصصة لها ضمن ميزانية البلاط الملكي. ويتولى المجلس وضع مشروع نظام داخلي تتم المصادقة عليه من قبل جلالة الملك. ويحدد النظام الداخلي الهياكل الإدارية والمالية للمجلس وكيفيات تسييره وممارسته لاختصاصاته وعقد اجتماعاته ومداولاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.