اعتبر جمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني أن نزاعات الشغل في القطاع الخاص بين أرباب العمل والعمال انخفضت بشكل كبير، دون أن يعطي سقفا زمنيا أو تاريخا معينا كمرجع لذلك، مشيرا في نفس السياق إلى أن عدد المصرح بهم من المأجورين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ارتفع إلى 2 مليون و40 ألفا من الأجراء الذين باتوا يستفيدون من خدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وأضاف أغماني خلال حفل تقديم تقرير «المغرب الاجتماعي 2008/2009» مساء الجمعة الماضي بأن المسألة الاجتماعية بالمغرب ما تزال تحتاج إلى مؤشرات ومعطيات دقيقة ومشاركة كل الفاعلين من أجل إيجاد الحلول الناجعة لكافة المشاكل، داعيا في هذا الصدد إلى تصحيح بعض المفاهيم السائدة، خاصة في ما يتعلق ببعض القضايا الاجتماعية التي حدثت مؤخرا كحريق مصنع النسيج بالدار البيضاء وانهيار العمارة بالقنيطرة، حيث ذكر الوزير أن الأمر لم يكن يتعلق بغياب حماية اجتماعية بقدر ما كان يتعلق بعدم وجود وسائل الأمن والسلامة، مؤكدا على أنه ليس في مصلحة أحد إضعاف المنظمات النقابية لأن المغرب يحتاج إلى نقابات قوية، ومخطئ من يقول إن المسؤولين يريدون إضعاف النقابات والنقابيين، يقول أغماني. في سياق ذلك اتفق باحثون وفاعلون سياسيون واجتماعيون على أنه إذا كانت المسألة الاجتماعية تتجلى على كافة الأصعدة، وخاصة في ما يتعلق بالسياسات العمومية، فإن ذلك يتطلب ضرورة الفصل بين ما هو سياسي ونقابي حتى لا يتم الخلط بين أدوار الفاعلين، مذكرين بأن الاحتقان الأخير الذي عاشه المغرب جراء إضراب مهنيي النقل كشف عن «بياض» و«فراغ» في صفوف الطبقة السياسية، التي بدا أنها لم تنجح في هذا الامتحان الاجتماعي ووجدت نفسها وجها لوجه أمام الشارع، وهو ما يعني ارتباكا في عمل الفاعل السياسي والنقابي، على حد سواء، وغياب الانسجام بين الطرفين، ومن ثم غياب وسيط بين الشارع والحاكم. وفي ورقة تقديمية لتقرير «المغرب الاجتماعي 2008/2009»، الذي جاء في شكل كتاب من 220 صفحة، وشارك في إعداده عدد من الباحثين والفاعلين الجمعويين، تحت إشراف المجلة المغربية للسياسات العمومية ومؤسسة فريدريك نيومان، يَعتبر معدو التقرير أنه رغم أن الحكومة الحالية أعطت المسألة الاجتماعية اهتماما مركزيا في تصريحها الحكومي سنة 2008، فإن ذلك لم يمنع من وجود مفارقة ظلت حاضرة بقوة، حيث لا يزال العجز الاجتماعي متواصلا رغم ما يلاحظ على مستوى الإرادة السياسية المعلنة وعلى مستوى «الكثافة المؤسساتية» التي تغطي الحقل الاجتماعي، وكذا على مستوى الحصة التي أصبحت تحتلها السياسات الاجتماعية داخل ميزانية الدولة. ويرى المشرفون على التقرير أيضا أنه باستثناء العمل على معالجة مشكلة الأسعار والحرص على تدبير الحوار الاجتماعي، فإن الحكومة لم تقدم أي ملامح لتدبير عمومي جديد للملف الاجتماعي، مؤكدين على أن التقارير الصادرة، سواء عن جهات وطنية أو دولية، تؤرق الحكومة وتجعلها لا تقبل العديد منها، مع العلم أنها هي نفس التقارير التي ما فتئت تنال اهتماما متزايدا لدى الرأي العام الوطني خاصة تلك المتعلقة بتحديد مؤشرات التنمية الاجتماعية. ويرصد التقرير إشكالية الحماية الاجتماعية للعمال، خاصة على ضوء الحادثين الأليمين بكل من معمل النسيج بالدار البيضاء والعمارة المنهارة بالقنيطرة، كما يرصد علاقة السياسي بالنقابي ومسألة تقنين الإضراب والجدل حول الاقتطاعات من رواتب الموظفين المضربين، معرجا على ما وصفه ب«الانتفاضات الاجتماعية»، كما وقع بسيدي إيفني، مما يطرح نقاشا فُتح على مصراعيه حول الأشكال الجديدة للاحتجاج الحضري. وخلص التقرير السنوي، الأول من نوعه والذي ستليه تقارير أخرى بإشراف من نفس الجهة التي أقرت ب«ارتباك البدايات» في إعداده وب«القصور والمحدودية»، في بسط معطيات الوضع الاجتماعي بالمغرب، إلى أن هذا الوضع يزداد تعقيدا يوما بعد يوم، ويبتعد عن الخطاطات الجاهزة وشبكات القراءة التقليدية للمسألة الاجتماعية.