شن فوزي الشعبي رئيس مقاطعة السويسي هجوما حادا على حكومة عباس الفاسي، وقال إنها أبانت عن ضعف كبير في التعامل مع ملف الرشوة وسوء التدبير في مجال التسيير العمومي الذي يعرف مشاكل عديدة على حد قوله. وتساءل الشعبي، على هامش ندوة نظمتها «ترانسب رانسي» فرع المغرب أمس الثلاثاء بالرباط عن الأسباب التي تقف وراء عدم محاسبة المسؤولين الذين ثبت تورطهم في ملف الرشاوى والفساد وقال في هذا السياق: «أنا مستغرب لإفلات المفسدين من العقاب، ومن حقي أن أتساءل: هل هناك نية من طرف المسؤولين الحكوميين لترك اللصوص يستمرون في ممارسة مهامهم بعيدا عن سلطة القانون؟» وأكد الشعبي، الذي غادر التقدم والإشتراكية للالتحاق بالتجمع الوطني للأحرار، أن الحكومة ملزمة بتطبيق التعليمات الملكية التي أكد فيها ملك البلاد في أكثر من مناسبة ضرورة عمل الوزراء والحكومة على محاربة الرشوة وسوء التدبير في مجال الشأن العام. جاء ذلك خلال ندوة صحافية عقدتها منظمة «ترانسبارانسي» فرع المغرب لتقديم توصيات بشأن الانتخابات الجماعية المقبلة، والتي أوضحت أنها (التوصيات) تهدف إلى تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة وتعكس بصدق آراء المواطنين. وأكد عز الدين أقصبي أن منظمة «ترانسبارانسي» فرع المغرب ستعمل على إصدار تقرير بعيد الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها يوم 12 يونيو القادم يتضمن رصدا مستفيضا لتفاصيل ما جرى فيها، موضحا أن المنظمة تشتغل وفق ضوابط قانونية تضيق مجال تحركها واشتغالها. وأوضح أقصبي الذي يشغل منصب نائب الكاتب العام لفرع «ترانسبارانسي» بالمغرب، أن المنظمة قدمت للسلطات المغربية ملفا متكاملا قبل 3 سنوات بغرض منحها صفة المنفعة العامة لتتمكن من تفعيل المراقبة المباشرة ورفع دعاوى قضائية ضد المتورطين في إفساد الانتخابات «غير أن المسعى توج بالفشل»، مضيفا في لهجة ساخرة «ربما هم يرون أننا لا نصلح لهذه المهمة»! وتحدث تقرير «ترانسبارانسي» « عن السياق السياسي الذي ستجرى فيه الانتخابات المقبلة، وأوضح أنه يتميز بظهور لاعب جديد هو حزب الأصالة والمعاصرة الذي يضع نفسه في مواجهة حزب «العدالة والتنمية»، ومشيرا إلى أن «أهدافه لا تتميز بشكل كبير عن أهداف الأحزاب الأخرى». غير أن التقرير نبه إلى أن «البعض يتخوف من أن يحصل هذا الحزب على مساندة الجهاز التنفيذي خلال هذه الانتخابات، نظرا للدور الخاص الذي لعبه الهمة في الحكومة الأخيرة ولعلاقته الشخصية بالملك». وسجل التقرير تطورا حصل في مجال القانون المؤطر الانتخابات، وقال إن من شأن التعديلات التي تم إدخالها عليه «أن تحسن فعليا الإطار الانتخابي»، و»خلق صورة إيجابية عن المغربي من خلال تمثيلية أكبر للنساء أو من خلال نسبة المشاركة التي يحتمل أن ترتفع بعد تنقيح اللوائح الانتخابية». لكنه نبه على أن عددا من جوانب الضعف ما تزال مستمرة في القانون المنظم ومنها غياب تشريع يؤمن النشر السريع للنتائج، إلى جانب عدم النص صراحة على دور المراقبين الأجانب. ومن التوصيات البارزة التي شددت عليها «ترانسبرانسي» لتقوية الممارسة الانتخابية في المغرب ضرورة استشارة الأحزاب بشأن التقطيع الانتخابي، وتحسين ظروف دعم الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية، بالإضافة إلى جعل يوم الاقتراع يوم عطلة لتمكين فئات واسعة من المشاركة في التصويت، والتدقيق في محاضر إعلان النتائج وتوثيقها. كما شددت التوصيات على ضرورة توفير كل الضمانات القانونية لتوفير تغطية إعلامية مناسبة وعلى قدم المساواة بين مختلف الأحزاب. ودعا التقرير إلى حذف الغرفة الثانية، باعتبارها تقلص التمثيلية الديمقراطية للبرلمان وتعيق الغرفة الأولى سيما فيما يتعلق بانبثاق أغلبيات حكومية، مركزا على تأثر مصداقية الغرفة بسبب الفضائح المالية التي شابت تجديد الثلث بها في شتنبر 2006. وخصص التقرير فقرة للحديث عن صعود حزب العدالة والتنمية كفاعل سياسي احتل الصدارة في يونيو 2006 وتآكل نفوذ الأحزاب التاريخية كالاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال. وشدد على ضرورة بناء الثقة بعد تاريخ طويل من التلاعب بالاقتراع، وما خلفه شراء الأصوات والرشوة الانتخابية من إفساد لآليات التزكية في بعض الحالات والتسريع بتركيز الأعيان في الأحزاب. وعن مشاركة النساء في المسلسل الانتخابي دعا التقرير إلى إيلاء عناية خاصة لوضع المرأة في المجتمع وأبرز أنه باستثناء الثلاثين مقعدا المخصصة للمرأة، فإن النظام الانتخابي يبدو غير مناسب لإدماج النساء في الحياة السياسية، مؤكدا في نفس الوقت على أن عدم تأسيس حصة المقاعد المخصصة للنساء على نص قانوني والاكتفاء باتفاق إداري بين الأحزاب يجعل الشك يحوم حول استمرارية هذا الإجراء. وبخصوص الثقافة الأمازيغية دعا التقرير إلى إعداد برامج خاصة لإدماجها ضمن منظومة التربية الوطنية وفي الفترات الانتخابية، بالإضافة إلى إعداد إعلام سياسي موجه ناطق بالأمازيغية. وفيما يتعلق بتمويل الأحزاب السياسية، سجل التقرير على التشريع الحالي في مجال مراقبة تمويل الحملات والنفقات الانتخابية، بأنه بعيد جدا عن القواعد الأساسية التي تسمح بضمان شفافية الحسابات، بالرغم من وضع القانون الجديد للأحزاب لإطار يسمح بتطوير نسق أكثر شفافية لتمويل الحملات والنفقات الانتخابية.