ترفض الحكومة، هذه السنة، وضع الترقية الاستثنائية أو تحسين الدخل على جدول أعمال جلسات الحوار مع المركزيات النقابية، ومن المبررات التي تقدمها الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت العديد من القطاعات بالمغرب، خاصة قطاعات النسيج وصناعة السيارات والسياحة وغيرها. هناك من يوافق الحكومة رأيها ويرى أن الدولة لا تتوفر على «كنز سليمان» لحل كل المشاكل العالقة، غير أن ممثلي النقابات يصرون على أن مطالبهم بسيطة تراكمت بسبب سوء تسيير قطاع الوظيفة العمومية. لا ترغب الحكومة حاليا في مناقشة ملف الترقية الاستثنائية أثناء جلسات الحوار الاجتماعي الجاري. وخلال اللقاء الأخير، لم تضع هذه النقطة ضمن جدول الأعمال، وهو ما تحفظت عليه النقابات أثناء إمضائها على محضر الاجتماع . مبرر الحكومة هو أن وضعية الاقتصاد المغربي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، ومنها الأزمة العالمية التي انعكست على العديد من القطاعات، من بينها قطاعا النسيج وصناعة السيارات. ملف الترقية الاستثنائية سيكلف الدولة حوالي 10 ملايير درهم في قطاع الوظيفة العمومية (100 ألف موظف)، حسبما أكده مسؤول حكومي في تصريحات صحفية سابقة، وهو ما دفعها إلى رفض أي نقاش في هذا الباب إلا بعد سنة 2010. توقيت جلسات الحوار الاجتماعي الحالية يراه البعض غير مناسب، ومن هؤلاء محمد اليوحي، باحث في الاقتصاد، الذي قال، في تصريح ل«المساء»، إن «الظرفية التي يمر منها المغرب غير مناسبة لأي حوار اجتماعي أو حديث عن الترقية الاستثنائية، بسبب تأثير الأزمة العالمية على القطاع الخاص، ولاسيما في مجالي النسيج والسياحة، بالرغم من أن هذه الأخيرة أنقذتها السياحة ذات التكاليف المنخفضة». وتأثير الأزمة العالمية على الدولة يظهر جليا في مداخيل الضرائب، ولكن يبقى محدودا بسبب التهرب الضريبي الذي تلجأ إليه العديد من المقاولات، يقول المتحدث نفسه، إضافة إلى أن الدولة مثقلة بالعديد من الاستثمارات، خاصة في مجال البنية التحتية. ويرى الباحث في الاقتصاد أن الدولة لا تملك «كنز سليمان» لحل جميع المشاكل، وأن مداخيلها ومواردها محدودة ، لذلك يدعو اليوحي النقابات إلى التحلي بروح الموطنة وانتظار الظرفية المناسبة لاستئناف جلسات الحوار الذي يصعب تطبيق بنوده خلال هذه المرحلة، حسب رأيه. مطالب النقابات ينظر إليها محمد اليوحي على أنها غير موضوعية لكونها تركز، في كثير من الحالات، على الرفع من الأجور دون الاهتمام بتأهيل اليد العاملة، سواء في القطاع العام أو الخاص، من أجل الرفع من مردوديتها، ليكون لها تأثير إيجابي على اقتصاد المغرب وتصبح سببا في جلب العديد من الاستثمارات الخارجية. كما يدعو النقابات إلى أن تترك الدولة «تلتقط أنفاسها لأنها تلجأ إلى القروض من أجل تغطية العجز الحاصل». ومن أجل الوصول إلى حلول مثلى ومرضية للجميع، يقترح الباحث في الاقتصاد اعتماد التجربة الأمريكية المبنية على شعار «اعطيني نعطيك»، أي أنه يمكن للأجير أن يضحي بالعديد من حقوقه لما تكون المقاولة تمر بأزمة مالية خانقة؛ وعندما تعود إلى حالتها الطبيعة وتحقق أرباحا، يستفيد الأجير مما كسبته. كما يمكن للحكومة أن تلجأ إلى تخفيض الأسعار في العديد من المواد، خاصة منها الغذائية، حتى لا تتأثر المداخيل المالية للأجراء. ولمحمد هاكش رأي مخالف، حيث يتهم الدولة بالكيل بمكيالين، لأنها لا تساوي بين الأجير ورب العمل. وأقر هاكش، نائب الكاتب الوطني للاتحاد النقابي للموظفين التابع للاتحاد المغربي للشغل، بوجود أزمة مالية عالمية لها انعكاسات على اقتصاد البلاد، لكنها لا يمكن أن تكون مبررا للحيلولة دون الاستجابة لمطالب الشغيلة المغربية، فتأثير الأزمة العالمية، يقول هاكش، ينبغي أن ينعكس على جميع فئات المجتمع، سواء أكانوا أجراء أم أرباب عمل، وأن تتعامل الحكومة بالمساواة لأن مساعدة أرباب العمل المتضررين من الأزمة العالمية، وإقصاء الأجراء الذين يعانون من ارتفاع الأسعار دليل على ازدواجية الخطاب الحكومي. مطلب النقابات الخاص بالترقية الاستثنائية ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى سنوات، بسبب «سوء تسيير قطاع الوظيفة العمومية» الذي أدى إلى تراكم الملفات التي يدخل حلها في إطار «جبر الضرر وتصحيح مسار قديم»، حسب رأي نائب الكاتب الوطني للاتحاد النقابي للموظفين.