خرجت العشرات من نساء مدينة تنغير، أول أمس الخميس، في مسيرة احتجاجية ضد وفيات الرضع في قسم الولادة ب»المستشفى الإقليمي» للمدينة. وقطعت المسيرة مسافة طويلة للوصول إلى مقري عمالة الإقليم ومندوبية الصحة، مطالبة بإجراء إصلاحات جوهرية على القطاع حتى لا تتكرر مآسي وفيات الرضع، حيث سجلت مصادر إعلامية محلية وفاة ما يقرب من 6 حالات في ظرف لم يتجاوز الأسبوع. ودخل عدد من الفعاليات الجمعوية والنقابية على خط هذه الاحتجاجات النسائية، وأشارت نقابة الفيدرالية الديمقراطية للشغل إلى وجود «استهتار بصحة المواطنين بالمستشفى الإقليمي بتنغير»، وأوردت بأن كل التجهيزات به معطلة، ودعت وزير الصحة إلى إيفاد لجنة للوقوف على الأوضاع التي يعرفها المستشفى، ووضع حد لما أسمته ب»التلاعب» بصحة المواطنين، والإسراع بإحداث مستشفى إقليمي بكل المواصفات. وكانت امرأة حامل بتوأمين في شهرها الرابع قد تعرضت لنزيف حاد في منطقة ألنيف، ضواحي المدينة، قد نقلت إلى قسم الولادة بالمستشفى، إلا أنها، بحسب زوجها، ظلت تواجه الإهمال لعدة أيام، ولم تتدخل الأطر المعنية بتقديم الخدمات العلاجية الأساسية لها، واكتفت فقط بمنحها بعض المهدئات، ما زاد من تدهور حالتها الصحية، وأجبرت، بعد ذلك، على إجراء عملية جراحية لاستخراج الجنينين اللذين توفيا في بطنها. وتطرقت فعاليات محلية إلى أن زوجها تعرض لتهديدات بالاعتقال من قبل السلطات المحلية، إذا ما عاود الاحتجاج قبالة المستشفى، وأضافت المصادر إلى أن الزوج اضطر إلى نقل زوجته، وهي في حالة صحية متدهورة، رغم إجراء العملية، إلى المستشفى الإقليمي بالراشيدية. ولم تسلم فعاليات إعلامية محلية من تضييق الخناق عليها من قبل السلطات المحلية نتيجة متابعتها لهذا الوضع المتأزم في القطاع، وتحدثت المصادر على أن معالجة «الأزمة الخانقة» التي تعيشها الصحة في المدينة تحتاج إلى زيارة ميدانية لوزير الصحة للمنطقة، لأن من رأى ليس كمن سمع، بحسب المصادر ذاتها. ويعاني «المستشفى الإقليمي» بالمدينة من نقص حاد في التجهيزات، ومن ضعف كبير في الموارد البشرية، وأزمة شبه مفتوحة للمرضى والوافدين مع حراس أمن خاص، يتهمون عادة بإساءة المعاملة لم يسلم منها حتى المسنون، والتلفظ بكلام نابي، وعدم السماح لأفواج كبيرة من المرضى لولوج المستشفى، كما يتحدث المواطنون في المنطقة عن غلاء الخدمات الصحية المقدمة، وغياب أي خدمات مجانية لفائدة فئات واسعة من الأسر المعوزة بالإقليم. وتضطر العشرات من الأسر إلى تحويل مرضاها إلى مستشفيات مدن أخرى، كالراشيدية وورزازات، جراء «النكبة» التي أصيب بها قطاع الصحة في تنغير، مع ما يفرضه ذلك من تكاليف باهضة. وكان وزير الصحة الحالي، الحسين الوردي، قد سبق له، ردا على احتجاجات للمواطنين في المنطقة، أن أعلن عن وجود مشروع إحداث مستشفى إقليمي بالمدينة، لكن هذا المشروع لا يخرج عن إطار «سلسلة الوعود» التي قال أحد المشاركين في المسيرة إنها تدخل في خانة «المهدئات» التي تقدمها الوزارة الوصية على القطاع للسكان كلما خرجوا للاحتجاج. وتعاني مندوبية الصحة في الإقليم من فراغ إداري «قاتل» يساهم في صنع «محنة» الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، حيث مازال منصب مندوب الوزارة شاغرا، وقد لجأت وزارة الصحة، في محاولة ترقيع، إلى تكليف أحد الأطباء بشغل هذا المنصب إلى أجل غير مسمى. كما أن «المستشفى الإقليمي» بدوره يعاني من فراغ إداري مشابه، حيث لم تعين الوزارة بعد مديرا لهذا المستشفى، ما يؤدي إليه ذلك من تردد في اتخاذ القرارات، ومراقبة الأوضاع، والتواصل مع المحيط، عوض الارتباك والتردد، والانغلاق، والفوضى وتشتت مصادر القرار.