عاد الهدوء إلى مدينة سيدي ايفني بعد مواجهات دامية بين متظاهرين غاضبين على وفاة أحد شباب المدينة وبين قوات الأمن بعد أن تدخل انفصاليون على الخط وحولوا الاحتجاج السلمي إلى مطالب سياسية مناهضة للوحدة الترابية. وأوضحت مصادر حقوقية بالمدينة أن النيابة العامة قررت أول أمس السبت الإفراج عن اثنين من الشباب الثلاثة الذين اعتقلوا على هامش أحداث العنف التي عرفتها المدينة، فيما قررت الاستمرار في حبس المعتقل الثالث. وتأتي هذه التطورات بعد أن تم دفن جثة الشاب الحسن أحرات، الذي توفي خلال محاولته الهجرة السرية عبر شاطئ الكزيرة دون أن تقوم عائلته بتقديم أي شكاية إلى النيابة العامة بعد اطلاعها على نتائج التشريح الذي أمرت النيابة العامة بإجرائه للجثة بمستشفى الحسن الثاني بأكادير. وعزت مصادر حقوقية بالمدينة اندلاع المواجهات الدامية إلى الحادث المأساوي الذي راح ضحيته الشاب أحرات بشاطئ الكزيرة بعد سقوطه من علو شاهق في البحر مساء يوم الأحد 26 أكتوبر الماضي أثناء عملية إحباط هجرة بعض الشباب إلى جزر الخالدات من طرف القوات العمومية، ممثلة في الدرك الملكي، والقوات المساعدة وقوات التدخل السريع. وأكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي إيفني أن الأحداث الدامية انطلقت بعد تأخر المسؤولين في الكشف عن نتائج التشريح الطبي الذي يوضح سبب الوفاة، وهو ما دفع مجموعة من أصدقاء المتوفى يوم الأربعاء 26 أكتوبر الماضي إلى توزيع نداء بالمدينة دعوا فيه إلى مسيرة سلمية للمطالبة بالكشف عن حقيقة وفاة صديقهم. وأوضح المصدر ذاته أن أصدقاء المتوفى نظموا مساء الخميس الماضي مسيرة بحي للامريم على الساعة السادسة مساء جابت الشارع الرئيسي للحي المذكور قبل أن تستقر أمام سرية الدرك الملكي في وقفة احتجاجية رفعت فيها شعارات منددة بالوفاة ومحملة المسؤولية للقوات المشاركة في إحباط عملية الهجرة، قبل أن تتفرق هذه المسيرة في نفس المكان وأمام أعين مختلف الأجهزة الأمنية التي ظلت تراقب الحدث عن قرب. وأضاف المصدر ذاته أنه أثناء توجه مجموعة من الشباب المشارك في المسيرة نحو مركز المدينة تعرضوا لمحاولة تفريقهم من طرف القوات العمومية بالقرب من مقر القيادة الحضرية الثانية، وهو الأمر الذي أدى إلى غضب هؤلاء الشباب واشتعال الشرارات الأولى للمواجهة . وذكر المصدر ذاته أنه في حدود العاشرة ليلا من مساء اليوم ذاته تجمع بعض القاصرين بمفترق الطرق بشارع ابن سيناء بحي بولعلام وتطورت الأحداث بشكل مفاجئ، حيث تبادلوا الرشق بالحجارة مع القوات العمومية. بعد ذلك توقف هذا التراشق إثر انسحاب سيارات الأمن من أمام مفوضية الشرطة. لكن سرعان ما اندلعت مواجهات دامية بين متظاهرين والقوات المساعدة والأمن الوطني، امتدت إلى أنحاء حي بولعلام وحي البرابر، حيث تقدمت هذه القوات إلى أزقة الحيين المذكورين. وقد استمرت المواجهات بين الطرفين إلى حدود الساعة الرابعة من صباح يوم الجمعة الماضي بعد انسحاب المتظاهرين وتراجع القوات العمومية . وأشار المصدر ذاته إلى أن المواجهات الدامية أسفرت عن إصابة العديد من المتظاهرين بجروح متفاوتة الخطورة، الذين امتنعوا عن تلقي العلاج بالمستشفى مخافة اعتقالهم، فيما تم نقل المصابين من القوات الأمنية إلى المستشفى لتلقي العلاجات اللازمة. وقد قدمت عمالة سيدي إفني روايتها بخصوص الأحداث الأخيرة، حيث اتهمت «جهات لها أغراض سياسية وانتخابوية وشخصية» بالوقوف وراء الأحداث. كما استهجنت الأساليب التي تروم إعادة أجواء التوتر والاحتقان بالمدينة، مستغلة حدث وفاة الشاب المرشح للهجرة للركوب عليه والتلويح بالعودة مجددا إلى الشارع لخلق أجواء التوتر والتصعيد . وأوضحت العمالة بأن الأحداث «وقعت على خلفية تنظيم بعض العناصر المدفوعة من طرف بعض أعضاء الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وكذا من طرف بعض الأشخاص الذين يكنون العداء للسلطات، والمعروفين بمواقفهم المعارضة للتوجهات التنموية بالإقليم، خاصة بعد فشلهم الذريع في تدبير الشأن المحلي بالمدينة». وأضافت أن هؤلاء نظموا «وقفة احتجاجية منتصف الأسبوع المنصرم، حيث انطلقت من حي لالة مريم بشارع الداخلة، ثم اتجهت نحو الشارع المؤدي إلى مقر سرية الدرك الملكي للمطالبة بما أسموه التحقيق في وفاة شاب مرشح للهجرة السرية، وبعد انتهاء الوقفة الاحتجاجية، قام بعض المحتجين بمحاولة إغلاق الطريق الوطنية رقم 12 الرابطة بين مدينة سيدي إفني ومدينة كلميم، وبرشق القوات العمومية المرابطة بمقر المنطقة الاقليمية للأمن بسيدي افني، ووضع متاريس وأحجار وإحراق للعجلات المطاطية بالطرق، خاصة بملتقى شارع ابن سينا وشارع محمد بن عبد الله لعرقلة السير والجولان وإثارة البلبلة والفوضى والمس بالنظام العام». وأشارت عمالة الإقليم إلى أنه «بعد إشعار النيابة العامة بالوقائع وتوجيه الإنذارات القانونية للمعنيين بالأمر تدخلت القوات العمومية من أجل إخلاء الطريق وضمان حركة السير واستتباب الأمن، حيث تمت مواجهتها بالحجارة من أعلى سفح جبل بولعلام، مما أسفر عن إصابة بعض العناصر من القوات العمومية وتخريب للممتلكات الخاصة، حيث استمرت هذه المواجهات بين فر وكر إلى حدود الساعة السادسة صباحا، وتم اعتقال ثلاثة أشخاص من بينهم قاصرين على خلفية هذه الأحداث».