لم يتردد بعض المتتبعين في ربط فشل المغرب في انتزاع قرار تأجيل نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2015 إلى يناير 2016، بمواقف الجزائري محمد روراوة، الرجل القوي في «الكاف»، والذي بات يزاحم عيسى حياتو في الاتحاد الإفريقي. لقد قال هؤلاء إن روراوة أصبح قوة لا يستهان بها داخل «الكاف»، و دوره مؤثر، وأنه دافع بكل شراسة عن عدم تأجيل الدورة وإبقائها في موعدها. كل هذا الكلام صحيح، فروراوة نجح في أن يوجد لنفسه مكانة بارزة تحت شمس «الكاف»، بل إن وجوده ساعد المنتخب الجزائري على التأهل إلى مونديال البرازيل 2014، بل إن بلاغ المكتب التنفيذي ل»الكاف» صيغ في الجزائر. من حق روراوة أن يدافع عن تنظيم «الكان» في موعده، فالرجل يرى أن منتخب بلاده يوجد في أفضل مستوياته، وأن من شأن تنظيم البطولة في موعدها أن يساعده على نيل اللقب القاري، مع العلم أن الحصول على اللقب القاري تتدخل فيه الكثير من العوامل، كما أن المنتخب الذي يدخل مرشحا أول ليس هو من يفوز بالضرورة. وإذا أضفنا لكل هذا أن روراوة هو امتداد للنظام الجزائري، الذي لا يتردد في التشويش على كل ما هو مغربي، وحصل على دعم كبير من سلطات بلاده ليوجد لنفسه مكانة في «الكاف» ويتحول إلى الرجل الثاني داخله، فإننا يجب ألا نلقي باللوم عليه، لأنه في النهاية يحاول أن يقوم بما يخدم به نظام بلاده، ومن مصلحة النظام الجزائري أن تجرى كأس إفريقيا في موعدها، وأن يحرز منتخب بلاده اللقب القاري في المغرب مثلما يعتقد روراوة ومعه الكثيرون. إذا كان هناك طرف يجب أن يوجه له اللوم قبل أن يصدر القرار النهائي ل»الكاف» في 11 نونبر المقبل، فهو الطرف الذي اتخذ القرار بطلب تأجيل تنظيم «الكان» دون أن يكون الملف المغربي قويا بما يكفي لإقناع مسؤولي «الكاف» ووضعهم في الزاوية الضيقة. إذا كان هناك من طرف يجب أن يوجه له اللوم، فهو الغياب المغربي عن دائرة القرار في «الكاف»، إذ ليس مقبولا أن المغرب الذي يقدم نفسه رائدا في القارة الإفريقية يغيب عن المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي، ولا يشارك في صنع القرار، وهو الأمر الذي تتحمل فيه المسؤولية الجامعات المتعاقبة، لأن أيا منها لم يفكر في تقوية الحضور المغربي قاريا وعالميا، من خلال اختيار أعضاء لديهم مؤهلات كبيرة ويتم دعمهم بشكل دائم، دون أن يتم الإطاحة بهم كلما هبت رياح «التغيير» على الجامعة، كما يتحمله أيضا الوزراء المتعاقبون على «حقيبة» الشباب والرياضة، لأن البحث عن عضوية في «الكاف» أو «الفيفا» يحتاج إلى دعم حكومي وديبلوماسي، حتى لا يظل المغرب آخر من يعلم. قبل أن نلوم الآخر يجب أن نلوم أنفسنا، فهل سنستفيد من الدرس، أم أن وزير الشباب والرياضة سيخرج غدا ليتهم مرة أخرى «الطابور الخامس»، مع أن أكبر طابور يهدد الرياضة المغربية، هو «طابور الإهمال واللامسؤولية».