تسبب قرار السلطات المغربية برفض احتضان النسخة الثلاثين من نهائيات كأس إفريقيا للأمم، شهر يناير المقبل، وطلب تأجيلها إلى وقت لاحق، في ظهور صراع «خفي» بين الاتحاد الإفريقي «كاف» ونظيره الأوروبي «ويفا». في الوقت الذي يدعم فيه الاتحاد الأوروبي موقف المغرب الخاص بطلب تأجيل النهائيات الإفريقية «كان 2015»، حرصا على سلامة اللاعبين، بسبب تفشي عدوى «إيبولا» في العديد من دول القارة السمراء، يرى الاتحاد الإفريقي أنه ليس ل»ويفا» الحق في التدخل في شؤون لا تعنيه، وليس من حقه دعم المغرب، سواء بإقامة «الكان» في وقته أو تأجيله. المغرب الذي لطالما وحد بين الاتحادين الإفريقي والأوروبي، في العديد من التظاهرات الرياضية التي أقيمت في المملكة، (مونديال الأندية – النسختان الأولى والثانية من المعرض الدولي الإفريقي «فوت إكسبو»)، أصبح، أخيرا محور النزاع بين «كاف» و»ويفا»، ففي الوقت الذي يخدم قرار تأجيل «الكان» الاتحاد الأوروبي، يتضرر «كاف» من ذلك كثيرا، وكل منهما لا يريد الخسارة. التأجيل يخدم مصالح الاتحاد الأوروبي رأى الاتحاد الأوروبي، على لسان رئيسه ميشال بلاتيني، أن قرار طلب المغرب تأجيل النهائيات الإفريقية، «صائب»، باعتبار أن إقامة التظاهرة في وقتها، يهدد سلامة اللاعبين والمملكة المغربية بسبب انتشار عدوى «إيبولا» في العديد من الدول الإفريقية. مصالح الاتحاد الأوروبي في تأجيل «الكان» كبيرة، وأبعد من سلامة اللاعبين والمواطنون المغاربة، ففي حال إقامة التظاهرة القارية، في الفترة الممتدة ما بين شهري يناير وفبراير 2015، فإن عشرات الأندية الأوروبية ستتضرر كثيرا من مشاركة لاعبيها الأفارقة مع منتخباتهم، وبالتالي يفقد دوري أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الأوروبي الكثير من نجومهما، وبالتالي تقل تنافسيتهما، في وقت يسهر الرعاة والمستشهرون على رفع التنافسية من أجل مداخيل مالية أكبر. ومعلوم أن المئات من اللاعبين الأفارقة يمارسون في مختلف الدوريات الفرنسية، ومن شأن رحيلهم عن فرقهم، خلال بداية 2015، لمدة قد تصل إلى شهر كامل، الإضرار بمصالح البطولة الفرنسية، التي يسهر بلاتيني ذاته، رئيس «ويفا»، على مصالحها، بحكم سعيه إلى رئاسة اتحاد «F.F.F» مستقبلا، وأيضا حرصا منه على الرفع من تنافسية الدوري الفرنسي للمحترفين «L.F.P»، خدمة لمنتخب «الديوك» الذي يستعد لاستضافة نهائيات كأس الأمم الأوروبية «أورو 2016». بلاتيني يشعل الصراع و»الكاف» يرد.. تحدث الفرنسي ميشال بلاتيني صراحة عن دعم «ويفا» لقرار السلطات المغربية بتأجيل النهائيات الإفريقية إلى وقت لاحق، ودعا الاتحاد الإفريقي للعبة إلى الاستناد إلى تقارير منظمة الصحة العالمية من أجل تحديد الموعد النهائي للتظاهرة القارية. وقال بلاتيني، خلال حلوله ضيفا على برنامج «نادي الأحد»، على قناة «بي إن سبورتس»، إن المغاربة «لديهم الحق» في التخوف من وباء «إيبولا»، وأن «صحة الناس هي الأهم»، داعيا المسؤولين في الاتحاد الإفريقي إلى العمل وفق تقارير منظمة الصحة العالمية. لم يقبل الاتحاد الإفريقي تأييد ميشال بلاتيني لقرار السلطات المغربية، إذ أنه أصدر بيانا على موقعه الرسمي، رد فيه على تصريحات رئيس «ويفا»، وطالبه، على لسان رئيسه الكاميروني عيسى حياتو، بعدم التدخل في شؤون الكرة الإفريقية. وقال الاتحاد الإفريقي، في البلاغ ذاته: «من الأجدى أن يهتم بلاتيني بشؤون الكرة الأوروبية، وخاصة ما يجري في أوكرانيا»، مضيفا: «تحت رئاسة الكاميروني عيسى حياتو، شجع الكاف دائما على حرية الرأي بداخله، ولم يسمح أبدا بحرمان أي شخص من التعبير عن رأيه، لكن يجب الحذر، مما يبدو بكل الطرق، أنه تدخل من رئيس اتحاد قاري في حالات تخص، أولا وبالأخص، إفريقيا وكاف». ورأى كثير من المحللين الصحافيين أن الاتحاد الإفريقي قام ب»توبيخ» مباشر لبلاتيني من دون قصد، حين أصدر البلاغ «المتسرع»، وطالبه من خلاله بعدم التدخل فيما لا يعنيه، الشيء الذي يعتبر، حسب ما أوردته مجموعة من المنابر الإعلامية، «مخالفا لأعراف العلاقات الرياضية بين الاتحادات الدولية». بلاتيني يهدد ويطالب بالاعتذار وسحب البلاغ لم يقبل بلاتيني ب»توبيخ» الاتحاد الإفريقي له، واعتبر البلاغ «مهينا» لشخصه، وسارع إلى توضيح الأمور، وقال، في خطاب موجه إلى «صديقه» عيسى حياتو: «لم يحدث أنني تدخلت بأي شكل في شؤون الاتحاد الإفريقي، ولم يحدث أنني دعوت أو أيدت تأجيل كأس الأمم الإفريقية المقبلة، المرتقبة في المغرب»، مضيفا: «أكدت بكل وضوح، خلال تلك المقابلة، أنك والاتحاد هما من سيتخذ القرارات التي تريانها مناسبة، وكنت واضحا في هذا تمام الوضوح». ومضى خطاب بلاتيني قائلا: «وبهذا الدليل الدامغ، فإنه من الواضح أن بيانكم استند إلى معلومات غير دقيقة نقلت إليكم، وأنا بذلك أعتبر بيانكم غير منصف، وغير مبرر، بل ومهين أيضا». وقال بلاتيني أيضا: «لقد حضرت نهائيات كأس أمم إفريقيا إلى جانبكم مرات عديدة، وأنت تعرف مدى حبي لإفريقيا ولشعوب إفريقيا ولكرة القدم الإفريقية، وهذا هو سبب شعوري بالغضب والإساءة كثيرا جراء البيان، الآن أنا أتوقع سحب البيان محل الخلاف على الفور، إلى جانب صدور اعتذار رسمي من واضع البيان، وإلا فإنني سأتحرك ردا على ذلك». بلاتيني دعم المغرب بتقارير منظمة الصحة حين قال بلاتيني إنه من حق المغرب طلب تأجيل التظاهرة القارية إلى وقت لاحق، استند في ذلك على تحذيرات منظمة الصحة العالمية الأخيرة، المحذرة من التجمعات البشرية خشية انتقال العدوى. وكما استند المغرب، في طلب تأجيل كأس إفريقا، إلى منظمة الصحة العالمية، فإن الأخيرة من المرتقب أن تحسم أيضا في إقامة مونديال الأندية شهر دجنبر المقبل في المملكة أو نقله إلى دولة أخرى. ومن المرتقب أن يعقد اجتماع، قريب، بين منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، من أجل تحديد إمكانية إقامة مونديال الأندية في المغرب أو تأجيله إلى وقت لاحق أو نقله إلى دولة أخرى. وكانت منظمة الصحة العالمية قد عبرت، في رسالة ل» اليوم24»، عن احترامها لقرار المغرب القاضي بطلب تأجيل منافسات كأس إفريقيا، احترازا من انتشار فيروس «إيبولا» القاتل، مشيرة، في الرسالة ذاتها إلى أن قرار المملكة بهذا الخصوص سيادي، وأنها تحترمه. منظمة الصحة العالمية أوضحت، أنه وبما أن مرض «إيبولا» ينتقل من خلال الملامسة الجسدية لأشخاص مرضى، وتحديدا عن طريق اللعاب والعرق والدم والغثيان، وغيرها، فإنه لا خوف من الأشخاص الذين لا أعراض لديهم، مضيفة: «ما لم تتضح أعراض المرض لدى شخص ما، فإنه غير معدي». «كان 2015»..تظاهرة «العدوى» المكروهة في الوقت الذي يسعى فيه الاتحاد الإفريقي إلى البحث عن «مخرج»، من الأزمة التي وضعه فيها المغرب، بطلب الأخير تأجيل النهائيات إلى وقت لاحق، رفضت مجموعة من البلدان، استضافة التظاهرة، خشية منها على دخول «الإيوبلا» إلى أراضيها. ورفضت دول الجزائر، السودان، جنوب إفريقيا، تعويض المغرب وتنظيم النهائيات، إذ أنها اعتذرت عن تنظيم التظاهرة القارية، للأسباب نفسها التي كانت وراء طلب المغرب تأجيلها إلى وقت لاحق. وكانت جنوب إفريقيا، تعتبر من بين الدول المرشحة، لاستضافة نهائيات كأس إفريقيا خلفا للمغرب، حسب ما ذكرته أخيرا مجموعة من وسائل الإعلام الإفريقية، إذ أن عيسى حياتو، اتصل هاتفيا بداني جوردان، رئيس اتحاد جنوب إفريقيا، وعرض عليه فكرة تنظيم البطولة. ويعقد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في الأيام المقبلة، اجتماعا مع عيسى حياتو، من أجل تدارس حيثيات وظروف تأجيل النهائيات القارية إلى غاية الصيف المقبل، أو نقلها إلى تظاهرة أخرى، خاصة وأن دولة مصر، أبدت رغبتها في تنظيم التظاهرة، غير أن الإشكال المطروح أمام الكاف في هذه الحالة، أن دولة «الفراعنة» غير جاهزة، وعجزت، في السنوات الماضية، عن تنظيم جيد لمجموعة من المباريات الدولية. المغرب يوطد علاقته بأوروبا على حساب إفريقيا ذكرت، أخيرا، مجموعة من المنابر الإعلامية والعربية والإفريقية، أن المغرب، ولأنه لم يوف بالتزامه تجاه «كاف»، باعتذاره عن تنظيم «كان 2015»، فقد خسر ثقة الاتحاد، بعدما فاز بها في السنوات الأخيرة من خلال تنظيمه مجموعة من التظاهرات القارية للمنتخبات السنية، وتشييده وإصلاحه الملاعب. ومعلوم أن المغرب ربطته في السنوات الأخيرة، علاقات وطيدة مع الاتحاد الإفريقي، من خلال احتضانه المعرض الدولي لكرة القدم الإفريقية «فوت إيكسبو»، وبطولة الشباب للمنتخبات الأولمبية المؤهلة إلى نهائيات الألعاب الأولمبية 2012، وانتخابات «الكاف»، التي جدد خلالها الثقة في عيسى حياتو رئيسا، وبطولات أخرى، لكنه باعتذاره عن تنظيم «كان 2015»، على بعد ثلاث أشهر من انطلاق التظاهرة، يكون قد «هدّم» كل ما بناه مع الجهاز الكروي الأول في القارة السمراء، حسب ما ذكره مسؤول سابق الجامعة الملكية المغربية في حديث مع «أخبار اليوم». عيسى حياتو، ورغم أنه مازال لم يدلي بأي تصريح رسمي بخصوص اعتذار المغرب عن التنظيم، إلا أنه، حسب مجموعة من المنابر الإعلامية المتخصصة، العربية والإفريقية، مستاء من قرار السلطات المغربية، إذ لم يكن يتوقعه، هذا في الوقت الذي انتقد فيه محمد روراوة، رئيس الاتحاد الجزائري، وعضو باللجنة التنفيذية للكاف، تأجيل التظاهرة، واعتبر، أن قرار السلطات المغربية لا يخدم منتخب بلاده، داعيا غوركوف، مدرب «الخضر» إلى مواصلة العمل وفق البرامج التي رسمها قبل أشهر في انتظار ما ستسفر عنه مفاوضات الاتحاد الإفريقي. الصراع يشتد و»فيفا» يتفرج والمغرب في الوسط رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم التدخل في الصراع القائم، حاليا، بين الاتحادين الإفريقي والأوروبي، بسبب المغرب، إذ أنه حريص على تفادي دعم أي طرف على حساب آخر، مع العلم أن جوزيف بلاتر، رئيس «فيفا»، توترت علاقته أخيرا مع نظيره الفرنسي ميشال بلاتيني. ولم يعلن الاتحاد الدولي رأيه في طلب المغرب تأجيل نهائيات كأس إفريقيا للأمم، إذ أن تدخله، حسب مصادر مطلعة، سيعتبر «حاسما» في النقاش الدائر حاليا. ومعلوم أن جوزيف بلاتر، نوه، في آخر زيارة له للمغرب، بالانجازات التي بذلتها المملكة في إطار برنامجها استضافة مجموعة من التظاهرات القارية، وقال: «لقد قطع المغرب أشواطا طويلة سياق تطوير بنياته التحتية، وأرى أنه أصبح جاهزا لتنظيم أكبر الملتقيات العالمية، من بينها كأس العالم للأمم»، مبرزا: «المغرب لديه دائما فكرة تنظيم كأس العالم، والآن الملاعب الحديثة، والأخرى، جيدة بالنسبة للمستقبل». ومعلوم أيضا أن المغرب، على لسان وزير الشباب والرياضة، شدد أخيرا على أنه لم يطلب نقل التظاهرة القارية إلى دولة أخرى، بل فقط طلب تأجيلها إلى وقت لاحق. وقال محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة، أمام البرلمان، أخيرا: «نحن على أتم الاستعداد تقنيا ولوجيستيكيا لتنظيم كأس إفريقيا للأمم، إذ أن صحة المواطنين المغاربة هي أكبر رأسمال، لذلك لا يمكن المجازفة بها».