رفعت القوات المسلحة الملكية المغربية حالة التأهب على الحدود الشرقية مع الجزائر بعد حادث إطلاق الجيش الجزائري النار على مجموعة من المغاربة على الشريط الحدودي المشترك بين البلدين. وأوضح مصدر من مكان الحادث أن مسؤولين عسكريين حضروا أول أمس السبت إلى دوار أولاد صالح، الذي شهد حادث إطلاق النار من طرف الجيش الجزائري، ووقفوا على ملابسات الحادث والمنطقة التي تم منها إطلاق النار قبل أن يغادروا المكان بعد الاستماع إلى عدد من سكان المنطقة. وقد أصيب خلال هذا الحادث المواطن المغربي الصالحي رزق الله، البالغ من العمر 28 سنة، بجروح بليغة في الوجه استدعت نقله إلى مستشفى الفارابي بوجدة، بعد أن اخترقت رصاصة فكه الأيسر وخرجت من أعلى خدّه الأيمن، بعد أن أتلفت أسنانه وعينه اليسرى. وهو لا يزال يرقد في قسم العناية المركزة تحت المراقبة الطبية بالمركز الاستشفائي الجهوي الفارابي بوجدة. ويبدو أن حالة الشاب المصاب مستقرة، عقب تدخلات مستعجلة ناجحة للطاقم الطبي، بعد أن خضع لعملية أولية لتنقية الجروح من الشظايا وإيقاف النزيف الدموي. وتحتاج حالته إلى عمليات أخرى علاجية بعد استرجاع قواه وقدراته. وقال والد الضحية إنه بعث ابنه إلى الحقل استعدادا للشروع في عملية قلب التربة قبل موسم الحرث، والإشراف على عملية اجتثاث نبتة «السدرة» ومراقبة قطيع الماشية، مضيفا أنه بعد دقائق سمع دوي رصاص، وقال: «في الوقت الذي كنت أهم بمهاتفته لاستفساره عن الوضع ومصدر الرصاص، وصل ابن أخي، وأخبرني بأن العسكر الجزائري أطلق الرصاص على ابني». وعلى الصعيد الدبلوماسي، استدعت وزارة الخارجية السفير الجزائري في الرباط للاحتجاج على إطلاق جندي جزائري النار عند الحدود المشتركة بين البلدين على مواطنين مغاربة. وقال صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، خلال ندوة صحافية نظمت أول أمس بالرباط إن «ما حدث أمر خطير لا يمكن السكوت عنه أو المرور عليه. لذلك قمنا باستدعاء السفير الجزائريبالرباط لإبلاغه احتجاجنا الشديد وشجبنا لهذا السلوك الذي نعتبره سلوكا غير مسؤول بين أشقاء»، مؤكدا أن ما حدث «تصعيد غير مسبوق ويتنافى مع قواعد حسن الجوار وروابط الدم التي تجمع بين الشعبين الشقيقين».وبخصوص التدابير التي سيتخذها المغرب مع الجزائر، أكد مزوار، حسب ما نقلته عدد من وسائل الإعلام، أن ذلك مرتبط بطابع الرد الجزائري على استفسار الحكومة المغربية. وكانت الحكومة المغربية قد سجلت باستياء وقلق كبيرين ما وقع أول أمس السبت، على مستوى الحدود المغربية الجزائرية. وأضافت أنه في الساعة الثانية عشرة زوالا، أطلق عنصر من الجيش الجزائري ثلاثة عيارات نارية على عشرة مدنيين مغاربة على مستوى الشريط الحدودي لدوار أولاد صالح، التابع للجماعة القروية بني خالد الواقعة على بعد30 كلم شمال شرق مدينة وجدة. ونددت الحكومة المغربية بقوة بهذا المس المباشر وغير المقبول لحياة المواطنين المدنيين المغاربة من طرف الجيش الجزائري. كما شجبت هذا التصرف غير المسؤول، الذي ينضاف إلى ما وصفته بالأفعال المستفزة الأخرى التي تم تسجيلها في الآونة الأخيرة على مستوى الشريط الحدودي. واعتبرت الحكومة هذا التصرف غير مبرر، وينتهك أبسط قواعد حسن الجوار، ويتناقض والأواصر التاريخية وروابط الدم التي تجمع الشعبين الشقيقين، مطالبة الحكومة الجزائرية بتحمل مسؤولياتها طبقا لقواعد القانون الدولي، وبموافاة السلطات المغربية بملابسات هذا الحادث. وفي تعليقه على الحادث، قال الخبير العسكري، عبد الرحمان مكاوي، إن جنرالات الجزائر، الذين يواجهون وضعا داخليا صعبا، يحاولون جر المغرب إلى حرب متحكم فيها لتصريف الأزمة الداخلية التي تعرفها البلاد، والتي أدت إلى بداية انهيار بعض أركان الدولة، خاصة بعد إضراب أفراد الأمن الجزائري ونزولهم إلى الشارع. وأضاف أن الخبراء العسكريين والاستراتيجيين داخل مراكز البحث الأوربية يتخوفون من الانهيار المفاجئ للنظام الجزائري على اعتبار أن عقيدة جنرالات الجزائر التي يمارسونها منذ سنة 1963 تقوم على اختلاق مناوشات أو حرب متحكم فيها مع المغرب للهروب من الأزمة الداخلية التي تعرفها البلاد. واعتبر الخبير العسكري أن المقاربة في التعامل مع مثل هذه الحوادث تغيرت من لدن الجانب المغربي، حيث أصبح يتعامل مع الجزائر ندا لند، ولم يعد يسمح بهذا النوع من التجاوزات والخروقات، موضحا أن مثل هذه الحوادث كانت تحل في الماضي بين عامل وجدة ووالي تلمسان.