عبرت الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين عن تخوفها من إقرار البرلمان تعديل الفصل 20 الذي أدخل على مشروع قانون 12- 127 المنظم لمهنة المحاسب المعتمد من قبل لجنة المالية بالغرفة الأولى، بالنظر إلى أنها تمس روح وجوهر المشروع الذي خرج إلى الوجود بعد نقاش وتوافق بين الهيئة وجمعية المحاسبين المعتمدين ووزارة الاقتصاد والمالية، مشددة على أن من شأن التعديل أن يكرس وضعية الفوضى الحالية التي تميز مهنة المحاسبة حاليا، لأنه سيؤدي إلى خلق كيان مهني بمستويات تعليمية وتكوينية متفاوتة، لا تؤهل شريحة عريضة من المنتسبين إليها لمزاولة المهنة وفق شروطها المتعارف عليها. وكشف عبد اللطيف القرطبي، رئيس المجلس الوطني لهيئة الخبراء المحاسبين، في تصريحات استقتها «المساء» أن «الأمر يتعلق بمشروع توافقي ساهم فيه جميع المهنيين من خبراء محاسبين ومحاسبين معتمدين، لكننا فوجئنا للتعديل الذي اقترحه نواب بلجنة المالية، بمبرر غير واضح هو «فتح الباب لولوج الهيئة في وجه حاملي الشهادات الوطنية» مضيفا أنه «لا يمكن أن نغير قانونا منظما لمهنة المحاسبة من أجل القضاء على البطالة، وهناك منطق يجب احترامه، يتعلق بطبيعة المهنة والمؤهلات التي يفترض توفرها في أي راغب في مزاولتها، والتعليل الذي أقحم في مشروع القانون من شأنه أن يخلق وضعا غير صحي، على اعتبار أن حاجة السوق الوطني من مهنيي المحاسبة محدودة ولا يمكن بحال تصور أن فتح الباب أمام أفواج الشباب لولوج المجال من شأنه المساهمة في تخفيض نسبة البطالة». وينص التعديل، الذي أدخل على الفصل 20،على أنه «يحق للحاصلين على أحد الدبلومات الجامعية للتعليم العمومي المغربي بعد ثلاث سنوات على الأقل من الدراسة في الاقتصاد والمالية أو المحاسبة أو تدبير المقاولات والمحددة قائمتها بنص تنظيمي أو كل دبلوم آخر معترف بمعادلته وفقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل لأحد الدبلومات سالفة الذكر، والذين اجتازوا بنجاح اختبارات الأهلية المهنية السنوي وأن يقضوا فترة تدريبية لا تقل عن ستة أشهر لدى محاسب معتمد». كما ينص التعديل المثير للجدل أيضا على «أن يكون حاصلا على أحد الدبلومات الجامعية للتعليم العمومي أو من مؤسسات التكوين المهني بعد سنتين من الدراسة في الاقتصاد أو المالية أو المحاسبة أو تدبير المقاولات (...) وأن يقضوا فترة تدريب لا تقل عن سنة لدى محاسب معتمد». وأن يكون حاصلا على الباكالوريا التقنية في مادة المحاسبة والتدبير والذين اجتازوا بنجاح اختبارات امتحان الأهلية المهنية السنوي وأن يقضوا فترة تدريب لا تقل عن سنتين لدى محاسب معتمد». ويعلق القرطبي على الأمر: «هناك ثلاثة مرتكزات أساسية يجب التأكيد عليها في رفضنا التعديل المقترح والذي نتمنى أن يتفهم البرلمانيون خطورته، وهي أن الهدف الأساسي من مشروع القانون الحالي هو تحسين شروط أهلية من يمارسون المهنة، والرفع من مستواها بما يتلاءم مع متطلبات الاقتصاد الوطني وحاجيات المقاولات المغربية، وثانيا أن المشروع تطلب سنوات عديدة من النقاش وتبادل وجهات النظر بين المهنيين إلى أن تم الوصول إلى حل توافقي بين جميع مكونات المهنة واقتنعت به الحكومة، ولهذا فالمفروض أن أي تعديل يجب أن يحترم هذه المنهجية ولا معنى لأن يتم بشكل غير مدروس وغير متوافق عليه، وتؤدي إلى خلق مشاكل جديدة للمهنة نحن في غنى عنها، ثم أخيرا-يضيف- التعديل المقترح من شأنه أن يمس صورة ومصداقية مهنة المحاسبة في المغرب في علاقتها مع الشركاء الأجانب، لأن الأمر سيمس بالتأكيد جودة الخدمة المقدمة التي ستتأثر لا محالة». على صعيد متصل، شدد مصدر من الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين على أن مشروع القانون الجديد اعتمد على مبدأ أن مزاولة مهنة المحاسبة والخبرة المحاسبية يجب- بعد تسوية الوضعية الحالية- أن يتم فقط عن طريق الحصول على الدبلوم الوطني للخبير المحاسب كما هو متعارف عليه دوليا. ولهذا فإنه من غير المعقول إسناد هذه المهنة ذات الطبيعة الحساسة إلى حاملي شهادة الباكالوريا مع سنتين من التمرن أو شهادة الباكالوريا زائد سنتين مع سنة من التمرن، أو شهادة الباكالوريا زائد 3 سنوات مع 6 أشهر من التمرن، في حين أن آخرين يضطرون إلى الدراسة 7 أو 8 سنوات فوق الباكالوريا من أجل الحصول على تكوين عال في مجال المحاسبة» بل الأدهى –يقول- إن التعديل «سيجعل من الدبلوم الوطني للخبير المحاسب غير ذي جدوى إذا لم يعط في المستقبل لحاملي هذا الدبلوم الحق الحصري للولوج لهذه المهنة، خصوصا وأن وزارة التعليم العالي قد قررت تعميم التكوين لهذا الدبلوم في مختلف جهات المملكة». المصدر ذاته- الذي يتمنى أن تتم إعادة النظر في التعديل خلال المناقشة العامة للمشروع- يضيف أنه «من شأن قبول مقترح التعديل أن يؤدي إلى وضع المقاولات الصغرى والمتوسطة بين يدي كيان مهني -هو للأسف كيان شرعي- لكنه مكون جزئيا من أشخاص غير مؤهلين لتولي هذه المسؤولية. كما أن ضعف الأهلية سيتسبب في عرقلة تمرير وتطبيق السياسات العمومية الخاصة بتطوير ومواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة. زيادة على أن فتح المجال أمام مهنيين لا يتوفرون على المؤهلات المتعارف عليها دوليا سينعكس سلبا على وضعية المغرب كعضو كامل العضوية للمنظمة العالمية للمحاسبين (IFAC) كما سيؤثر سلبا على ترتيب المغرب في بعض المؤشرات الدولية الجالبة للاستثمار، كما سيبعد البلاد من الالتقائية في القوانين التي تنص عليها الاتفاقية المتعلقة بالوضع المتقدم للمغرب مع أوربا.