بسبب صعوبة العيش بمدينة مكناس وعدم الحصول على عمل قار، أجبرت عائلة (ع.ك) على الرحيل إلى مدينة الخميسات للإقامة بمنزل في ملكية الأب بحي الرتاحة وهو أحد الأحياء الهامشية بالمدينة. كان الأب المعيل الوحيد للأسرة المتكونة من طفل وثلاث فتيات تزوجت اثنتان منهن بعد بضع سنوات. بعد شهور من استقراره بالمدينة اضطر الأب، مرة أخرى، للانتقال إلى مدينة الناظور للعمل هناك، بعدما تمكن ابنه من فتح محل لبيع المواد الغذائية العامة بالمرأب التابع لمنزل الأسرة حيث أضحى المسؤول عن أسرته المتكونة من أمه وزوجته وطفله الوحيد وأخته الصغيرة. وفي أحد أيام رمضان المنصرم وقع خلاف بينه وبين أحد الزبناء، انتهى بتلقي الأخير ضربة حادة على مستوى القفص الصدري عجلت بوفاته دقائق بعد ولوجه قسم المستعجلات. أخبرت دورية شرطة كانت تقوم بجولة اعتيادية بالمدينة قبيل أذان المغرب بحوالي 5 دقائق بضرورة الانتقال إلى حي الرتاحة لتقصي المعلومات الواردة على مصلحة الشرطة والتي مفادها وجود شخص في حالة حرجة إثر تعرضه للضرب والجرح الخطير بواسطة سلاح أبيض من طرف أحد سكان الحي. تحقيق أولي عند حلول سيارة الأمن بحي الرتاحة وجد رجال الشرطة صعوبة في الوصول إلى المعتدى عليه بسبب تجمهر عدد كبير من سكان الحي حول سيارة الإسعاف التي كانت تقوم بإجراءات نقل الضحية الذي كان جسده مضرجا في دماء غزيرة، بسبب الطعنة التي تلقاها في قفصه الصدري، إذ تم نقله على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي بالخميسات. وفي الوقت الذي فتح رجال الأمن تحقيقا أوليا لمعرفة هوية المعتدي وهوية الضحية وصل خبر وفاة المعتدى عليه دقائق بعد ولوجه قسم المستعجلات التابع للمستشفى الإقليمي بالخميسات. الضحية والمعتدي وجود أب الضحية (ب.ع) بعين المكان، والذي في حالة نفسية صعبة، إذ تزامن حديث المحققين معه مع وصول خبر وفاة ابنه الذي نزل كالصاعقة على سكان الحي حيث تعالى الصياح والبكاء، سهل على المحققين معرفة هوية الضحية الذي كان يعرف باسم (م.ع) كما كشف أيضا عن هوية المعتدي الذي يعمل تاجر للمواد الغذائية بالحي ذاته وأحد جيران الضحية حيث أدلى باسمه (ع.ك). أسباب الاعتداء أكد أب الضحية (ب.ع) أن ابنه وقع في خلاف مع التاجر الذي رفض مده بسيجارتين قبيل أذان المغرب بدقيقتين، إلحاح ابنه في الحصول على السيجارتين اللتين كان ينوي تدخينهما بعد أذان المغرب ورفض التاجر تسليمهما له طور الخلاف بينهما إلى تبادل العنف اللفظي ثم الجسدي انتهى بتلقي الضحية ضربة قوية في الجانب الأيسر من القفص الصدري سقط على إثرها مضرجا في دمائه فيما لاذ المعتدي بالفرار نحو وجهة مجهولة . بعد عدة تحريات وجمعها عدة معطيات حول الحادث والأماكن التي من الممكن أن يلجأ لها المعتدي، قامت الشرطة، معززة بفريق مسرح الجريمة وتعزيزات أمنية أخرى، بعملية تمشيط للحي غير أن شدة الظلام وشساعة الحي والأحراش المجاورة له لم تكن مساعدة لإلقاء القبض على المتهم، لكن الشرطة واصلت بحثها وتحرياتها بواسطة وسائل أخرى قادت إلى معرفة تواصل المعتدي بواسطة الهاتف النقال مع أخته، فتتم تحديد مكانه بأحد الحقول وهو المكان الذي اختفى فيه منذ اقترافه للجرم الفظيع. وحاولت الشرطة استدراجه لشارع محمد الخامس حيث سلم نفسه عن طواعية لرجال المباحث الذين ساقوه إلى مقر مصلحة الأمن وفتحوا تحقيقا أوليا معه قبل أن يضعوه تحت إجراءات الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة لدى استئنافية الرباط لاستكمال البحث والتقديم. البحث عن أداة الجريمة انتقلت عناصر المباحث إلى أحد الحقول المجاورة لحي الرتاحة من أجل البحث عن أداة الجريمة، وهو المكان الذي اتخذه المعتدي مكانا لاختبائه وتواريه عن الأنظار إلى غاية تقديم نفسه لرجال الأمن وبعد جهد مضن تمكن المحققون من العثور على الأداة بدلالة منه وهي عبارة عن سكين متوسطة الحجم تستعمل في تقطيع الخضر، قال بشأنها المتهم إنه حصل عليها من مطبخ أسرته لما تبادل العنف مع الضحية . ولم تعثر الشرطة في بحثها على العصا التي استعملها التاجر في تبادل الضرب مع قاتله. الاستماع إلى أب الضحية وأم المتهم عند الاستماع إلى أب الضحية أكد أنه كان بالمنزل ينتظر أذان المغرب للشروع في الإفطار، لكن سماعه صراخ زوجته دفعه للخروج من المنزل لتقصي الحقائق فوجد ابنه مضرجا في الدماء وبعد حضور رجال الأمن ومعاينته تم نقله على وجه السرعة بواسطة سيارة الإسعاف إلى قسم المستعجلات. فيما أكدت أم (ع.ك) أنه مباشرة بعد الحادث لاذ ابنها بالفرار دون اللجوء إلى المنزل . الاستماع إلى المتهم عند الاستماع إلى (ع.ك) في محضر رسمي أكدت مصادر «المساء» أن المتهم بالقتل أكد في تصريحاته أنه قبيل أذان المغرب بدقائق، وحينما كان يهم بإغلاق باب متجره والصعود إلى البيت لتناول طعام الإفطار كعادته، حل بباب متجره (م .ع) وهو أحد جيرانه وطلب منه مناولته سيجارتين ولما طلب منه تسديد ثمنهما قال إنه لا يملكه في الوقت الراهن ووعد بتسديده في وقت لاحق. وذكر المتهم بالقتل أنه رفض ذلك وسارع إلى إغلاق باب المتجر، غير أن الزبون عوض الانصراف إلى حال سبيله تمادى في الإلحاح على الحصول على السيجارتين، ليؤدي ذلك إلى تبادل السب والشتم ثم تطور الخلاف إلى الاشتباك بالأيدي ثم تبادل الضرب، لكن بعض الجيران تدخلوا لفض النزاع. وأضاف (ع.ك) أنه أحس بالحكرة وبالدونية أمام الجيران، خاصة وأن الضحية استعمل عصا ضربه بها مما جعله يلج منزله ويأخذ سكينا من المطبخ وهاجم الزبون من جديد وسدد له طعنة على مستوى قفصه الصدري، وكشف للمحققين أجزاء مختلفة من جسده تحمل أثر ضرب في الرأس والظهر قال بشأنها إنها ناتجة عن ضربه من طرف الضحية بالعصا. وتم بعد ذلك عرض المتهم على الطبيب للكشف عن الكدمات وأثر الضرب ناوله بشأنها شهادة طبية تؤكد عجزه لمدة 12 يوما . اعتراف (ع.ك) وشهادة أم الضحية، وأم المتهم بالقتل وأب الضحية والتقرير الطبي ثم وفاة الضحية بعد حادث الاعتداء تؤكد العلاقة السببية الحتمية بين حادث الضرب والجرح الخطير والوفاة. أمام العدالة أحالت الشرطة القضائية التابعة للأمن الإقليمي بالخميسات (ع.ك) من مواليد 1978، مهنته تاجر، متزوج وأب لطفلة واحدة، على الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالرباط في منتصف شهر يوليوز 2014 بتهمة الضرب والجرح الخطيرين بواسطة السلاح الأبيض المفضيين للموت.