انتهت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، أول أمس، من مناقشة تفاصيل الملف المعروض على أنظارها، والذي يتابع فيه شرطيان ينتميان إلى فرقة التدخل السريع، التابعة لولاية أمن عاصمة الغرب، على خلفية مصرع معتقلة قاصر، في الرابع عشر من يوليوز الماضي، بعد إيقافها من طرف أحدهما في ظروف غامضة. وكشفت جلسة المحاكمة، التي دامت لأزيد من 6 ساعات، عن حقائق مثيرة، أزاحت الغموض عن بعض الجوانب المظلمة في هذه القضية، خاصة في ما يتعلق بالملابسات الحقيقية لحادث مصرع الهالكة «ه ج»، البالغة من العمر 16 سنة، وهي الواقعة التي جرت الظنينين معا للمساءلة القضائية بتهمة القتل الخطأ وعدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر والتبليغ عن جريمة يعلم بعدم حدوثها وإهانة الضابطة القضائية. واستطاعت القاضية سعاد لحلو، رئيسة هيئة الحكم، رفقة دفاع الضحية، دفع المتهم الرئيسي في هذه القضية إلى الاعتراف بجملة من الأخطاء المهنية أثناء اعتقاله للفتاة القاصر، حيث أُجبر هذا الأخير، أمام دقة الأسئلة الموجهة إليه من قبل الأطراف المذكورة، على الإقرار بارتكابه للعديد من التجاوزات والأخطاء المهنية الجسيمة، بينها مغادرته مكان عمله قبل انتهاء حصة العمل ودون إشعار مسؤوليه، وقيامه بالتدخل دون إشعار قاعة المواصلات لطلب تعزيز أو تلقي التعليمات المناسبة، ودون اتخاذ الإجراءات الاحترازية الضرورية. وأثار جواب النيابة العامة على مرافعات هيئة دفاع الهالكة، التي كانت تضم كلا من حميد كرايري ورشيد آيت بلعربي وريد الطاس، حفيظة محامي الضحية، حينما اعتبر أن العمل الذي قام به الشرطي المتهم، الذي يوجد رهن الاعتقال، يشكل عملا محمودا يشكر عليه، ما دامت نيته كانت تنصرف حينها إلى حماية الضحية، وهو ما اعتبره المحامي آيت بلعربي تشجيعا على التحكم والتسلط، مؤكدا أن التدخل الذي نفذه الشرطي المعتقل تم خارج كل الضوابط المهنية، مستنكرا في الوقت نفسه، ما أسماه إشادة ممثل الحق العام بفعل تسبب في إزهاق روح بريئة. وانصبت مرافعة دفاع الضحية على محورين أساسيين، تعلق أولاهما بطبيعة الأبحاث التي أنجزت في هذا الملف، والتي اتسمت بالسطحية، على حد وصفه، مستغربا تبني وكيل الملك كل ما جاء فيها من نتائج، رغم النواقص التي شابتها، هذا في الوقت الذي ركز محامي الضحية، في الشق الثاني من مرافعته، على اعتبار الأفعال موضوع الملف جناية، وأن ما اقترفه الشرطي المعتقل هو عمل تحكمي طبقا للفصل 225 من القانون الجنائي، والذي يعاقب على الأفعال التحكمية التي تمس بالحرية الشخصية للمواطن بالتجريد من الحقوق الوطنية، مستندا في ذلك على الحقوق الدستورية المنصوص عليها في المواد 19 و20 و24 من دستور المملكة. يشار إلى أن المحكمة الابتدائية للمدينة نفسها، حجزت ملف هذه القضية للمداولة، وحددت جلسة تاريخ الثالث والعشرين من هذا الشهر للنطق بالأحكام في حق المتابعين.