وجه تقرير الحريات الدينية، الذي يصدر سنويا عن كتابة الدولة الأمريكية في الشؤون الخارجية، انتقادات قوية إلى المغرب على خلفية اتهامات له بالتضييق على الحريات الدينية، خاصة في ما يتعلق بعملية تغيير الدين والانتقال إلى اعتناق المسيحية. وشمل التقرير، كما هي العادة سنويا، عددا من البلدان التي وجه إليها انتقادات بسبب وضعية الحريات الدينية فيها. وأعلن كاتب الدولة الأمريكي في الخارجية، جون كيري، قبل أيام في ندوة صحافية عن صدور التقرير الذي يهم سنة 2013، والذي يأتي في ظرفية شديدة الدقة من حيث الصراعات الناشبة في عدة مناطق من العالم بسبب الخلافات الدينية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث يعيش المسيحيون أوضاعا شديدة الصعوبة، بسبب الحرب الأهلية في سوريا والوضعية الأمنية في العراق. وقال كيري إن 75% من سكان العالم يعيشون في دول لا تحترم الحريات الدينية. وقال التقرير إن الحكومة المغربية تشدد الخناق على معتنقي المسيحية داخل التراب المغربي، بمبرر مزاولتهم لأنشطة تنصيرية، مقابل ما وصفه ب«المُعاملة التفضيليّة» التي تتيحها لممارسي المذهب المالكي واليهود، منتقدا عدم وجود مساجد خاصة بالشيعة في المغرب. وقال التقرير إن الحكومة المغربية تضيق على كل محاولات تغيير الديانة من الإسلام، رغم أن الدستور المغربي يضمن حرية المعتقد، لكنه أكد في نفس الوقت على أن الدولة المغربية تحترم ممارسة الشعائر الدينية لكافة المغاربة، مقرا بأن الجاليات الأجنبية تمارس طقوسها الدينية بكل حرية داخل المغرب. وقدّر التقرير سكان المغرب بحوالي 32.6 مليون نسمة 99 % منهم مسلمون سنة، والبقية يهود ونصارى وشيعة وبهائيون، كما يقدر عدد اليهود وفق زعماء الطائفة اليهودية، بحوالي 4 آلاف يهودي، 2500 منهم يقيمون في الدارالبيضاء، فيما يتوزع 100 يهودي بين مراكشوالرباط، مشيرا إلى أن معظم هؤلاء اليهود هم من كبار السن، حيث إن غالبية اليهود هاجروا المغرب منذ زمن. ويضيف التقرير أن إجمالي عدد المسيحيين المتواجدين بالمغرب يصل إلى 25 ألف مسيحي، بينهم 5 آلاف أجنبي، منهم الكاثوليك والبروتستانت، غالبيتهم تقيم في مدن الرباطوالدارالبيضاءوطنجة، حيث يواظب 4 آلاف منهم، وأغلبهم من الأمازيغ، على دور العبادة من الكنائس، فيما نبه التقرير إلى أن تخوفهم من الرقابة الحكومية قلص من عدد أنشطة المسيحيين بالمغرب وجعلها غير واضحة. أما المسلمون الشيعة، فيبلغون حسب التقرير ثمانية آلاف، معظمهم من المقيمين الأجانب القادمين من لبنانوالعراق. ورغم قلة المغاربة الشيعة، إلا أن التقرير سجل غياب مساجد خاصة بهم على التراب المغربي، فيما أشار المصدر إلى أن 400 شخص هم عدد المغاربة المعتنقين للديانة البهائية، الذين يتركزون خاصة في مدينة طنجة. ويقول التقرير إن السلطات المغربية تمنع توزيع المنشورات الدينية غير الإسلامية أو المخالفة للمذهب المالكي، مشيرا إلى أن سلطة الرقابة التي تفرضها الحكومة ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على وجه الخصوص، تشمل المساجد والمدارس القرآنية بغرض حصر الخطاب المتطرف، وضمان تدريس المذهب المالكي، إضافة إلى مراقبة الجامعات والأنشطة الدينية، خاصة التي تنظمها حساسيات إسلامية، كجماعة العدل والإحسان المحظورة. وقال إنه رغم تقديم الحكومة لتسهيلات ضريبية وإعفاءات جمركية على الواردات اللازمة للأنشطة الدينية للمسلمين واليهود والمسيحيين، والسماح بعرض وبيع الكتب المقدسة باللغات الأجنبية (الفرنسية والإنجليزية والإسبانية)، إلا أنه سجل مصادرة السلطات للأناجيل، بدعوى أنها موجهة لأنشطة تنصيرية بالمغرب. وأشار إلى أن الحكومة تمنع الأنشطة التبشيرية بالمغرب مقابل السماح للمسلمين بنشر دعوتهم، بشكل يتماشى مع المذهب المالكي، بعيدا عن التطرف أو الدعوة لأي مذهب إسلامي آخر، مشيرا في مقابل ذلك إلى بعض مظاهر عدم التمييز الخاصة بالدين، من قبيل عدم إدراج الديانة على جوازات سفر أو وثائق التعريف الوطنية، وعدم حظر ارتداء الزي أو الرموز الدينية في المؤسسات العمومية أو الخاصة.