سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أمينة الصديقي: « حين أراد الطيب الصديقي أن يكون له مسرحه الخاص اشتراه من ماله الخاص» تزوج من طالبة جامعية كانت تعد بحثا تحت عنوان «تجربة المسرح المغربي.. الطيب الصديقي كنموذج» وأنجب منها أربعة أبناء
الطيب الصديقي، عميد المسرح المغربي، الرجل الذي ارتبط ذكر المسرح باسمه وكان له الفضل في ظهور أسماء كبيرة، أثْرت ساحة الفن ببلادنا.. بدأ الصديقي حياته الفنية ممثلا ثم مؤلفا فمخرجا مسرحيا وفنانا تشكيليا.. أسس فرقة المسرح العمالي مع المحجوب بن الصديق والمهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، وأصبح مديرا للمسرح البلدي وهو يبلغ من العمر 23 سنة.. رفض الرجل يوما ما العمل كساع للبريد قبل أن يحمل رسالة المسرح بكل فخر. «المساء» تنقلكم في رحلة شيقة لمعرفة الطيب الصديقي عن قرب، وتدعوكم لاكتشاف بعض مما اختزنته ذاكرته المليئة بالعديد من الحكايات المثيرة. كسب الصديقي طيلة مساره الفني الطويل شهرة واسعة وصداقات متعددة وأصبح أشهر من نار على علم، ولكن الذين يعرفون الرجل لا يعرفون السيدة التي رافقته طيلة هذه السنين، لا يعرفون المرأة التي كانت دائما بمثابة مديرة أعماله ورفيقة دربه التي لا يمكن يستغني عنها أينما حل وارتحل.. أمينة عمر، وهذا هو اسمها المدون في شهادة الميلاد، هي زوجة الصديقي التي يناديها أميرة.. حكاية زواج التقته يوما وهي طالبة في السنة أولى جامعي، كانت تريد أن تكمل بحثها عن المسرح، فكان لقاء فغرام فزواج وتلكم حكاية أخرى مثيرة ترويها أمينة بنفسها: «التقيت الطيب الصديقي في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وكان ذلك حين كنت في السنة أولى جامعي، كنت أعد بحثا جامعيا تحت عنوان «تجربة المسرح المغربي.. الطيب الصديقي كنموذج».. وكان الأستاذ برادة هو من بعثني لرؤية الصديقي لأخذ المزيد من المعلومات حول المسرح، دلني على أماكن وجوده التي حصرها بين مسرح محمد الخامس أو باليما.. كنا سبعة طلبة، بحثنا عن الرجل فوجدناه في باليما، كان حينها منهمكا في تأليف كتاب عن الفن المعماري وكان متوجها في اليوم الموالي إلى مدينة جنيف السويسرية، كان ذلك في سنة 1979 ، وضرب لنا موعدا على أن نلتقيه بعد عودته من السفر، وبعد أيام قليلة بعث لنا ببرقية من جنيف قبل وصوله وحين جاء إلى الرباط بعث ببرقية أخرى.. ورحب بقدومنا عنده إلى المسرح، وحين وقفت أمامه سألني عن مسرح بريخت، أذكر أنني تحدثت يومها كثيرا عن المسرح اليوناني، قبل أن يقاطعني قائلا هل تتزوجين، فقلت له وهل لديك عريس؟ فأجابني أنا هو العريس، فقلت له: وهل أمر الزواج ضروري، فقال لي بل إلزامي، فتقدم لخطبتي وكان الزواج في 26 نونبر، وهو التاريخ الذي صادف تاريخ ميلادي، وحين سألته لماذا هذا التاريخ بالضبط قال لي لكي لا أنسى أبدا يوم عيد ميلادك ويوم زواجنا». تزوج الصديقي من الطالبة التي أحبت المسرح، والتي قادها حظها لكي تعيش تحت سقف واحد مع عميد المسرح المغربي، ورزقا بأربعة أبناء هم الزبير وراضية وبكر ورجاء، والذين شق كل واحد منهم طريقه في الحياة كل حسب اهتماماته.. وكانت أمينة متيمة بالتمثيل وبالدراسة.. «أكملت مساري الدراسي برغم الزواج وتربية الأبناء.. كنت أهوى التمثيل، وقد شاركت مع الصديقي في عرضه المسرحي «عبد الرحمان المجذوب» في سنة 1979 ، وشاركت معه في فيلم الزفت ومسرحية «أبو حيان التوحيدي» وأعمال أخرى كثيرة.. كما سافرت مع الطيب إلى العديد من البلدان العالمية، تعرفت على رؤساء دول وعلى شخصيات فنية وسياسية وكانت لدي علاقات مع العديد من الفنانين المغاربة الذين اعتز بصداقتهم». يوم من حياة الصديقي ظل بيت الصديقي مفتوحا في وجه الجميع، يزوره الأصدقاء والصحافيون والفنانون، ويعيش من عائدات لوحاته التشكيلية.. ويواصل علاجه بفضل الرعاية السامية للملك محمد السادس.. وحين أخبرته زوجته بأنها ستضع خبر مرضه على حائط موقعها الاجتماعي فايسبوك، عاند بشدة وقال لها : «الخبر سيحزن أصدقائي وسيفرح أعدائي».. يستيقظ الصديقي في الصباح الباكر، وتسهر زوجته أمينة على تلبية طلباته، يقرأ الصحف ويرسم أحيانا ويكتب في أحايين أخرى، ويستقبل الأصدقاء ولكنه لا يغادر البيت أبدا.. وهو على هذه الحال منذ عشرة أعوام، ويأتي الطبيب للاطمئنان على صحته ويقدم له الدواء، الذي لا يتناوله إلا بإلحاح شديد من زوجته، التي يعترف الصديقي بأنها أفنت زهرة شبابها في الاعتناء به وتربية أبنائه.. ويقضي الرجل بقية يومه في مشاهدة التلفاز ومتابعة الأخبار والأعمال الفنية.. وتحكي زوجته شدة ولعه بالمسرح: «تعلق الطيب الصديقي بالمسرح وأفنى عمره في خدمته، وحين أراد يوما أن يكون له مسرحه الخاص اشتراه من ماله الخاص.. وأسماه فضاء الطيب الصديقي.. كان حلم الرجل أن يتعلم جيل جديد من الشباب أبجديات المسرح، وأن يكون فيه ورشات للتعليم، أراد أن يتعلم الشباب السينوغرافيا والملابس والديكور قبل أن يصبحوا ممثلين». لايزال الصديقي يملك ذاكرة قوية ويحفظ الشعر، يضيء شموعه كل مساء ولا تفارقه الدعابة والمرح ولا يمل من الترحيب بكل من زاره..