سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشيخي: لا تداخل بين الحزب والحركة وسننفتح على كل من يؤمن بالإصلاح وقيمه رئيس حركة التوحيد والإصلاح قال ل«المساء»: حضور بنكيران لا يحتاج إلى وسيط وأنا مازلت من تلاميذ الريسوني وأدعمه
نفى عبد الرحيم الشيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، وجود أي تداخل بين الحزب والحركة، وقال إن «الحركة مؤسسة لها وثائقها واختياراتها واجتهاداتها وهيئاتها الشورية التقريرية ومكاتبها التنفيذية المسيرة وأعضاؤها الأحرار اليقظون. وهذه المكونات جميعها هي التي سهرت لحد الآن، وستستمر في حفظ استقلالية الحركة وتمايزها عن الحزب وعن غيره من باقي الهيئات داخل المغرب وخارجه». العدالة والتنمية - شكل انتخابك على رأس الحركة مفاجأة من العيار الثقيل، خاصة أنك كنت المرشح الأقل حظا في المرحلة الأولى، التي حللت فيها في المرتبة الخامسة. ما الذي وقع حتى أطحت بكل من أحمد الريسوني ومولاي عمر بنحماد؟ ما وقع أن مرحلة التداول كانت حاسمة في الاختيار، فأحمد الريسوني بسط أعذاره الصحية والأعمال التي يشرف عليها حاليا، وأخبر الجمع العام بتعذر تحمله هذه المسؤولية. وقد كانت تدخلات أعضاء الجمع العام في ترجيح هذا المرشح أو ذاك هي التي أقنعت أغلبية الأعضاء الحاضرين باختياري لهذه المسؤولية. - بصمات عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، تبدو حاضرة في وصول عضو ديوانه إلى رئاسة الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، خاصة أن مع السي الشيخي سيقود بنكيران الحزب ويؤثر في الحركة. في البداية سأكون مضطرا مرة أخرى إلى تصحيح مقولة الذراع الدعوي، وسأقول إننا نفينا ذلك مرارا، ولست مضطرا إلى نفيه مرة أخرى. كان يمكن للإعلام أن يعرف بهذا الإبداع المغربي، القائم على التمايز بين الدعوي والسياسي عوض ترديد توصيفات تصدق فعلا على حالات في الشرق ولا تصدق علينا بتاتا . أما عبد الإله بنكيران فله مكانته وحضوره في الحزب وفي الحركة، وهو من مؤسسي هذا الاختيار الشوري الديمقراطي في تولي المسؤوليات والمدافع عنه بقوة، فخلال الجمع العام الوطني تدخل في مرحلة التداول كباقي أعضاء الجمع العام في حدود الدقائق الثلاث المحددة من طرف التسيير، وأدلى برأيه في المرشحين. ولا أستبعد أن يكون عدد من الأعضاء أخذوا رأيه وترجيحه بعين الاعتبار عند الاختيار، وتلك وظيفة التداول. لكن الذين حضروا مرحلة التداول التي دامت أزيد من ثلاث ساعات لاحظوا جيدا كيف سارت الأمور، وكيف ظل الترقب شديدا حتى آخر لحظة، وكيف أننا احتجنا إلى دور ثان كي نفرز الرئيس. وللإشارة، فعبد الإله بنكيران لا يحتاج إلى وسيط للحضور إلى حركة التوحيد والإصلاح، فهو عضو في مجلس الشورى، ومكانته واعتبار رأيه وملاحظاته لدى إخوانه محفوظة بفعل إخلاصه وعطائه وعيشه المتواصل معهم. يرى بعض المتتبعين أنه بانتخابك ستكون الحركة قد حسمت في تبعيتها للحزب، باعتبارك ليس من أصحاب النظرية في الحركة كما هو الشأن بالنسبة إلى سعد الدين العثماني وأحمد الريسوني. حركة التوحيد والإصلاح مؤسسة لها وثائقها واختياراتها واجتهاداتها وهيئاتها الشورية التقريرية ومكاتبها التنفيذية المسيرة وأعضاؤها الأحرار اليقظون، وهذه المكونات جميعها هي التي سهرت لحد الآن وستستمر في حفظ استقلالية الحركة وتمايزها عن الحزب وعن غيره من باقي الهيئات داخل المغرب وخارجه. - يتساءل البعض إن كان انتخاب الشيخي مجرد سيناريو من السيناريوهات، أم أنه صاحب أطروحة تلقى القبول داخل الحركة؟ هو اختيار لمرشح من بين المرشحين، الذين يتوسم فيهم أعضاء الجمع العام أن لهم من الكفاءة العلمية والعملية والمؤهلات الشخصية ما يسمح لهم بتولي رئاسة هذه الحركة. أما بالنسبة إلى الأطروحة فأنا واحد من المساهمين في رسم التوجه العام للمرحلة والمقتنعين به، وهو ما قمنا بعرضه على أنظار الجمع العام، وتمت المصادقة عليه (التعاون على ترشيد التدين والتشارك في ترسيخ قيم الإصلاح). - البعض يلمح بأن تعبيد الطريق لك لرئاسة الحركة كان جزاء ما قدمته من خدمات، أبرزها توليك الرد على مقال أثار جدلا واسعا في قواعد التوحيد والإصلاح للريسوني بعنوان «شهوة الخلود والترشح اللامحدود». لا أذكر أنني توليت الرد على مقال بهذا العنوان، ربما تقصد مناقشتي لأخي الكريم وأستاذي أحمد الريسوني فيما قدمه من أفكار وآراء إبان مرحلة الحراك الشعبي الذي شهده المغرب سنة 2011. - ما الذي دفعك إلى الانقلاب على الريسوني مع أنك كنت أحد تلامذته، ولم تتردد في دعمه حينما أرغم على تقديم استقالته من رئاسة الحركة بعد تصريحاته حول مؤسسة إمارة المؤمنين؟ مازلت من تلامذته ولازلت أدعمه وأنصره بالمفهوم الشرعي لذلك. فإن كان على حق أو صواب ساندته وتبنيت أفكاره ودافعت عنها، وإن كان غير ذلك ناقشته وقدمت له وجهة النظر والنصح اللازم، الذي أعتقد أنه واجب علي. وبالمناسبة فهذا مما تعلمته منه أيضا، حيث حررني ومجموعة من إخواني في بدايات انتمائنا للعمل الإسلامي من عقدة المشيخة القاتلة والتقليد والتهيب المبالغ فيه والتقدير المغلوط للمسؤولين والعلماء. وبهذه المناسبة أود أن أوضح أن أحمد الريسوني هو من الذين ساهموا في إقناع كثيرين بشرعية مؤسسة إمارة المؤمنين في المغرب ولايزال مستمرا في ذلك، وهو الذي أشرف على صياغة بيان التأييد والبيعة عند انتقال الملك إلى أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله، وأسهم أيضا في إعداد مذكرة الإصلاح الدستوري وحضر بين يدي اللجنة المكلفة بتعديله ليشرح ويوضح، إلى جانب إخوانه، عددا من المقتضيات المتعلقة بذلك. كما أسهم أيضا في اعتماد الحركة قرار إرسال برقيات إلى جلالة الملك بمناسبة انعقاد جموعها العامة الوطنية. - يبدو أن التداخل بين الحزب والحركة سيستمر حتى في عهدك بعد أن اقترحت اسم عبد الله بها، وزير الدولة ونائب الأمين العام، في المكتب التنفيذي الجديد. اقتراح عبد الله بها، الذي يصفه إخوانه وأخواته، وأنا منهم، بالحكيم، جاء بالأساس لهذه الصفة ولخبرته وتجربته وسداد رأيه الذي يقف عليه كل من عاشره أو اشتغل إلى جانبه. نحن نعتمد في نظرتنا إلى العلاقة بين الدعوي والسياسي مبدأ التمايز وليس الفصل، وقد حرصنا في الحركة أن نذهب في ذلك إلى أبعد الحدود الممكنة ووجود عضو بالمكتب التنفيذي من بين 22 عضوا بعيد كل البعد عن التداخل. - بِم تفسر حرص الجيل المؤسس، خاصة الذين يقودون الحزب اليوم، على الحضور في مؤتمر الحركة من أوله إلى آخره؟ لأنهم أعضاء أولا، ولأنهم مطوقون بواجب ومسؤولية الإسهام في اختيارات الحركة وانتخاب مسؤوليها والحرص على أن تظل وفية لمبادئها وتوجهاتها. وهذا لن يتأتى بالغياب أو بالحضور المتقطع. وأعضاء الحركة يرغبون في هذا الحضور ويفرحون به ويطمئنون إليه ويؤاخذون المتغيبين عن هذه المحطات. - كشف انتخابك وجود أزمة في القيادة، ومعاناة الحركة من العقم في إنتاج القيادات بعد أن اهتدت إلى الاكتفاء بتجديد المكتب التنفيذي نسبيا في انتظار تكوين نخبة تبرز منها قيادات على المدى البعيد. ليس إلى هذا الحد، فالمكتب التنفيذي الجديد ضم بعض الأعضاء السابقين، لكنه بالمقابل رسَم عضوية بعض الأعضاء، الذين كانوا ملحقين بالمكتب السابق، في إطار التأهيل القيادي العملي، وبعض الأعضاء الذين اكتسبوا العضوية فيه لأول مرة، وهو سيشهد تجديدا بعد الانتخابات الجهوية بصعود مسؤولي الجهات الجدد. كما أننا لم نجدد لعدد من الأعضاء السابقين. أما بالنسبة إلى التكوين فقد اعتمدت الحركة في نهاية الولاية السابقة مخططا مديريا للتكوين، من بين أهم عناصره إيجاد الفضاءات وتوفير البرامج المناسبة للتأهيل القيادي. - بِم تفسر انقسام أعضاء المكتب التنفيذي في اختيار الرئيس الجديد للحركة؟ أفسره بحريتهم واستقلالهم ونزاهتهم وتحريهم الصواب عند أداء هذه الشهادات، وهو دليل آخر على إيمانهم العميق بالشورى والديمقراطية وممارستها بعيدا عن أي ترتيب أو تربيط. - وكيف تقيم حصيلة عمل القيادة السابقة للحركة؟ أصفه بالإيجابي، وهي مناسبة لأحيي فيها جميع أعضاء الحركة، ومختلف مؤسساتها وهيئاتها، وأسأل الله العلي القدير أن يكتب هذه الأعمال في صحائفنا جميعا يوم القيامة، وأخص بالذكر أعضاء المكتب التنفيذي، الذين أشرفوا على العمل خلال هذه المرحلة، التي كانت حبلى بالأحداث الكبرى، التي عاشتها عدد من الدول العربية، ومن بينها المغرب، وعلى رأسهم أخي العزيز المهندس محمد الحمداوي الذي قاد المرحلة بثبات وصمود، وكان لموقفه وحضوره ورباطة جأشه، بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، دور كبير في انسجام موقف الحركة من الأحداث الجارية وإسهامها بخيار ثالث في الحراك المجتمعي ورأب الصدع الذي كادت تتعرض له بعض الهيئات الشريكة. - بعد انتخابك ما أولويات الحركة وتوجهاتها المرحلية؟ هذا سؤال حول التوجه الإستراتيجي للمرحلة 2014/2018، الذي صوت لصالحه الجمع العام، وهو «التعاون على ترشيد التدين والتشارك في ترسيخ قيم الإصلاح»، وطرح السؤال حول ما أبرز المعالم التي تؤطر عمل الحركة خلال هذه المرحلة. بالنسبة إلى التوجه الإستراتيجي للمرحلة، طبعا هو مجموعة كلمات، لكنها تختزل تحليلا وتختزل توجها للمرحلة المقبلة. وطبعا في المرحلة السابقة كان لدينا توجه هو «ترشيد التدين وتعزيز سمو المرجعية الإسلامية في تدافع الهوية والقيم»، وهو الذي أجرأناه في شكل أهداف إستراتيجية وبرامج، وأنجزنا منه الشيء الكثير، الذي عرض على الجمع العام في التقرير الأدبي. هذه المرحلة شهدت هذا الإنجاز وتقدما، وشهدت أيضاً تحولات في العالم العربي عموما، وتحولات كذلك في المغرب، سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الاجتماعي، وقراءتنا لهذه التحولات تدفعنا اليوم إلى أن نعدل من توجهنا للمرحلة المقبلة بما يجعل له معالم وأولويات أخرى، وهي أولا «التعاون على ترشيد التدين»، وقد يفهم أنه تقريبا تكرار لنفس التوجه السابق، لكن هذه المرة أضفنا كلمة «التعاون» حتى نخبر الجميع ونخبر أنفسنا بأن هذا الأمر معنيون به نحن أولا، وأننا لسنا الوحيدين المؤهلين للقيام به، بل يجب أن نتعاون مع كل من يمكن أن يرشد ويسهم في ترشيد هذا التدين من داخل البلد ومن خارجه ومن فاعلين مدنيين ودعويين وإسلاميين، ولذلك نريد أن نوسع دائرة الترشيد والفاعلين في ترشيد التدين. فنحن لسنا وحدنا في هذا الوطن وهذه الأمة، ولا ندعي لأنفسنا بأننا راشدون، فنحن نحتاج إلى الترشيد، ونحتاج إلى التعاون مع الآخرين في ترشيد التدين، ثم «التشارك في ترسيخ قيم الإصلاح»، وطبعا قيم الإصلاح هي قيم قد تحملها تنظيمات الحركات الإسلامية، لكنها تتلاقى في حملها مع تيارات متعددة، سواء كانت تحمل المرجعية الإسلامية أو مرجعيات أخرى. وفي بعض الأحيان إذا عدنا إلى التاريخ سنجد أنه كان هناك بعض التشنج الإيديولوجي في حمل قيم الإصلاح، ونحن نريد في هذا الوطن أن نفتح المجال للتشارك ولتعاون في ترسيخ قيم الإصلاح مع الجميع. وهذا تحصيل حاصل، فهو تعبير عن مبدأ من المبادئ التي تعتمدها الحركة في ميثاقها، وهو التعاون على الخير مع الغير، والغير هنا غير محدد فقط فيمن يشتركون معنا في نفس المرجعية، ولذلك يرتقب أن يكون في برامجنا وفي توجه جمعياتنا والمؤسسات المرتبطة بنا انفتاح كبير على كل من يؤمن بالإصلاح وبقيم الإصلاح ويسعى إلى ترسيخها في هذا المجتمع.