برأت محكمة الاستئناف يوم الخميس 2 أبريل الجاري هناء التسولي من تهمة سرقة مشغلها، التي قضت بسببها في سجن عين قادوس، في إطار الاعتقال الاحتياطي، ما يقرب من سنة وخمسة أيام، والتي بسببها كذلك تؤكد بأنها اغتصبت من قبل بعض رجال أمن، وهي رهن الاعتقال في مخفر الشرطة بولاية أمن فاس. ومن المرتقب أن يعود ملف هذه الشابة إلى ردهات غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف يوم الاثنين، للنظر في تهمة الاغتصاب التي تقول هناء التسولي إنها تعرضت له من قبل أربعة من رجال الأمن، من بينهم ضابط سام برتبة عميد شرطة. ويعتبر هذا الملف القضائي من أهم الملفات التي تداولها الإعلام الوطني والمحلي في السنين الأخيرة، وهو الملف الذي حول هناء التسولي إلى امرأة استطاعت أن تتحدى ثقافة «العار» وأن تجهر بتعرضها للاغتصاب وأن تستقبل عددا من وسائل الإعلام، المكتوبة والمسموعة، لتحدثها بوجه مكشوف عما تقول إنه وقع لها إبان فترة اعتقالها في مخفر الشرطة. وإلى جانب ثقافة «التحدي»، تحولت هذه الشابة إلى ناشطة حقوقية، ولا يكاد يمر أي نشاط أو وقفة احتجاجية لجمعيات المجتمع المدني بفاس إلا تكون من المحتجات، ومعها عائلتها. وبالرغم من أن التسولي تشير إلى أنها لا تزال تتذكر مغتصبيها في أحد أيام شهر شتنبر من سنة 2006، وتطالب المحكمة بتوفير الظروف المواتية للكشف عنهم وسط العشرات من رجال الأمن، فإن مقربين منها يؤكدون بأن الهيئة القضائية لا تزال ترفض هذا الطلب لحسم ملف لا يحضر في جلساته سوى رجلي أمن فقط من أصل أربعة. وتتهم هذه الشابة البالغة من العمر 29 سنة، هؤلاء باغتصابها من الخلف وتعنيفها وممارسة التعذيب عليها في مخفر الشرطة بولاية أمن فاس في نهاية شهر شتنبر من سنة 2006. وقد جاء اعتقالها بعد اتهامها من قبل مشغلها بسرقة حلي ومجوهرات بقيمة 30 مليون سنتيم. وكانت المحكمة الابتدائية قد قضت ببراءتها إلا أن مشغلها استأنف الحكم لتقرر محكمة الاستئناف تأييد حكم البراءة. وكانت السلطات القضائية قد لجأت إلى خبرات مختصين للتأكد من تهمة اغتصاب رجال الأمن لها. وأثبت تقرير طبي لسجن عين قادوس حادث الاغتصاب. الحادث ذاته أثبتته خبرة طبية أنجزت لها بإيعاز من المحكمة. وإلى جانب هذه التقارير، أشار تقرير الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، الجهة التي أشرفت على التحقيق معها بعدما رفضت مواصلة «استقبال» رجال الشرطة القضائية إلى تعرض الفتاة للتعذيب والعنف والممارسة التحكمية والاغتصاب من الخلف والسب والشتم. وحاولت ولاية الأمن تكذيب خبر الاغتصاب مباشرة بعد صدور مقالات صحفية حول الموضوع، موضحة بأن هذا الادعاء هو محاولة من المتهمة للتأثير على مجريات التحقيق، لكن الخبرات التي تلاحقت «كذبت» هذا التوضيح. وسجلت مديرة المركز الاستشفائي بفاس خلال الفحص الذي قامت به بناء على أمر قضائي وجود كدمات متعددة ومتسعة في الفخذ الأيمن والأيسر واشتباه صداع ودوخة نتيجة رض بالجمجمة وشد الشعر وجروح في طور الاندمال بكل من منطقة الشرج مع جرح شرجي واشتباه اغتصاب.