لا يخلو المسار الكروي للرياضيين عامة ولاعبي كرة القدم على وجه الخصوص من طرائف ونوادر تتحول مع مرور الزمن إلى ذكريات جميلة تنفض غبار التقادم وتجعل الماضي دائم اللقاء بالحاضر لرسم معالم البهجة والزيادة في منسوب السعادة بضخ جرعات إضافية من المرح. «المساء» تغوص في ملفات الماضي الجميل للرياضيين وتنبش في ذاكرة مسارهم الرياضي لتسلط الضوء على طرائف أرخت لفترة من فترات التألق وتحولت اليوم إلى نكتة وذلك بعيدا عن الانجازات والأرقام الشخصية. بالقدر الذي كانت فيه المشاركة خلال مونديال المكسيك سنة 1986 واحدة من أبرز المحطات الكروية الوطنية والعربية والإفريقية نتيجة الانجاز غير المسبوق بالتأهل إلى الدور الثاني، بالقدر الذي أحس فيه اللاعبون المغاربة بالكثير من «الحكرة» جراء ما رافق الحفل الافتتاحي للمونديال اللاتيني. يقول مصطفى الحداوي، واحد من صناع ملحمة مكسيكو 86 التي ظلت صامدة لمدة 28 سنة، أن الاتحاد الدولي لكرة القدم أقام حفل استقبال على شرف المنتخبات المشاركة في النسخة، وزاد قائلا» لقد أقامت «فيفا» حفلا على شرف المنتخبات المتواجدة في كل مجموعة على حدة بمدينة مونتيري، وكنا وقتها إلى جانب البرتغالوانجلتراوبولونيا ضمن مجموعة الموت، بيد أن المناسبة التي كانت حفلا تحولت إلى لحظات أحسسنا خلالها ب «الحكرة» والكثير من الغبن». وتابع قائلا» لقد كان أعضاء كل المنتخبات يرتدون بدلا وربطات العنق باستثنائنا نحن، الذين كنا نرتدي بذلة رياضية، وتوجهت جميع عدسات الكاميرات وميكروفونات الإذاعات صوب لاعبي المنتخبات الثلاثة، في الوقت الذي ثم فيه التعامل معنا نحن بكثير من الاحتقار وكأننا منتخب غير معني بالمسابقة». الحداوي قال إن طريقة تعامل الصحافيين غذتها توقعاتهم وقرائتهم لمجموعة الموت، وزاد متحدثا» الكل راهن علينا كأضعف منتخب في المجموعة وأننا أول طرف معني بالإقصاء، وهو ما ضاعف من رغبتها وقوى عزيمتنا في ضحد هذه الفرضية انطلاقا من كون كرة القدم ليست علما يخضع للمنطلق وأن كل شيء فيها ممكن». الحداوي تحدث عن أسماء اللاعبين الذين ضمتهم المنتخبات التي واجهوها، وزاد» لقد وضعنا القرعة في مجوعة الموت ولا أحد كان يراهن علينا لبلوغ الدور الموالي، عدسات الكاميرات كانت مصوبة تجاه لاعبين برتغاليين أمثال باولو وغوميز وبينتو وديامونتينو، ولاعبي منتخب بولونيا بونييك الذي لعب لجيفونتيس الايطالي رفقة بلاتيني ولاوردروب والحارس ملينارزيك الذي لعب لبورتو البرتغالي، فضلا عن لاعبين انجليز أمثال لينكير وهودلي وهاتلي وبارنس، لم يهتم لأمرنا أحد وهي المسألة التي أزعجتنا كثيرا». واستطرد قائلا» ما وقع جعلنا نعقد جلسة فيما بيننا تم خلالها الإجماع على ضرورة إعادة الاعتبار للمنتخب المغربي من خلال التوقيع على حضور جيد، لقد أجمعنا على ضرورة «نسكتو ليهم فامهم» وهو ما كان وقتها من مفاتيح التألق خلال تلك النسخة». وأضاف» بعد المباراة تغيرت المفاهيم ونجحنا في تغيير النظرة الدونية إلى نظرة إعجاب واحترام، لقد كان اللاعبون رجالا حقيقيين، استبسلوا في الدفاع عن القميص الوطني حتى يرفرف العلم المغربي عاليا في سماء المكسيك، ولله الحمد كان لنا ما أردنا ونجحنا في بلوغ الدور الموالي كأول منتخب عربي وإفريقي يحقق هذا الانجاز، وأنا جد فخور بالانتماء إلى هذا الجيل الذهبي». استهل المنتخب الوطني غمار نهائيات مونديال مكسيكو 86 بمواجهة المنتخب البولوني يوم الثاني من يونيو وانتهت المباراة متعادلة بدون أهداف، وبعدها بأربعة أيام كان المنتخب على موعد مع مواجهة منتخب انجلترا في مباراة كانت تعني له الشيء الكثير، وهو ما كان حافزا لإنهائها بدون هزيمة، قبل أن يأتي موعد المباراة التاريخية يوم 11 من الشهر ذاته أمام البرتغال، والتي أنهاها الأسود لصالحهم بثلاثة أهداف لواحد تناوب على تسجيلها كل من عبد الرزاق خيري في الدقيقتين 19 و26 وعبد الكريم ميري الشهير بكريمو في الدقيقة 62، في وقت سجل فيه الهدف الوحيد للمنتخب البرتغالي اللاعب ديامانتينو.