"هاذ الفوضى ليكاينة في الشوارع هاذ الأيام ماشي معقول، راه ما بقايناش نقدرو ندوزو من الزنقة أو الشوارع"، هذه الشهادة لأحد سكان مدينة الدارالبيضاء، والذي حاول من خلالها تبليغ رسالة واضحة إلى المسؤولين المحليين والمنتخبين بخصوص ظاهرة عودة "الباعة المتجولين" من جديد إلى بعض الشوارع والأزقة خلال أيام شهر الصيام. وأكد المتحدث ذاته أن الكثير من الأزقة في مناطق مختلفة في العاصمة الاقتصادية تحولت إلى مجال مفتوح لبعض الباعة "والفراشة" لعرض سلعهم بكل حرية بمبرر "العواشر"، وأضاف أن هذا الأمر يثير الكثير من الضجر والاستياء، لاسيما أن سكان هذه الأزقة لا ينعمون بأي لحظات من الطمأنينة والراحة خلال هذا الشهر، وقال المتحدث ذاته إن "السلطات المنتخبة والمحلية مدعوة إلى تنظيم هؤلاء الباعة. وبعدما شنت السلطات في بعض المناطق حملة ضروسا على "الفراشة" والباعة المتجولين، عادت هذه الظاهرة بشكل قوي خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، ففي إحدى الأسواق الموجودة في عمالة مقاطعة ابن امسيك، والتي كان الباعة يلتزمون فيها بوقت محدد يبدأ من الثامنة إلى الثانية ظهرا، لم يعد هناك أي احترام لهذا التوقيت، حيث إن عملية البيع والشراء تستمر إلى ساعة الإفطار. وتعد القضية المرتبطة بالباعة المتجولين واحدة من الإشكاليات العصية عن الحل في العاصمة الاقتصادية، فلحد الساعة لم تتمكن السلطات من إيجاد العصا السحرية لهذه الظاهرة. وكانت حكومة إدريس جطو تبنت، في سنة 2003 عقب الأحداث الدامية التي هزت الدار البيضاء، خطة لإحداث الأسواق النموذجية في العديد من المناطق على المستوى الوطني، إلا أن شهورا قليلة على إحداث بعض الأسواق النموذجية في مجموعة من المقاطعات في العاصمة الاقتصادية أظهرت أن هذه الخطة ستكون عاجزة عن احتواء ظاهرة "الفراشة"، إذ نمت من جديد أسواق عشوائية محيطة بهذه الأسواق، ما جعل الكثير من متتبعي هذه القضية يطالبون بالتفكير في صيغ جديد للتعامل مع ظاهرة الباعة المتجولين، ورفع مجموعة من الباعة المتجولين أصواتهم احتجاجا على طريقة توزيع المحلات التجارية، مؤكدين أنها لم تكن من نصيبهم. وليس بعض سكان الدار البيضاء وحدهم المتذمرون من أفواج الباعة المتجولين، بل ينضاف إلى ذلك عدد من تجار سوق الجملة، ولكن من خلال دعوتهم إلى وضع حد لظاهرة الأسواق الموازية وبعض الشاحنات التي تنتشر في جنبات شوارع المدينة لبيع الفواكه على وجه الخصوص، وقال أحد التجار: "إذا كان لابد من تنظيم الباعة المتجولين في المدينة، لأن محاربتهم بشكل نهائي تؤثر على الرواج التجاري في سوق الجملة، فإن سلطات المدينة مدعوة إلى وضع حد للأسواق الموازية والشاحنات التي تبيع السلع خارج أسوار سوق الجملة، على اعتبار أن ذلك يشكل تهديدا مباشرا للتجار الذين يعانون كثيرا ويشتكون من مجموعة من الأزمات المالية المرتبطة بشكل أساسي بتراكم الديون عليهم". وفي الشق المتعلق بالديون المتراكمة على تجار سوق الجملة، عاد البعض منهم للمطالبة بإعفائهم من الديون، مؤكدين أنها خطوة من أجل التخفيف من الأزمات التي يتخبطون فيها، بسبب الركود الذي عرفه السوق في الشهور الأخيرة.