بدأ عدد من أعضاء الحكومة، منذ الأسبوع الماضي، بالقيام بجولات إلى عدد من المناطق والأقاليم بالمملكة بهدف التواصل مع المواطنين والترويج لبرنامج «مقاولتي» للتشغيل، في حلته الجديدة، بعد الإصلاحات التي أدخلتها عليه وزارة التشغيل والتكوين المهني، لتدارك عجزه عن استيعاب المزيد من حاملي المشاريع من العاطلين عن العمل. وعلمت «المساء» من مصادر مطلعة أنه بالإضافة إلى كل من وزير التشغيل والتكوين المهني جمال أغماني، ووزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة أحمد رضا الشامي، اللذين بدآ، الأسبوع الماضي، زيارة إلى بعض المناطق، ينتظر كذلك أن يغادر وزراء آخرون مكاتبهم بالعاصمة، ويلتحقوا بعدد من جهات المملكة، بداية من الأسبوع الجاري وطيلة الشهر الحالي، بهدف إعطاء دفعة جديدة لبرنامج «مقاولتي»، تستجيب لمرامي وأهداف الخطة الوطنية للتنمية البشرية، بعد تسجيل السلطات العليا «تعثر» البرنامج وعدم بلوغه الأهداف المنشودة في إحداث تنمية حقيقية في صفوف الشباب. ويهدف مخطط إعادة إطلاق برنامج «مقاولتي»، إلى الانفتاح على كل حامل مشروع وتوسيع عدد شبابيك الدعم وتعزيز كفاءات المشرفين على المواكبة، بحيث سيتم الانتقال من 115 إلى 183 شباكا للدعم، موزعة على مجموع التراب الوطني، وكذا وضع بوابة إلكترونية جديدة لبرنامج مقاولتي. وفي ما يُعتبر اعترافا رسميا بعجز البرنامج عن تحقيق أهدافه، قال جمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني، الذي حل يوم الأربعاء الماضي بمراكش، «إن الحكومة تسعى جادة إلى تصحيح مسار برنامج «مقاولتي»، عبر الإصلاحات التي أدخلت عليه بهدف استعادة ودعم ثقة الشباب في أهمية المبادرة الحرة ودعوة مختلف الشركاء إلى المساهمة في الرفع من أداء البرنامج». ولم يتمكن برنامج «مقاولتي»، الخاص بخلق المقاولات الصغرى والمتوسطة لفائدة الشباب حاملي مشاريع، بعد أزيد من سنتين على انطلاقته، من تحقيق ما خطط له واضعوه، من استيعاب أفواج العاطلين عن العمل من أصحاب الشواهد، وإدماجهم في مجال الشغل، وجاءت النتيجة عكسية، وهو ما تشير إليه الأرقام على أرض الواقع؛ بحيث في الوقت الذي وضعت فيه نصب أعينها حكومة إدريس جطو، عند انطلاق البرنامج في ثاني يوليوز من سنة 2006، إنشاء 30 ألف مقاولة، وخلق 90 ألف منصب شغل بحلول سنة 2008، كشفت الأرقام الرسمية أنه إلى غاية شهر مارس الماضي، قدم ما يفوق الأربعة آلاف من حاملي مشاريع، طلباتهم للحصول على قروض لدى الأبناك، وتمت المصادقة على1734 مشروعا، قبل أن يتم تمويل 1400 منها فقط من طرف الأبناك، و245 بتمويل ذاتي، أي أن النتيجة كانت أقل بكثير مما خطط للبرنامج مسبقا. إلى ذلك اعتبر، الخبير الاقتصادي والأستاذ الباحث بجامعة محمد الخامس، محمد بوستة، «أن مشكل منح القروض للمقاولات الصغرى يكمن في غياب مواكبة حقيقية لما بعد منح هذه القروض، مشيرا إلى أن الأبناك، في غياب ضمانات فعلية، تتردد كثيرا في التعامل مع المقاولات الصغرى، وتفضل التعامل مع مقاولة كبرى تضمن إعادة القرض، على أن تدرس المئات من ملفات المقاولات الصغرى، كما هو الشأن بالنسبة إلى برنامج مقاولتي». وأكد بوستة، في حديثه إلى «المساء»، «أن تخوف الأبناك له ما يبرره، ويعتبر شيئا عاديا بالنسبة لمقاولة بنكية تتوخى الربح بالأساس، بحيث كشفت التجربة السابقة للمقاولين الشباب، عجز هؤلاء عن رد القروض نظرا للصعوبات التي اعترضت إنشاء مقاولاتهم، مؤكدا على ضرورة تكوين حاملي المشاريع، في مجال تسيير المقاولة، ثم بعد ذلك مرافقتهم في تدبيرها، لضمان نجاها». وفي نفس سياق الاعتراف بتعثر برنامج «مقاولتي» ورغبة الجهات الرسمية في إعطاء دينامية جديدة له، من أجل لعب دوره كاملا في استقطاب المزيد من طالبي الشغل، دعا وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة أحمد رضا الشامي، من جهته، يوم الأربعاء الماضي بالدار البيضاء، القطاع البنكي إلى الانخراط أكثر في البرنامج، الذي تم إطلاقه مجددا، في إطار مخطط أعدته اللجنة الوطنية لمقاولتي على أساس تشخيص مفصل، مؤكدا على بذل المزيد من الجهود، من طرف الأبناك، للرد بشكل إيجابي على طلبات مرشحي برنامج «مقاولتي». وكانت حكومة إدريس جطو السابقة أطلقت برنامج «مقاولتي»، إلى جانب مبادرتي «تأهيل» و«إدماج» لخفض مستوى معدلات البطالة، ويستهدف فئات الشباب ما بين 20 و45 سنة من مستوى تعليمي عال أو تكوين مهني، أو حاملي شواهد التعليم الأساسي الراغبين في خلق مشاريع لأول مرة، على أن لا تتجاوز كلفتها 250 ألف درهم إلى 500 ألف درهم، مع ضمان المصاحبة الأولية قبل إحداث المقاولة والمساعدة على الانطلاقة الفعلية للمقاولة وتتبع المقاولات المحدثة لمدة 12 شهرا.