اعتبرت مصادر متطابقة أن «عجز» الحكومة عن إيجاد أجوبة لمعضلة البطالة و«فشل» برنامج مقاولتي في بلوغ الأهداف المرسومة له منذ انطلاقه في يوليوز سنة 2006، وغياب أية مؤشرات تفيد بتحقيق وعود الأحزاب المشاركة في الانتخابات، عشية انتخابات سنة 2007، بخلق الآلاف من مناصب الشغل سنويا، دفعت السلطات العُليا بالبلاد إلى إصدار تعليماتها إلى أعضاء الحكومة من أجل إعطاء الأولوية أكثر لمجال التشغيل من خلال «ضخ» روح جديدة لبرنامج مقاولتي الحكومي، حتى يستوعب أكبر عدد من الباحثين عن العمل ويساهم بالتالي إلى جانب المبادرة الملكية للتنمية البشرية، في تنمية اجتماعية بعيدا عن أي «استغلال سياسوي» ضيق لمجال التشغيل، في الاستحقاقات المقبلة. وكانت المصادر ذاتها أشارت، في وقت سابق ل«المساء»، إلى أن الملك سجل «تعثرا» في برنامج مقاولتي، ما جعله يصدر تعليماته إلى أعضاء الحكومة بقصد العمل على تفعيل البرنامج وحث المؤسسات البنكية على مزيد من الانخراط في تمويل حاملي المشاريع، بالإضافة إلى إشراك كل أعضاء الحكومة في «عملية تحسيسية» وترويج للبرنامج، على مستوى كافة الأقاليم والعمالات بالمملكة. ودشن وزير التشغيل والتكوين المهني جمال أغماني، الذي اعترف رسميا بفشل برنامج مقاولتي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية قبل أزيد من أسبوع، العملية التحسيسية بزيارة ميدانية لمدينة مراكش، معتبرا «أن الحكومة تسعى جادة إلى تصحيح مسار برنامج «مقاولتي»، عبر الإصلاحات التي أُدخلت عليه بهدف استعادة ودعم ثقة الشباب في أهمية المبادرة الحرة ودعوة مختلف الشركاء للمساهمة في الرفع من أداء البرنامج». وتفيد الإحصائيات الرسمية بأن برنامج «مقاولتي»، الخاص بخلق المقاولات الصغرى والمتوسطة لفائدة الشباب حاملي مشاريع لم يتمكن، بعد أزيد من سنتين على انطلاقته، من تحقيق ما خططت له حكومة إدريس جطو سنة 2006، وجاءت النتيجة عكسية، وهو ما تشير إليه الأرقام على أرض الواقع؛ بحيث في الوقت الذي وضع فيه أصحاب البرنامج كهدف رئيسي إنشاء 30 ألف مقاولة، وخلق 90 ألف منصب شغل بحلول سنة 2008، كشفت الأرقام الرسمية أنه إلى غاية شهر مارس الماضي، تم تمويل 1400 مقاولة فقط من طرف الأبناك، و245 بتمويل ذاتي، ليوفر البرنامج 5167 منصب شغل فقط، أي أقل بكثير مما كان متوقعا. وكان وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة أحمد رضا الشامي دعا، من جهته، في لقاء بالدار البيضاء، القطاع البنكي إلى الانخراط أكثر في البرنامج، الذي تم إطلاقه مجددا، في إطار مخطط أعدته اللجنة الوطنية لمقاولتي على أساس تشخيص مفصل، مؤكدا على بذل المزيد من الجهود، من طرف الأبناك، للرد بشكل إيجابي على طلبات مرشحي برنامج «مقاولتي». وفي الوقت الذي أشارت فيه مصادر «المساء» إلى ما يشبه حالة «الاستنفار» المعلنة في صفوف أعضاء الحكومة، متوقعة مغادرة هؤلاء لمكاتبهم والمساهمة في الترويج للبرنامج عبر ربوع المملكة استأنف، بداية الأسبوع الجاري، كل من وزير الدولة محمد اليازغي ووزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن نزهة الصقلي، جولات الحكومة التحسيسية، وحلت الصقلي بمدينة الحاجب حيث دعت إلى «تعبئة قوية وفعالة لكافة الفاعلين والمتدخلين من أجل إنجاح الرؤية الجديدة لبرنامج «مقاولتي»، بينما قام اليازغي بزيارة مدينة إفران التي صرح فيها «أن الأوراش الكبرى التي انطلقت بالمغرب وفرت الظروف الملائمة لإنجاح برنامج «مقاولتي» في نسخته الجديدة». ويهدف مخطط إعادة إطلاق برنامج مقاولتي، الذي أعلنته الحكومة مؤخرا، إلى الانفتاح على كل حامل مشروع وتوسيع عدد شبابيك الدعم وتعزيز كفاءات المشرفين على المواكبة، بحيث سيتم الانتقال من 115 إلى 183 شباكا للدعم، موزعة على مجموع التراب الوطني، وكذا وضع بوابة إلكترونية جديدة لبرنامج مقاولتي، كما أن البرنامج سيتسع ليشمل حتى حاملي الشهادة الابتدائية الباحثين عن شغل.