تحول الاجتماع الأخير للجنة مراقبة المالية العمومية إلى محاكمة للمتسببين في أزمة المكتب الوطني للماء والكهرباء، التي دفعت الحكومة إلى إطلاق عقد برنامج جديد من أجل إنقاذ المكتب من الإفلاس، يتضمن بنودا غير شعبية، على رأسها الزيادة في تسعيرة الماء والكهرباء من أجل توفير حوالي 13 مليار درهم. فقد طالب فريق العدالة والتنمية بحضور مدير المكتب علي الفاسي الفهري ووزير الطاقة والمعادن عبد القادر عمارة، من أجل تقديم التفسيرات الضرورية إلى المغاربة حول الوضعية المالية المزرية للمكتب؛ معتبرا أن وضع الإفلاس الذي وصل إليه المكتب، والذي تطلَّب تدخل الحكومة حتى لا يستفيق المغاربة على وقع صدمة توقف إمدادات الكهرباء والماء، يستدعي اليوم من المسؤول الأول عن المؤسسة تقديم التوضحيات اللازمة بشأن عدد من الإخفاقات التي سجلها المكتب. غير أن المثير في الأمر كان هو موقف محمد الوفا، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، الذي قال: «إن من يتحدث عن محاسبة من تسبب في الوضعية التي وصل إليها المكتب الوطني للماء والكهرباء يتحدث عن ضرورة، لكنها ليست أولوية، أي أنها ستأتي بعد الإصلاح لضمان تزويد المغاربة بالماء والكهرباء». الحكومة، إذن، تصر على تطبيق شعار «عفا الله عما سلف»، لكنها لم تستوعب أن الفساد وسوء التدبير اللذين ظل المكتب الوطني للماء والكهرباء يعيشهما منذ سنوات يمكن أن يذهبا حتى بال45 مليار درهم التي وضعها العقد البرنامج تحت تصرف مسؤولي المكتب؛ وساعتها ستكون أولى الأولويات، لا محالة، هي محاسبة الحكومة نفسها.