أكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين أن سعر الدقيق المدعم المحدد في درهمين و20 سنتيما لا وجود له في الأسواق بالمرة، مرجعا ذلك إلى التلاعب القائم بين بعض تجار الدقيق والمطاحن لتفويت حصص وهمية على الورق بالثمن الذي حددته الدولة لمراعاة القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود، بغرض المضاربة في كميات الدقيق المدعم بثمن أعلى. وأوضح أحمد بوه لجريدة «المساء»، الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة للرباط، أن الثمن التي يباع به الدقيق المدعم يتراوح بين 3,20 و3,50 دراهم، مشيرا إلى أن غياب المراقبة وتتبع مسار الدعم الذي يستفيد منه عدد من المتدخلين في سلسلة الحبوب، ولا يذهب للمستهلك، دفع المضاربين إلى استغلال هذا الفراغ والتلاعب بكوطا الدقيق المدعم المخصص حسب الجهات، وليس حسب جغرافية الفقر. وزيادة على بيع الدقيق المدعم بغير السعر القانوني، فإنه يتم نقل الكوطا من منطقة إلى أخرى نتيجة تواطؤات بين المطاحن وتجار الدقيق لتحقيق أعلى الأرباح في مناطق أخرى، إذ إن الدقيق المدعم والمصنوع من القمح العادي غير مطلوب كثيرا في المدن الكبرى ويتم توجيهه للبوادي والمدن الصغيرة، وهو ما يقتضي تركيز مراقبة الدولة على المطاحن التي تخرج منها كميات من الدقيق المدعم بغير الأسعار المسجلة في الوثائق. وتطرح هذه المعطيات تساؤلا حول مدى الحرص على احترام تطبيق الإجراءات التي وضعتها الحكومة الصيف الماضي لقطع الطريق على التلاعب والمضاربة بالدقيق المدعم، وعلى رأسها تثبيت أثمان البيع على علب وأكياس الدقيق الوطني قصد ضمان تسويقه بالأسعار المحددة. ورغم أن أسعار بيع وشراء باقي أنواع الدقيق محررة، فإن الدولة تدعم كمية من الدقيق الوطني بنحو 1,43 درهم للكيلوغرام، لكي يصل بعد زيادة اعتبارات كلفة النقل والتلفيف إلى المستهلك بمبلغ 2,20 درهم للكيلوغرام، إلا أن غياب آلية لمراقبة تداول الأسعار عند المستهلك تترك المجال واسعا للتلاعب به. يشار إلى أن باقي أنواع مادة الدقيق التي يتم تسويقها تتراوح أسعارها حسب جودتها، لتصل إلى 5,80 دراهم عند باعة التقسيط بالنسبة لما يسمى «دقيق سبيسيال» (دقيق ممتاز)، وهو الذي يباع في الجملة ب 5,40 دراهم وفي المطحنة ب 5 دراهم و30 سنتيما، فيما يباع الدقيق المصنوع من القمح اللين (فورص1) بأربعة دراهم وفورص 2 (نوعية أقل جودة) بثلاثة دراهم و80 سنتيما بفارق 40 سنتيما عن ثمن الجودة و50 سنتيما عن الثمن المتداول في المطاحن. ويذكر أن بعض ملفات التلاعب بالدقيق المدعم وصلت إلى المحاكم، إذ تنظر ابتدائية الحسيمة قضية التلاعب ب 53 طنا من الدقيق المدعم المخصصة للجماعة القروية الرواضي بإقليم الحسيمة، ويتابع فيها عضو مجلس جماعة الرواضي وأحد التجار. وتعود وقائع هذه النازلة إلى شهر يوليوز الماضي، بحيث تقدم رئيس جماعة الرواضي بشكاية للوكيل العام بالمحكمة ذاتها، مفادها أن تاجرين، أحدهما عضو بالمجلس، تلاعبا بمشاركة مدير مطحنة، في حصة شهر يوليوز الماضي من الدقيق المدعم، بعد أن قاما ببيعها في السوق السوداء.