أكد الباحث والجامعي الأندونيسي توركيس لوبيس، الأستاذ بجامعة مالك إبراهيم بمدينة مالانغ، الواقعة شرق جزيرة جاوة الإندونيسية، أن المغرب ساهم، منذ قرون، وبشكل بارز وفعال في نشر قيم التسامح والوسطية وعمل جاهدا، عبر تاريخه الطويل، على تطوير العلوم الإسلامية إسهاما منه في بناء الحضارة الإنسانية. وأوضح الأستاذ توركيس لوبيس، في عرض ألقاه، خلال انعقاد الملتقى الثالث للإندونيسيين خريجي الجامعات المغربية بجاكرتا، أن الإرث المعرفي الذي أنتجه وينتجه العلماء والمفكرون المغاربة مكن من انتشار تعاليم الدين الإسلامي المرتكزة على ثقافة التسامح والوسطية، ووضع لبنات جديدة في تعزيز الهوية الإسلامية، مبرزا أن الهوية الإسلامية ارتبطت ولعدة قرون بالإنتاج الفكري لجامعة القرويين بفاس لما لهذه المؤسسة العريقة من إشعاع علمي في العالم الإسلامي. وأشار الباحث إلى أن جامعة القرويين «لم تكن مجرد جامعة علمية لتكوين الأطر الدينية بل كانت معلمة من معالم الإسلام، ولازالت أسماء الكثير من علمائها تتداول في مختلف الجامعات الإسلامية والمجالس العلمية كمرجع أساسي في العلوم الدينية»، مؤكدا أن الإسهام المغربي يعتبر رافدا أساسيا من روافد الهوية الإسلامية و«ينبوعا صافيا قدم للحضارة الإنسانية النماذج الرائدة في مجال العلوم الدينية والدنيوية». وأضاف أن المغرب حمل عبء رسالة لعصور متتالية ومتعاقبة مفادها تعزيز أسس العقيدة الإسلامية والموروث المعرفي العربي الإسلامي كحجر أساس للحفاظ على الهوية العربية الإسلامية عبر العصور، موضحا أن الإسهام المعرفي للمغرب «رسخ أسس المذهب المالكي الذي نجح في بوتقة الوحدة المذهبية والعقائدية وحافظ على اللغة العربية بمختلف آلياتها النحوية والبلاغية تحقيقا للوحدة اللغوية». وأبرز أن هذا العمل حمل مقومات الثقافة الإسلامية الصحيحة إلى المجتمعات العربية عن طريق علماء القرويين، مما اعتبر عاملا قويا في صيانة التراث الإسلامي العربي من جهة وحماية للشخصية الإسلامية من جهة أخرى، مشيرا إلى مساهمة جامعة القرويين في حمل لواء الأصالة والتجديد وحماية الثقافة الإسلامية، التي طبعتها الجامعة بالطابع المغربي الأصيل ساعية بذلك إلى الحفاظ على ذاتية وأصالة وشخصية الأمة الإسلامية، انطلاقا من أركان ثلاثة رئيسية هي العقيدة واللغة والتراث الثقافي.