يقف الفنان محمد الغاوي يوم 29 أبريل الجاري مكرما على خشبة مسرح محمد الخامس بالرباط، مختصرا على مدار ساعتين زمنيتين، مشوارا فنيا امتد ل30 سنة. لقاؤنا مع محمد الغاوي تطرقنا فيه لأسباب عدم مسايرة الفنانين لعصرهم وإعادة توزيع أغانيهم حتى يتعرف عليهم الجيل الجديد، والعصر الذهبي للأغنية المغربية حين كانت تقام لها سهرات تحتضنها كل أسبوع مدينة مغربية، كما تحدثنا عن مدينته سلا التي ظلمتها العاصمة الرباط ، قبل أن يكشف لنا عن عمل ملحمي سيرى النور قريبا وعن رغبته في خوض تجربة التمثيل من جديد. - 30 سنة، هي رحلة عطاء ستختصر في ليلة تكريم خاصة، كيف جاءت هذه المبادرة؟ أولا أود أن أعرب عن فخري واعتزازي بهذا التكريم الذي جاء بمبادرة من مجموعة من الفعاليات الفنية والاجتماعية، وبدعم من وزارة الثقافة والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ومسرح محمد الخامس. لقد اختار الزملاء شعار 30 سنة من العطاء، وهي رحلة استمرارية ونضال في الميدان الفني منذ انضمامي إلى فرقة «الجيل الصاعد»، ثم التحاقي بمدرسة مواهب، ثم فوزي بجائزة أحسن صوت رجالي في مسابقة أضواء المدينة، وبداية مشواري الفني. وفرحتي لن تكتمل بهذا التكريم إلا بحضور زملائي الفنانين وأيضا المثقفين والإعلاميين. - مشوارك الفني أثمر عن العديد من الأعمال الفنية، هل اخترت أغان معينة لليلة تكريمك؟ تعاملت طيلة مشواري الفني مع كبار الزجالين والملحنين المغاربة، وقد أثمر هذا التعاون عن 80 أغنية، بين عاطفية ووطنية ودينية. وبمناسبة ليلة تكريمي، اخترت باقة من الأغاني التي عرفت نجاحا وتجاوبا جماهيريا. - ألم تفكر في إعادة توزيع بعض الأغاني القديمة التي ميزت مشوارك الفني من أجل إضفاء لمسة عصرية وتقريبها من الجيل الحالي؟ أنا على قناعة بأنه على الفنان أن يساير الزمن والعصر، وإلا سيصبح مستهلكا ومتجاوزا، ولكن نحن كفنانين مغاربة، نعاني من غياب شركات إنتاج ومن غياب متعهد حفلات وأساسا من غياب إدارة فنية. - حاليا يقوم بعض الفنانين الشباب بإعادة توزيع أغان مغربية لفنانين مغاربة كبار بشكل جديد، وبالتالي إحيائها من جديد وتعريف الجمهور الحالي بها وهم مشكورين على ما يقومون به. سأحاول بدوري اختيار أغان مغربية من «ربييرتواري» الخاص، وإعادة توزيعها بشكل جديد كما يفعل عادة كبار الفنانين في الغرب، وأضرب المثل هنا بالأمريكي الراحل فرانك سيناترا والفرنسي شارل أزنافور، اللذين أعادا تجديد أغانيهما القديمة وتجاوب معهما شباب في سن الثامنة عشرة. - عاصرت آخر مراحل العصر الذهبي للأغنية المغربية وكنت من بين الفنانين الحاضرين في سهرات أسبوعية جالت مدنا مغربية، ألا تتأسف على تلك الأيام؟ هذا السؤال يجب أن يوجه إلى المسؤولين عن الإعلام. يشرفني أني عاصرت رواد الأغاني الأغنية المغربية، وأن أكون اسما حاضرا في سهرات الأقاليم التي كانت تنظمها السلطات المحلية لكل مدينة، ويشرفني أني عاصرت زمن الملاحم حين كان الفنان المغربي «ما كيحوكش راسو»، وما أحوجنا إلى مثل تلك السهرات والملاحم التي كنا نشارك فيها الجمهور المغربي في عقر داره. الفنان لا حول ولا قوة له والجهات المسؤولة هي التي عليها القيام بإحياء مثل هذه المبادرات. - نفهم أنه ليست هناك جهودا من طرف الجهات الوصية على القطاع للنهوض بالأغنية المغربية؟ وزارة الثقافة مشكورة، خصصت السنة الماضية دعما للأغنية المغربية وكنت ممن شاركوا في المسابقة ومن المستفيدين من نتائجها، وقبل أيام توصلت بمراسلة من وزارة الثقافة أيضا للمشاركة في المسابقة من أجل الظفر بدعم السنة الجارية، وهي مشكورة على ما تقوم به. أنا لا أرمي مسؤولي وزارة الثقافة بالورود، بل أحييهم على ما يقومون به من مجهود مشكورة لرد الاعتبار للأغنية المغربية، وهذا ما أعتبره إيجابيا بالنسبة للأغنية العصرية المغربية. - سبق أن قلت إنك تشتاق إلى أيام الملاحم، أليس هناك مشروع في الأفق؟ فعلا كانت ملاحم لا تنسى مع الفنانين الكبيرين الطيب الصديقي ومحمد حسن الجندي وحققت نجاحا كبيرا. سأعود قريبا بعمل ملحمي أنا بصدد التعاون فيه مع الفنان أنور الجندي لن أكشف عن تفاصيله أكثر. - ألم تفكر في خوض تجربة التمثيل من جديد؟ أعتز بمشاركتي في أعمال فنية مثل «وتستمر الحياة» مع مصطفى فاكر و«راضية» الذي حظي بمتابعة جماهيرية كبيرة حين عرض. حاليا، أنا رهن إشارة السينمائيين والمخرجين التلفزيونيين في أي عمل فني، شريطة أن أوظف التوظيف الصحيح في تلك الأعمال. - عملت مربيا قبل أن تصبح فنانا، ما القاسم المشترك بينهما اليوم؟ أعتز بانتمائي لأسرة التعليم لمدة عشرين سنة، قبل أن أنتقل للعمل بجمعية أبي رقراق، وذلك بصفتي ملحقا بوزارة التربية الوطنية، إذ أشرف على قسم الموسيقى وتكوين الشباب من خلال ورشات في مجال الموسيقى والغناء. - تنتمي إلى مدينة سلا، ألا تعتقد أن هذه المدينة التي أنجبت عددا من الفنانين مظلومة فنيا؟ من سوء حظ هذه المدينة، التي أنجبت فنانين ومثقفين كبار مثل المعطي بنقاسم والحسين السلاوي وعبد المنعم الجامعي ومحمد الناجي، تجاور العاصمة الرباط، وبالتالي فجميع الأنشطة الإشعاعية تمتصها هذه الأخيرة. سلا تعرف بمهرجانها الشهير موكب الشموع ومهرجان المديح والسماع، وحاليا بدأ المسؤولون يختارونها لاحتضان بعض المهرجانات، دون أن ننسى أن مهرجان موازين يخصها بمنصة مهمة. وأتمنى أن يشيد بالمدينة مسرح خاص بها حتى تشهد نهضة فنية وثقافية كجارتها الرباط.