عادت أخطار الانهيارات لتهز فاس العتيقة، لكن هذه المرة لم تقف التساقطات المطرية وعوامل «التعرية الطبيعية» وتقادم البنايات وراء انهيار منزل كبير يصنف ضمن أهم «رياضات» المدينة القديمة للعاصمة العلمية، مساء أول أمس الاثنين. فقد أدى سوء تدبير أشغال تهيئة شوارع وأزقة في ساحة «الرصيف» من قبل مقاول وعماله، وغياب المراقبة من قبل الجهات الوصية على مثل هذه الأشغال في فاس العتيقة، إلى انهيار جزئي في المنزل كاد يتسبب في خسائر بشرية كبيرة لولا يقظة السكان والمارة على حد سواء. وقالت المصادر إن المقاولة التي تشرف على أشغال عمومية قد عمدت إلى نبش قنوات مياه صالحة للشرب، مما أدى إلى إحداث ثقب كبير بإحدى هذه القنوات، وتسرب المياه منه بقوة مثيرة، حيث تحولت هذه المياه إلى «تساقطات» أغرقت سطح البناية الواقعة بمنطقة «بوعجارة» ب«رصيف» فاس العتيقة. وأمام غزارة وقوة المياه التي كانت تسقط على سطح البناية، وفي ظل إهمال وغياب المراقبة لتوقيف هذه التسربات، انهار سطح البناية التي تقطنها عائلات معوزة مهددة بالتشرد بسبب سوء تدبير أشغال عمومية للجماعة الحضرية. وأشارت المصادر إلى أن السلطات المحلية، وأمام هذا الوضع الكارثي، أشعرت سكان البناية بضرورة إفراغ السكن، دون أي إضافات تذكر. واستغربت المصادر مثل هذه الإجراءات، متسائلة عن مصير الأسر الفقيرة بعد قرار الإفراغ. ولم تتدخل مصالح الجماعة الحضرية ووكالة الماء والكهرباء والتطهير ووكالة إنقاذ فاس ومعها السلطات المحلية إلا بعد حادث الانهيار، الذي تسبب في أزمة كبيرة في حركة المرور من وإلى فاس القديمة، حيث يعتبر مدخل «الرصيف» من أبرز مداخلها، للوصول إلى مآثر تاريخية، منها جامع القرويين، وضريح المولى ادريس، ومقر الزاوية التيجانية... وسخر المواطنون من لافتة علقتها مصالح الجماعة الحضرية بالقرب من البناية المنهارة «تشهر» فيها مشاريع تهيئة فاس وأزقتها، مستغربين تقاعس مصالح هذه الجماعة في التدخل لمراقبة أشغال تجريها في فاس العتيقة، و«محاصرة» مياه عادمة متدفقة من ثقب كبير بقوة جارفة أدت إلى انهيار هذه البناية المكونة من ثلاثة طوابق. وقد سبق لفاس العتيقة أن عاشت على وقع انهيارات موجعة. وتبين من خلال التحريات أن المقاولات المكلفة بمباشرة الإصلاح والترميم أهملت إجراءات الوقاية والسلامة، وكانت تباشر الأشغال بطريقة عشوائية، ما تسبب في خسائر مادية وبشرية فادحة.