كشفت أمطار الخير التي تهاطلت على بلادنا في الأيام الأخيرة عن هشاشة البنيات التحتية في العديد من المدن المغربية ، مما خلق معاناة جمة للمواطنين الذين تكبدوا العديد من الخسائر ، كما قطعت العديد من الطرق وأضحت عدة أحياء ودواوير محاصرة تنتظر من يغيثها منازل غمرتها مياه الأمطار بسيدي الهادي... وأخرى تحت رحمة الموت بفاس ساعة من الأمطار أغرقت معظم شوارع وأحياء الحاضرة الإدريسية، حيث أدت التساقطات المطرية الاستثنائية والغزيرة، صباح الخميس الماضي، إلى وقوع خسائر مادية عدة، خاصة في شوارع وأزقة المدينة وبعض المباني السكنية قي حي سيدي الهادي بمنطقة زواغة التابع للمقاطعة الحضرية بنسودة, وذلك جراء السيول التي اكتسحتها. وتسببت هذه الأمطار، التي وصفت بالطوفانية، في عزل العديد من الأحياء عن بعضها، وإغلاق بعض المنافذ المؤدية من وإلى وسط المدينة، واجتياح المياه بشكل مفاجئ لمختلف المرافق العمومية والخاصة، ما عطل العمل بها، حيث تسربت الأمطار، ومعها الأوحال إلى داخل المنازل والمؤسسات التعليمية، والمحلات التجارية. وأربك هذا الوضع الحياة العادية بالأحياء المتضررة، وخرج المواطنون نساء ورجالا وأطفالا يضعون أمام مداخل أزقتهم ومنازلهم حواجز رملية لعلها تمنع تدفق المياه نحو مساكنهم البسيطة، بعدما فاضت عليها وغمرتها مياه واد الحمير المثقلة بالأوحال، وألقت بظلالها على البنية التحتية بالمنطقة، حيث شلت الحركة التجارية هناك وألزم الساكنة المبيت في العراء، حيث ظلوا يخرجون المياه من بيوتهم التي تسببت في إتلاف المعدات والأغراض والمواد التموينية والأثاث المنزلي ، ما أجج غضب القاطنين، الذين استنجدوا بطاقم الجريدة الذي زار الحي المتضرر، ونددوا بما أسموه الغش في إحداث قنوات الصرف الصحي وعدم تجديد القديمة منها، بعدما بحت أصواتهم وطال انتظارهم من أجل التدخل العاجل لرفع الضرر على حيهم الذي أصبح تحت رحمة الإهمال الذي طال أمده، حيث بدأ مسلسل الشقاء منذ 2006 إثر الأشغال التي أجريت والتي لم تأخذ بعين الاعتبار مجرى الوادي الذي يخترق أهم أزقة هذا الحي. وقد شملت الفيضانات معظم الشوارع الرئيسية بالمدينةالجديدة، إذ غمرت المياه بعض الممرات الأرضية، وتوقفت حركة المرور بها، مما دفع بالسيارات والعربات إلى استغلال الرصيف للانتقال إلى الضفة الثانية، وجعلت أغلب الأحياء تغرق في المياه مما يطرح أكثر من سؤال حول البنية التحتية للمدينة التي صرفت عليها الملايير من جيوب دافعي الضرائب ولم تستطع مقاومة ساعة واحدة من التساقطات، التي عرت الغش الذي طال الشوارع وعدد من المرافق وقنوات الصرف مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي. وعلى هامش زيارتنا للموقع أكد المواطن «م بن ع»، الذي يقطن بحي سيد الهادي منذ فترة، في تصريح للجريدة، قائلا »لقد غمرت المياه كامل أرجاء بيتي المتواضع محملة بالأوحال التي تحاصر المكان من جميع الجوانب مخلفة روائح كريهة، فنحن لا نطالب لا بشغل ولا بمنحة ولا في زيادة في الأجور, بل نطالب بإنقاذنا وتخليصنا من هذه الحالة التعيسة والرديئة حتى نشعر بكرامتنا ونحقق العيش في بيئة نظيفة وصحية«، إثر ذلك تحولنا إلى منزل مجاور حيث لاحظنا مرأبا مليئا بالمياه، حيث أكد لنا صاحبه أن هذه الوضعية لا تنطبق على منزله فقط بل اغلب منازل الحي، إن لم نقل كلها متضررة. أحياء تحت رحمة الموت وقد طرحت هذه التساقطات ملف الدور المهددة بالانهيار بعدما سجلت خلال الأسبوع الماضي انهيار جزأين من منزلين بأحياء المدينة العتيقة، لم يخلف أي خسائر في الأرواح، لكن زرع الرعب في نفوس ساكنة المنازل المجاورة التي خرجت مذعورة وهي تتذكر أكثر من 244 قتيلا بسبب الانهيارات على امتداد 15 سنة، حيث انهار جزء من المنزل الأول الكائن برقم 5 درب شحم بزنقة زقاق، مساء يوم الثلاثاء 30 أكتوبر، تلاه المنزل الثاني في اليوم الموالي، حيث انهار سقف المنزل المتواجد على مستوى بزنقة 43 رأس الزاوية بمنطقة المخفية الواقعة وسط المدينة العتيقة، التي تعرف أرقاما خيالية بخصوص المنازل مهددة للسقوط، حيث سبق لبعض المصالح المكلفة بتدبير ملف المخاطر أن قامت خلال 2004/2005 بإحصاء 3144 بناية مهددة بالانهيار، بينها 1410 بناية من الدرجة الأولى و853 من الدرجة الثانية و881 من الدرجة الثالثة من الخطورة، في أفق تجديد البحث في 7000 بناية، في مختلف أحياء المدينة العجوز، كما يحلو للبعض تسميتها، التي لم يشملها الإحصاء، حيث يوجد حوالي 4000 أسرة مهددة بمآسي مؤكدة ووشيكة، كما أن فاسالمدينة توجد بها حوالي 300 خربة، قد تكون أغلبها سببا في مسلسل الانهيارات التي عرفتها المدينة، التي اعتبر البعض بنايتها بمثابة قبور لساكنتها ومصدر خوف للمترددين عليها، الذين لن تنقذهم منها الركائز والأعمدة، التي تم تثبيتها بهدف الحد من تزايد حجم الشقوق وتفادي وتقليص من حدة الانهيارات. أرقام خيالية من المباني يلاحقها شبح الانهيار بالعاصمة الروحية للمملكة، الشيء الذي يربك، عند كل فصل الشتاء، حياة القاطنين والمترددين على هذا المجمع السكني الذي يرجع عهده إلى أكثر من 12 قرنا، مما يلزم الجميع التدخل لحمايتها من الانهيارات المتتالية بهذه المنطقة، التي تضم عددا كبيرا من الدور الآيلة للسقوط والآهلة بالسكان قبل فوات الأوان، وليس الاكتفاء بصدور قرارات الإفراغ لقاطني تلك المنازل وأخرى ترقيعية. وقد اختلفت الأسباب والمآسي واحدة، حيث أرجعها البعض إلى ضعف البنية التحتية وعدم صيانة المجاري المياه وقنوات الصرف الصحي المتلاشية التي تخترق المدينة العتيقة، والبعض الآخر ربط ذلك بمسألة الرشاوى، التي ضربت أطنابها في هذا الجانب، والبعض الآخر بغياب المراقبة، لكن أجمع الجميع، على ضرورة التدخل العاجل والناجع من لدن المسؤولين لإنقاذ أرواح مواطنين أبرياء لا مأوى لديهم سوى منازلهم الاضطرارية التي يسكنها شبح الموت متحالفا ضدهم مع ظروفهم الاجتماعية القاسية. لحظات الخوف والرعب مازالت تستوطن ذاكرة الساكنة، خاصة سكان المنازلة المهددة بالانهيار والآيلة للسقوط، حيث يعيشون أوقات عسيرة وهم يترقبون ساعة الموت، التي تأتي وقد لا تأتي. المياه تغمر الشوارع والأزقة وتقطع الطرق وشبح الانهيارات يخيم على ساكنة مراكش غمرت مياه السيول أجزاء كبيرة من الطرقات التي تربط مراكز مراكش وإقليم الحوز بفعل الأمطار التي تساقطات في اليومين الأخيرين ، فطريق أسني مولاي ابراهيم قطعت في أجزاء منها، وأدى تدفق إحدى الشعاب القريبة من الشويطر إلى قطع الطريق الرابط بين مراكش وأيت أورير لمدة فاقت الساعتيبن، ولم تنج منطقة أمزميز من غضب الطبيعة ما اضطر مستعملي الطريق إلى تغيير مسارهم بعدما غمرت مياه الفياضانات مقاطع مهمة من الطريق.. المياه غمرت أراضي شاسعة وحقول بإقليم الحوز وأدت إلى خسائر فلاحية خاصة في الأشجار.. أما داخل المدينة الحمراء ، وبفعل الاشغال العشوائية والترقيعات المتسرعة التي تخفي واقع حال هذه الطرق ، خاصة تلك التي تمت قبيل الزيارة الملكية الأخيرة لمراكش ، فقد تحولت إلى برك بل بحيرات وأدت إلى تعميق الحفر التي كانت أساسا هي الطابع الدائم لطرقات وشوارع مراكش وغمرت المياه المحكمة الابتدائية ما دعا إلى تدخل رجال الوقاية المدنية، كما ادت الأمطار إلى انقطاع التيار الكهربائي في بعض الأحياء منها حي المحاميد 9.. حي المحاميد هذا تحولت شوارعه وأزقته إلى وديان باعتبار أن هذا الحي الذي يضم ما يفوق 200 الف نسمة يعد مصبا لوادي البهجة وهو معرض دائما لاكتساح المياه له كلما فاضت مياه وادي البهجة القادم من وريكة ، والذي تسبب في موت شخصين بجماعة تمصلوحت كانا على متن شاحنة، حيث تم العثور على جثة أحدهما، فيما لازال البحث جاريا من قبل المصالح المختصة عن جثة الشخص الثاني ، ذلك أن الشاحنة انقلبت بفعل الأمطار الكثيرة التي كانت تتهاطل على المنطقة و التي أدت إلى غمر الجسر بالمياه و الأوحال . مما دفع سائق الشاحنة إلى محاولة تفادي تيار السيول المتدفقة لتنقلب عربته . شبح الانهيارات يخيم على ساكنة المدينة العتيقة بمراكش خصوصا بعد انقشاع الشمس ، كما هو معتاد دائما في هذه المدينة كلما تساقطت الامطار أمام هشاشة البنايات التي لم تلق أية عناية من المسؤولين.. ومؤشر ذلك تمثل في انهيار جزء من سقف فندق الزليج بحي باب دكالة دواوير محاصرة و طريق مهدومة في «خميس ولاد الحاج» بآسفي.. في دوار الصنانات و الكشوكات المتاخم لخميس اولاد الحاج بالجماعة القروية المعاشات ، اقليمآسفي ، التي ثار فيها الأهالي احتجاجا على شبكات و لوبي الرمال هناك .. يعيش هؤلاء حصارا حقيقيا بفعل انهدام الطريق الرابطة بين أراضيهم و مساكنهم و المركز القروي المذكور .. هذا المسلك الذي تكلفت الجهة بإنجازه و تهييئه منذ سنتين تقريبا، انهار مع أولى قطرات الأمطار.. حيث انجرفت التربة و أصبحت الطريق في خبر كان . السكان الذين اتصلوا بمكتب الجريدة .. يطالبون بإصلاح مستعجل للطريق التي قطعت و لم يعد بإمكانهم النزول للمركز للتسوق و قضاء حوائجهم الضرورية، خصوصا أن هذا المسلك حيوي ويوجد على مقربة من جماعة المعاشات.