حذرت مصادر طبية من الوضع الكارثي الذي وصل إليه مستشفى ابن سينا بالرباط، بعد أن اضطر الأسبوع الماضي إلى لفظ عدد من المواطنين المرضى، نتيجة غياب وسائل أساسية للعمل، خاصة في قسم المستعجلات والمركب الجراحي، مما أثار سلسلة من الاحتجاجات. وأضافت المصادر ذاتها أن محاولة المسؤولين تبرير ما وقع بخطأ وتقصير من الشركة التي تتولى توريد هذه المواد للمستشفى لا يعفي إدارة هذا الأخير من المسؤولية، بحكم تأخر التأشير على الطلبات إداريا، وأكدت أن هذا المشكل يعد الجزء الظاهر فقط من جبل الجليد، بعد أن تدهورت جودة الخدمات التي يقدمها المستشفى التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا، والذي شهد سابقا غياب وسائل عمل بسيطة منها القفازات، وأجهزة قياس نسبة السكري، والحقن المخصصة لتهدئة الآلام. وعبر عدد من العاملين بالمستشفى عن تذمرهم واستيائهم من الطريقة التي تم بها التعاطي مع غياب مادة أساسية وحيوية في التدخلات الطبية والجراحية، وهي البنج المستعمل في العمليات الجراحية، وشددوا على أن غياب هذه المادة يدخل ضمن خانة المسؤولية التقصيرية التي يعاقب عليها القانون، خاصة في الحالات الطارئة. وتساءل أحد الأطباء العاملين بالمستشفى عن الطريقة التي كان سيتم التعامل بها في حال حدوث كارثة توقع عددا كبيرا من الضحايا، ممن يتعين إخضاعهم لعمليات جراحية فورية، مشددا على أن صورة المغرب ليست مرتبطة فقط بالأرقام والتوازنات الاقتصادية بل يتعين الاهتمام أيضا بجودة الخدمات الطبية في حدها الأدنى، والتي تعطي مؤشرا حقيقيا على حقيقة تقدم البلدان، وأضاف أن وزارة الصحة اعتمدت خدمة الإسعاف بالمروحيات في حين أن أقسام المستعجلات والمركبات الجراحية تعاني نقصا خطيرا في أبسط مواد العمل. وكان مستشفى ابن سينا بالرباط قد عرف، على امتداد الشهور الماضية، نقصا في عدد من المواد التي هددت بشل قسم المستعجلات، بعد تسجيل شح خطير في مادة "الأدرينالين" التي تعد مادة طبية حاسمة في حالات الإنعاش، خاصة من الأزمات القلبية، داخل الوحدة الحمراء، التي تستقبل عادة الحالات الخطيرة. وخلق هذا الوضع حالة تذمر واستياء كبيرين في صفوف العاملين بالمستشفى الذين نددوا بغياب أبسط وسائل العمل وتجاهل الإدارة لما يحدث، علما أن المستشفى يستقبل حالات تفد من مختلف أنحاء المغرب معظمها يتعلق بفئات معوزة، كما أن جزءا مهما من المرضى يتحدرون من أصول قروية، حيث تتحمل أسرهم عناء وتكاليف نقلهم أملا في علاجهم بالمستشفى بناء على نصائح من أطباء المستوصفات والمستشفيات الإقيلمية بعدد من الجهات خاصة من مدن الشمال والشرق. ونبه بعض العاملين بالمستشفى إلى أن هذا الأخير لا يعاني فقط من نقص شديد في وسائل العمل، بل ينضاف إلى ذلك تدهور وضعه بشكل عام، نتيجة غياب الصيانة والاهتمام بالنظافة، في الوقت الذي عمدت فيه الإدارة لصرف اعتمادات مالية مهمة لوضع كاميرات رقمية جد متطورة في عدد من أركان المستشفى، إضافة إلى أبواب كهربائية، ومعدات ربط معلوماتي.