سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«المساء» تكشف تفاصيل مثيرة عن «توريط» طباخ مراكشي في تسمم الرئيس النيجيري ووزير الدفاع الغامبي تعبئة جمعوية لإثبات براءة أيوب والمعتقل يوجه رسالة إلى المغاربة
«ابني مختطف وليس معتقلا، ولا أعرف هل هو حي أم ميت»، عبارة رددها حميد عليري، والد أيوب، الطباخ المراكشي الذي اعتقلته السلطات الغامبية على خلفية حادث تسمم الرئيس النيجيري جونتان جود لاك، ووزير الدفاع الغامبي، إضافة إلى 18 من مرافقيه، شهر نونبر الماضي. وقد أصبح منزل عليري مقصد كل أفراد العائلة، وبعض الأصدقاء، الذين علموا بخبر اعتقال أيوب بغامبيا. اختار عليري وزوجته التكتم على الموضوع خوفا من أن «نصبح حديث القاصي والداني على طاولات المقاهي». لكن نشر الخبر من قبل جريدة «المساء» الأسبوع الماضي جعل هاتف الوالد لا يتوقف عن الرنين، وصار المنزل الموجود بمنطقة سيدي يوسف بنعلي قبلة للمواسين. افتقد منزل عليري الحيوية، وصار مظلما بعد أن اختفى نور أيوب، يقول خال الشاب، في لقاء مع «المساء». دموع الأم والوالد وحتى الأخ الصغير لا تنقطع مع انقطاع أخبار أيوب، البالغ من العمر 26 سنة. فمنذ أن أخبر اثنان من أصدقاء أيوب العاملين بالديار الغامبية والده بما لحق فلذة كبده من حدث جلل، لم يعد أي أحد من أفراد الأسرة يقوى على الأكل أو الشرب أو حتى النوم، خصوصا أن أيوب هو معيل الأسرة، بعد أن تقاعد الوالد من القوات المسلحة الملكية، وصار دخله الشهري لا يتجاوز 2000 درهم. ومما زاد محنة الأم والوالد أن فلذة كبدهما ظل يكد طيلة سنوات من أجل دخول قفص الزوجية، بعد أن «حطينا العين على وحد بنت الناس»، يقول الوالدان، اللذان كانا ينتظران قدوم ابنهما من أجل مفاتحته في الموضوع. تسمم الرئيس ووزير الدفاع يحكي عليري عن أول يوم سيتلقى فيه الخبر/ المصيبة، بأن صديقين مغربيين لابنه يعملان هما أيضا بغامبيا اتصلا به وطلبا منه لقاءهما بمنطقة باب دكالة بمراكش، لإخباره بموضوع هام جدا. ظن الأب أن ابنه أرسل إليه بعض المال من أجل شراء بعض الأغراض، التي يحتاجها المنزل، وتلبية حاجيات أفراد العائلة. لذلك هرع صوب مكان الموعد لتسلم المال وكذا معرفة أخبار ابنه، الذي طال غيابه لمدة قاربت السنة وثمانية أشهر. لكن الشابين فاجآه بالقول: «بغينا نهضرو معك في واحد الموضوع وماقديناش». وهو ما أثار مخاوفه. إذ كان يعتقد أنه فقد ابنه إلى الأبد، لكن إيمانه بالقضاء والقدر، جعله يطلب من الشابين اللذين يتحدران من أكاديرومراكش إخباره بالحدث الجلل. نزل خبر اعتقال أيوب من قبل السلطات الأمنية بغامبيا كالصاعقة على والده. وقد أخبره الشابان بأن القائمين على الطبخ في فندق «كوكو أوسيو» قاموا ب «توريط» ابنه في حادث تسمم الرئيس النيجيري جود لاك جوناثان، و18 شخصا من مرافقيه شهر نونبر الماضي، في الوقت الذي تشير معلومات أخرى إلى أن من بين الذين تعرضوا للتسمم وزير الدفاع الغامبي. لم يصدق عليري أن يقوم ولده، الذي رباه على الصلاح والاستقامة، بهذا الفعل. لذلك توجه صوب مقر ولاية جهة مراكش تانسيفت الحوز، رفقة الشابين، من أجل إبلاغ السلطات بالحادث، ومطالبتها بالتدخل العاجل لإنقاذ ابنه البريء. استقبل أحد العاملين بقسم الشؤون الداخلية عليري وصديقي ابنه «عزيز.ز» و«محماد. ح»، واستمع إلى المعلومات، التي أدلى بها الشابان، وفي اليوم الموالي أخبر الوالي السابق محمد فوزي بالواقعة، وفي الأخير أرسل الملف إلى وزارة الداخلية، دون أن يلاحظ الوالد حدوث أي تطور في ملف ابنه بعد ذلك. أوكراني وسينغالي وغامبيون أكد «عزيز.ز» و«محماد.ح» للمسؤولين بولاية جهة مراكش تانسيفت الحوز أن القائمين على فندق «كوكو أوسيو« بالعاصمة الغامبية بانجول قاموا ب «توريط» الشاب المراكشي في حادث تسمم الرئيس النيجيري جونتان جود لاك، ووزير الدفاع الغامبي، إضافة إلى 18 شخصا من الذين حضروا اللقاء الذي جمع الرئيس النيجيري بالرئيس الغامبي. وأضاف صديقا أيوب أن ابن المدينة الحمراء تم إقحامه ب»غير وجه حق» في قضية تعرض الرئيس النيجيري، الذي كان ضيفا على الرئيس الغامبي يحيى جامي، في قضية التسمم، موضحين أن نتائج التحقيقات، التي باشرتها السلطات أكدت أن التسمم ناتج عن رداءة جودة السمك، الذي اقتناه الفندق، وهي المهمة التي «لا علاقة لأيوب بها»، يقول الصديقان، إضافة إلى أن أيوب لم يُعِدّ السمك، وأنه ليس الرئيس أو المسؤول عن هذا القطاع داخل الفندق. وقد أكد صديقا أيوب أن رئيس الطباخين، الذي يحمل الجنسية الأوكرانية، ونائبه، ذو الجنسية السنغالية، والطباخون الذين قاموا بطهي السمك، ويحملون الجنسية الغامبية، تملصوا كلهم من المسؤولية، في المقابل تم «توريط» أيوب، الذي أدخل السجن منذ شهرين، دون أن يتحرك أي من المسؤولين عن الشأن الخارجي للمغرب. المعلومات التي حصلت عليها «المساء» تفيد أن المسؤول عن الفندق، ويحمل الجنسية الجنوب إفريقية، كان على صراع مع عدد من المغاربة الذين كانوا يعملون في الفندق المذكور، وكان سببا في تسريحهم ومغادرتهم التراب الغامبي. وقد أكد هذا المسؤول للسلطات الغامبية أن أيوب هو رئيس الطباخين بالفندق، فيما يؤكد والد المعتقل أن ذلك «غير صحيح». وما يؤكد هذا الأمر أن الأجر الشهري لأيوب لا يتجاوز 1000 دولار، بينما يحصل رئيس الطباخين على أجر شهري قدره 5000 دولار، ويتقاضى نائبه 3500 دولار شهريا، إضافة إلى أن تجربة الشاب المغربي لم تكن تتجاوز بالفندق خمس سنوات، فيما يمتلك المشرف الأول عن عملية الطبخ ونائبه تجربة طويلة في الميدان، وقد عملا بالفندق سنوات طويلة. أيوب يتشبث ببراءته بمجرد علمها بالحادث، انتقلت الفرق الأمنية إلى الفندق للوقوف على ملابسات حادث التسمم، حيث شرعت في الاستماع إلى عدد من الطباخين، قبل أن تنقل المسؤولين الكبار إلى المستشفى لتلقي العلاجات، بينما نقل الرئيس النيجيري إلى العاصمة البريطانية لندن من أجل الخضوع لفحوصات دقيقة لمدة فاقت 15 يوما. دامت عملية التحقيق والاستماع إلى القائمين والعاملين بالفندق المشهور بالعاصمة الغامبية مدة أربعة أيام، وفي الأخير تم اعتقال أيوب بمفرده، بعد أن اتفق العاملون على أن «رئيس» الطباخين ابن مدينة مراكش هو المسؤول عن عملية التسمم. ويحكي أحد الشباب الذي التقى بأيوب قبل يوم واحد من اعتقاله أنه عاش لحظات عصيبة، بعد أن بدأ الطباخون يتناقلون خبر احتمال اعتقاله بسبب علاقته بالتسمم، الأمر الذي جعله يدخل إلى غرفته ويغلق الباب عليه، رافضا أن يفتحه حتى لزملائه، خوفا من الاعتقال. وقد قام أحد أصدقائه المغاربة بمحاولات عدة جعلته في الأخير يفتح الباب، ويفتح معه صدره لابن بلده، مؤكدا له أنه رئيس الطباخين ونائبه يحاولان توريطه في هذه القضية من خلال تحميله مسؤولية السمك الفاسد. وقد طلب أيوب من صديقه عدم التخلي عنه، وإبلاغ أسرته وكل الرأي العام المغربي بحقيقة التهمة الملفقة إليه، والتحرك بقوة من أجل إثبات براءته. بعد يوم واحد على لقاء صديقه، قامت فرقة أمنية باعتقال أيوب من داخل الفندق، واقتياده صوب مخفر الشرطة للتحقيق معه، قبل أن تضعه في سجن «مايل تو». وصرح أيوب لعناصر الشرطة أنه بريء من تهمة التسمم لأنه لم يشتر السمك ولم يطهه، كما أنه ليس رئيس الطباخين. لكن السلطات الغامبية لم تعر كلامه أي اهتمام وقررت متابعته في حالة اعتقال، بالرغم من أن جناية التسمم تستوجب توفر الأداة والقصد، وهما الركنان، اللذان لا يتوفران في قضية أيوب. لم يتقبل الشاب المراكشي أن يعتقل ظلما وعدوانا دون أن تكون له يد في الحادث فقرر الدخول في إضراب عن الطعام، نقل على إثره إلى المستشفى حيث وضع تحت المراقبة المشددة. وحسب إفادات مصادر «المساء»، فإن محاكمة أيوب لا زالت متواصلة في غياب شرطي المحكمة العادلة، وهما الحضور والدفاع.
الإصابة ب«الملاريا» لم يجد أيوب عليري أي مشكل منذ قدومه إلى العاصمة الغامبية بانجول، في 7 يوليوز 2009، في إطار عقد عمل من شركة سينغالية، حيث عمل في الفندق المذكور قرابة خمس سنوات، دون أي يسجل عليه رؤساؤه أي خطأ، يقول صديقاه، قبل أن يضيف أبوه في لقاء مع «المساء» قائلا: «كان جميع أصدقائه يثنون على أخلاقه في حضوره وغيابه». أحوال المغاربة العاملين بالفندق ذي الخمسة نجوم ستتبدل بعد تعيين مدير جديد، يتحدر من جنوب إفريقيا. فخلال الأيام الأولى من تعيين المدير الجديد، بدأ الطاقم المغربي يلاقي عراقيل في عمله، مما جعل حوالي خمسة منهم يغادرون الفندق ويعودون إلى بلدهم، بينما مكث أيوب من أجل جمع بعض المال للدخول إلى القفص الذهبي، رغم أنه لم يعد يرغب في الاستمرار في العمل في الفندق، خصوصا بعد إصابته بمرض الملاريا، حسب ما قال والده. لم ير أيوب أفراد أسرته منذ أزيد من سنة ونصف، لأنه فضل المكوث بغامبيا «طويلا هذه المرة من أجل جمع المال الذي يؤهله للزواج». مناشدة الملك الخوف على مصير الابن، الذي قد يتعرض لعقوبة قاسية قد تصل إلى الإعدام في حالة عدم تحرك السلطات المغربية من أجل التحقيق في القضية، جعل عليري يتوجه صوب مقر وزارة الخارجية بالرباط، رفقة صديقي ابنه، وهناك استمع إليه مسؤول عن شؤون القنصليات بالوزارة، التي يوجد على رأسها الوزير صلاح الدين مزوار. وقد طلب منه المسؤول في الأخير انتظار اتصال هاتفي في أقرب وقت. لكن الوقت طال دون أن يرد اتصال من العاصمة الرباط، يقول أب أيوب. فيما دخلت مواطنة مغربية مقيمة بالديار الغامبية تدعى جميلة على الخط، عندما علمت بالخبر من الصحف الغامبية، وقد أجرت اتصالات بالسفير المغربي بدولة السينغال والقائم بالأعمال، الذي تحدث إلى والد أيوب عبر الهاتف شهر نونبر من السنة الماضية، وقال له: «كون هاني غادي نديرو مجهودنا». استمرت مجهودات الفاعلة الجمعوية المغربية بالديار الغامبية أزيد من شهرين، لكنها عجزت عن الوصول إلى الرئيس الغامبي من أجل شرح تفاصيل القضية له. وبعد أن اعتذر جل من اتصلت بهم الفاعلة الجمعوية المغربية، من مسؤولين غامبيين ومغاربة، عن القيام بأي شيء في هذه القضية، تسود الشارع المراكشي حالة من التعاطف الكبير واتصالات مكثفة بين الفاعلين الحقوقيين والجمعويين من أجل تشكيل لجنة للدفاع عن ابن المدينة الحمراء، وإثبات براءته، في الوقت الذي يناشد والد أيوب الملك محمد السادس، ووزير الخارجية صلاح الدين مزوار، بالتحرك من أجل «إنقاذ ابني الذي يعيل أسرة بكاملها».