تحولت جنازة الراحل محمد جسوس، القيادي الاتحادي، ظهيرة أول أمس الثلاثاء في الرباط، إلى ساحة لبعث الرسائل المشفرة والصريحة، بعدما جمعت مقبرة الشهداء مختلف الأطياف السياسية، وتبددت فيها تصنيفات المعارضة والأغلبية، واليمين واليسار. وأثار غياب إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، «استياء» عدد من الحاضرين، خاصة بعدما وصل إلى علمهم أن العذر كان هو وجوده في مهمة خارج أرض الوطن، فيما حرصت أبرز وجوه الحزب على حضور الجنازة، حيث حضر عبد الرحمان اليوسفي ومحمد اليازغي وعبد الواحد الراضي، وعدد كبير من الوجوه السياسية والشخصيات العمومية. وشكلت جنازة الراحل جسوس مناسبة لصلة الرحم بين الإسلاميين واليساريين، حيث شوهد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وهو يرافق المناضل بنسعيد آيت يدر على طول الطريق المؤدية إلى مقبرة الشهداء، حيث ظل الرجلان يتحدثان إلى بعضهما، إلى جانب نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد. كما لازم عبد الله بها، وزير الدولة واليد اليمنى لرئيس الحكومة، محمد الساسي، عضو المكتب السياسي للاشتراكي الموحد، اللذين انغمسا في حديث بينهما. رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران قال في تصريح ل«المساء» إنه ارتبط مع جسوس بصداقة متينة وودية، «وهو كان يعرف منطلقاتي الفكرية وأعرف منطلقاته الفكرية، لكن الاحترام بيننا كان كبيرا جدا». وأضاف: «أعتقد أننا خسرنا شخصا كان وفيا لمبادئه، والمغاربة يميزون بين الذي يوفي وبين الذي لا يوفي، وهذا الوفاء سوف نلاحظه في جنازته، حيث سيحضر الناس من كل طيف لتأبين رجل مواطن ووطني له مرجعية، دافع من خلالها عن فكره ومبادئه باعتدال ورصانة وأستاذية عالية». عدم مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي في حكومة بنكيران كان أيضا حاضرا في جنازة جسوس، حيث طلب محمد لحبابي، أحد القيادات التاريخية لحزب الاتحاد الاشتراكي، موعدا مع رئيس الحكومة. وقال لحبابي مخاطبا بنكيران: «بغيت نقوليك بأننا كان علينا أن نشارك في حكومتكم، وهذا هو الحل الذي يحتاجه المغرب، وسأفسر لك الأسباب»، فرد بنكيران، وهو يأخذ صورة مع لحبابي: «حتا أنا خاسني غير اللي يفسر لي». وتبادل رئيس الحكومة وعدد من قيادات حزب الاتحاد الاشتراكي العناق فيما بينهم، حيث وصف بنكيران القيادي الحبيب المالكي ب«صاحبي»، بعدما دخلا في حديث هامس. ورغم الخلاف الحاد بين المندوب السامي للتخطيط والحكومة، فإن وزير الدولة، عبد الله بها، تبادل العناق مع أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط. جماعة العدل والإحسان كانت هي الأخرى حاضرة في تشييع جنازة جسوس، ممثلة بكل من محمد الحمداوي، عضو مجلس الإرشاد، ومحمد السالمي، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للعدل والإحسان. وهو ما اعتبره عدد من الحاضرين إشارة للاحترام الذي يحظى به جسوس، بغض النظر عن الاختلاف الأيديولوجي. وألقى عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي، كلمة تأبينية أمام قبر الراحل، تحدث فيها عن أدواره في الدفاع عن قضايا الوطن والحزب. وأضاف: «كنت دائما تتجول في المغرب من غربه إلى شرقه، ومن شماله إلى جنوبه، وكنت تنشر أفكار الحزب وبرامجه، ومشروعه ورؤاه..لقد مثل حزبنا وبلادنا في الخارج، ودافع عن قضيتنا الوطنية، وكان من المدافعين عن القضية الفلسطينية».