شهدت جلسة محاكمة الطلبة الخمسة المعتقلين بالقنيطرة، زوال أول أمس، لهجة تصعيدية ضد ما وصفه محامو المتهمين بالانتهاكات الخطيرة التي تطال شروط المحاكمة العادلة، بسبب ممارسات أمنية أعادت إلى الأذهان، ما كان يحدث خلال سنوات الرصاص. وانتفض أعضاء هيئة الدفاع ضد ما اعتبروه إنزالا أمنيا عرفته قاعة الجلسات، التي شبهوها ب»كوميسارية»، بعدما غصت برجال أمن بزي مدني، لم تتوقف أصوات أجهزة «الطالكي والكي»، التي كانوا يتحوزونها، عن إزعاج العديد القليل جدا ممن سُمح لهم بولوج القاعة، بعدما فرضت عناصر «الجير» طوقا أمنيا غير مسبوق حول الباب الرئيسي للمحكمة الابتدائية. وشوهد مجموعة من رجال التدخل، وهم يمسكون بتلابيب طالب أعزل، أصر على متابعة جلسة محاكمة زملائه الخمسة، ويصدونه بقوة بعيدا عن المحكمة، بعدما كالوا له سيلا من عبارات السب والشتم، ليواصلوا دوسهم على حق المواطن في حضور الجلسة العلنية، كما منعوا أستاذا جامعيا من الدخول إلى المحكمة بمبرر وجود تعليمات، وهو المشهد الذي احتج عليه المحامي الحبيب بنعياد في حينه، مستنكرا الإجراءات الأمنية المبالغ فيها التي تم اتخاذها في اليوم نفسه، والتي حرمت العديد من عائلات المتهمين وأصدقائهم من ولوج هذه المؤسسة القضائية، التي عجت بالمخبرين والمسؤولين. وثار محمد حداش، عضو هيئة الدفاع عن الطلبة المعتقلين، في وجه رئيسة الجلسة، ملتمسا منها إصدار تعليماتها برفع حالة العسكرة عن الباب الرئيسي للمحكمة، والسماح للمواطنين بحضور هذه الجلسة، بعدما منعتهم القوات العمومية من الاقتراب من المحكمة، وقال «لن نساهم في هذا النوع من المحاكمات التي تجرى تحت طوق بوليسي كثيف، فعلنية الجلسة غير متوفرة، بعدما تعمدت الأجهزة الأمنية على انتقاء الحضور، هذا ضحك على الذقون، هناك جهات لا تعير اهتماما لأي أحد، لا بد لنا جميعا أن نحرص على السير العادي للجلسة وإلا اختلت شروط المحاكمة العادلة»، مؤكدا وجود جهات لا علاقة لها بالقضاء تريد توجيه المحاكمة. من جانبه، شدد الأستاذ أحمد العرفاوي، على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للسماح لأفراد عائلات المتهمين بولوج قاعة الجلسات دون تعريضهم للمضايقات والاستفزازات الأمنية، وهو ما اعتبره ممثل الحق العام دفاعا غير ذي أساس، باعتبار أن القاعة مليئة بالحضور، منبها في الوقت نفسه إلى الصلاحيات المخولة قانونا للمحكمة للقول بسرية الجلسة في حالة ما إذا وجد ما يُهدد سيرها الطبيعي، قبل أن تقرر المحكمة فيما بعد تأجيل النظر في هذه القضية إلى جلسة ال11 من هذا الشهر استجابة لملتمس إعداد الدفاع. وكان العشرات من طلبة جامعة ابن طفيل، قد تعرضوا، في اليوم نفسه، لتدخل أمني وصف بالهمجي، أثناء مشاركتهم في وقفة تضامنية سلمية مع الطلبة المعتقلين، نظموها فوق الرصيف المقابل للمحكمة، وهو ما أدى إلى إصابة بعضهم برضوض وجروح متفاوتة. وعاينت «المساء» سقوط المحتجين أرضا جراء الضرب المبرح الذي تعرضوا له، وشاهدت العديد من عناصر الجير وهي تنزل بالهراوات واللكمات على رؤوس الطلبة، فيما قامت مجموعة أخرى منهم بسحل طالبة، استطاعت الفرار بجلدها تاركة معطفها وحذاءها في مسرح الأحداث، كما نال مواطنون، تصادف تواجدهم في عين المكان مع هذا التدخل، حصتهم من هذه الاعتداءات.