قال السفير الخاص لإسبانيا بالساحل، أنطونيو سانشيز غارسبار، إن التطورات التي شهدتها مالي السنة الماضية أظهرت هشاشة مجمل منطقة الساحل والصحراء، منبها، خلال الدورة الخامسة ل «منتدى مراكش للأمن»، المختتم مساء أول أمس السبت بمدينة مراكش، إلى أنه من «المهم جدا» استلهام الدروس والعبر من هذه الأزمة متعددة الأبعاد من أجل مواجهة التحديات العابرة للحدود. وقال إن هذه الأزمة «أبانت عن محدودية الحلول الدولية للمشاكل الإفريقية»، ملاحظا أهمية الطابع الاستعجالي لبناء سلام إقليمي فعال مدعوم من قبل الأفارقة». وأبرز أهمية الانتقال من دينامية قصيرة المدى إلى أخرى على المدى الطويل أكثر استراتيجية وشمولية. وفي هذا الصدد، نوه الدبلوماسي الإسباني بمبادرة الملك محمد السادس القاضية بتكوين 500 إمام ينحدرون من جمهورية مالي بالمغرب. كما أكد جنرالات وخبراء في المجال العسكري والأمني أن المقاربة العسكرية ليست الحل لمواجهة انعدام الأمن وتنامي الإرهاب. واعتبرت إيلين فاسيلينا، رئيسة مرصد البحار الأسود والمتوسط والخليج بفرنسا، أن المقاربة العسكرية ليست الحل لمواجهة انعدام الأمن وتنامي الإرهاب ببلدان الساحل والصحراء، مضيفة أنه من الضروري اعتماد مقاربة أكثر شمولية وإعطاء الأولية لتطوير السياسات الاجتماعية. أوضحت فاسيلينا أن الاندماج الإقليمي يمكن أن يكون ضامنا لتحقيق الأمن الإقليمي، وأن التجارة بين البلدان الإفريقية وباقي مناطق العالم تشكل عاملا أساسيا من شأنه المساعدة على رفع التحديات التي تواجهها القارة السمراء، مبرزة الدور الرئيسي للتعليم وأهمية التصدي للأصول الاجتماعية للإرهاب. واعتبر الأميرال جون ديفورك، رئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني والأمن الجماعي بفرنسا، أن «الأزمة العميقة»، التي تشهدها منطقة الساحل والصحراء، عرفت منذ سنة 1980 تنامي الأنشطة غير الشرعية من قبيل تجارة المخدرات، و»ذلك لأسباب بنيوية وظرفية». وأكد في مداخلة له في موضوع «تعقد الأزمات وتعدد الفاعلين وتنامي التهديدات العابرة للدول بالساحل وشرق إفريقيا»، أن المشاكل المطروحة بهذه المنطقة «المتفردة» تحتاج إلى مقاربة أنثروبولوجية وإستراتيجية، داعيا إلى التصدي «للاختلال الظرفي»، الذي يسود بالمنطقة، وكذا معالجة الإشكاليات ذات الطابع البنيوي، معتبرا أنه لا يمكن التعامل بنفس الطريقة مع ما هو ظرفي وبنيوي. وبعد أن أبرز الارتباط الوثيق بين الأمن بمنطقة الساحل والصحراء وبمنطقة حوض المتوسط، اقترح ديفورك إحداث هيئة إقليمية تتكلف بتسوية النزاعات في هذه المنطقة من القارة الإفريقية. من جهته، أشار المستشار الخاص لرئيس جمهورية السنغال شارلز غيي، إلى أن تعقد التهديدات العابرة للدول بمنطقة الساحل والصحراء أفرز «وضعا غير متحكم فيه»، مضيفا أن «الأزمة المستدامة»، التي تمر منها هذه المنطقة «لا يمكن تسويتها فقط من خلال التدخلات العسكرية». من جانبه، أبرز سالم فهد الحباب، عن مركز الدراسات الاستراتيجيات بقطر، أن هشاشة السياق الأمني بالمنطقة «يمكن أن تشكل تهديدا بالنسبة لمناطق أخرى بالعالم من قبيل القارة الأوربية أو بلدان الخليج على سبيل المثال». واعتبر فهد الحباب أن الفراغ الأمني بالمنطقة «يعد نتاج عوامل مختلفة»، محذرا من انتشار الأسلحة بهذه المنطقة والذي ساهم في تفاقم المشاكل القائمة أصلا. بدوره، أكد الأمين الدائم للجنة الوطنية لجمع ومراقبة الأسلحة المحظورة بالنيجر بوكري دجيبرو، أن تعقد الوضع بالساحل والصحراء يعد نتاج عوامل مرتبطة بالهشاشة والوضع السوسيو اقتصادي ببلدان منطقة الساحل والصحراء، مشددا على أهمية التنسيق والتعاون بين مختلف الفاعلين الإقليميين والدوليين بغية مواجهة التحديات الأمنية بالمنطقة.