أكد المشاركون في الدورة الخامسة ل"منتدى مراكش للأمن"، اليوم الجمعة بمراكش، على تعقد التهديدات العابرة للدول التي تجتاح منطقة الساحل والصحراء والتي يقتضي التصدي لها من خلال اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد. واعتبر الأميرال جون ديفورك ، رئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني والأمن الجماعي (فرنسا) أن "الأزمة العميقة" التي تشهدها منطقة الساحل والصحراء عرفت منذ سنة 1980 تنامي الأنشطة غير الشرعية من قبيل تجارة المخدرات وذلك لأسباب بنيوية وظرفية .وأكد في مداخلة ،خلال جلسة حول موضوع " تعقد الأزمات وتعدد الفاعلين وتنامي التهديدات العابرة للدول بالساحل وشرق إفريقيا"، أن المشاكل المطروحة بهذه المنطقة "المتفردة" تحتاج إلى مقاربة أنثروبولوجية وإستراتيجية . وأضاف أنه يتعين التصدي "للاختلال الظرفي" الذي يسود بالمنطقة وكذا معالجة الإشكاليات ذات الطابع البنيوي، معتبرا أنه لا يمكن التعامل بنفس الطريقة مع ما هو ظرفي وبنيوي.
وبعد أن أبرز الارتباط الوثيق بين الأمن بمنطقة الساحل والصحراء وبمنطقة حوض المتوسط ، اقترح السيد ديفورك إحداث هيئة إقليمية تتكلف بتسوية النزاعات في هذه المنطقة من القارة الإفريقية.من جانبه، أشار المستشار الخاص لرئيس جمهورية السنغال السيد شارلز غيي ، إلى أن تعقد التهديدات العابرة للدول بمنطقة الساحل والصحراء أفرز "وضعا غير متحكم فيه"، مضيفا أن "الأزمة المستدامة" التي تمر منها هذه المنطقة لا يمكن تسويتها فقط من خلال التدخلات العسكرية.من جهته، أبرز السيد سالم فهد الحباب من مركز الدراسات الاستراتيجيات بقطر ، أن هشاشة السياق الأمني بالمنطقة يمكن أن تشكل تهديدا بالنسبة لمناطق أخرى بالعالم من قبيل القارة الأوربية أو بلدان الخليج على سبيل المثال.
واعتبر أن الفراغ الأمني بالمنطقة يعد نتاج عوامل مختلفة، محذرا من انتشار الأسلحة بهذه المنطقة والذي ساهم في تفاقم المشاكل القائمة أصلا.بدوره، أكد الأمين الدائم للجنة الوطنية لجمع ومراقبة الأسلحة المحظورة (النيجر) السيد بوكري دجيبرو، أن تعقد الوضع بالساحل والصحراء يعد نتاج عوامل مرتبطة بالهشاشة والوضع السو سيو اقتصادي ببلدان منطقة الساحل والصحراء.كما شدد على أهمية التنسيق والتعاون بين مختلف الفاعلين الإقليميين والدوليين بغية مواجهة التحديات الأمنية بالمنطقة.ويشارك في هذا المنتدى، المنظم من قبل المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، على مدى يومين، حول موضوع "الفراغ الأمني وتوسع مناطق الهشاشة في شمال إفريقيا والساحل والصحراء"، العديد من المسؤولين المدنيين والعسكريين والأمنيين، إلى جانب خبراء وممثلي منظمات دولية.
ويعد هذا المنتدى المنظم بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الإستراتيجية تحت الرعاية الملكية السامية، فضاء فريدا للنقاش والتحليل وتبادل الخبرات حول الأمن في إفريقيا.ويتناول المشاركون في هذا اللقاء مواضيع رئيسية من بينها "التحولات والاختلالات الأمنية في شمال إفريقيا" و"تعقيدات الأزمات، وتضاعف الفاعلين وتحول التهديدات عبر الوطنية والمتماثلة في الساحل وشرق إفريقيا" و"هشاشة وتعقد السياقات الأمنية الجديدة في غرب إفريقيا" و"ارتفاع مستوى مناطق النزاع في إفريقيا الوسطى وفي خليج غينيا".ويشكل هذا اللقاء أيضا مناسبة لمناقشة "النزاعات الترابية والهشاشة الأمنية" و"الفراغ الأمني والملاجئ الجديدة للإرهاب الدولي" و"تأثير الحرب في سوريا على البيئة الأمنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".