تتواصل بمدينة مونترو السويسرية جلسات مؤتمر «جنيف 2» بشأن سورية، حيث تلتقي أطراف النزاع في سورية ودبلوماسيون غربيون ومن دول عدة في مسعى لحل الأزمة السورية. ويشارك في المؤتمر وزراء خارجية الولاياتالمتحدةوروسيا وألمانيا وممثلو أربعين دولة، إضافة إلى وفدي النظام السوري والمعارضة. ويستند جدول أعمال المفاوضات على بيان مؤتمر «جنيف1»، الذي يقضي بتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات وسحب القوات النظامية السورية إلى ثكناتها وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية. ومن المرتقب أن ترفض الولاياتالمتحدةالأمريكية مقترح إضافة ملف مكافحة ما يسمى ب»الإرهاب» إلى جدول الأعمال، كما تطالب بذلك موسكوودمشق، لأنه لم يكن متضمنا في بيان «جنيف1». ويأمل المنظمون أن يسفر المؤتمر عن تشكيل حكومة انتقالية في سورية، بعد مقتل أكثر من 100 ألف مواطن سوري منذ بدء الاضطرابات هناك في مارس من عام 2011. ومن المقرر أن تبدأ المباحثات بين ممثلي الحكومة السورية والمعارضة بعد غد الجمعة في مدينة جنيف. ويتوقع أن تستمر من سبعة إلى عشرة أيام. يشار إلى أن وزير خارجية روسيا لافروف، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أجروا مباحثات تمهيدية مغلقة في وقت متأخر في إطار الاستعدادات للمؤتمر. وقبل بدء المؤتمر ظلت الطائرة التي تقل الوفد السوري عالقة ثلاث ساعات على الأقل في مطار أثينا بسبب رفض السلطات اليونانية تزويدها بالوقود. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر رسمي سوري أن فرنسا رفضت إعطاء الطائرة التي تقل الوفد إذنا بالعبور في أجوائها. وقد أدى الأمر إلى إلغاء موعد بين وزير الخارجية السورية وليد المعلم، وأمين عام الأممالمتحدة بان كي مون. وعلى صعيد متصل، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أسفه لغياب إيران عن مؤتمر «جنيف 2» حول سوريا، واعتبر أن قرار الأممالمتحدة سحب دعوة إيران لحضور المؤتمر يشكل «خطأ»، لكنه «ليس كارثة». من جانبه، اعتبر نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن فرص وقف النزاع في سوريا خلال المؤتمر «ليست كبيرة» بدون مشاركة إيران، حليفة دمشق الرئيسية في المنطقة. وأضاف: «كنا على استعداد للمشاركة في مؤتمر «جنيف 2» ولعب دورنا. لكننا لا نقبل بشرط مسبق يحد أي حل بمعطيات معينة». وتابع: «لن نشارك في المفاوضات وسننتظر لنرى كيف سيتمكن المشاركون من التوصل إلى اتفاق من طرف واحد». من جهة أخرى، استبعد مايكل روبن، المسؤول السابق المختص بشؤون الشرق الأوسط في وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون، قرب تحقيق السلام في سوريا، معتبرا مؤتمر «جنيف 2»، الذي ينعقد لبحث حل للأزمة، «مضيعة للمال والوقت». وقال روبن إن هذا المؤتمر «لن يكون سوى مضيعة للمال، وأولئك الذين سيشاركون في المؤتمر لا يعبرون بالضرورة عن المجموعات التي تتحكم بالأمور على أرض الواقع في سوريا، وبالتالي فإن المؤتمر مجرد سراب». كما نفى صحة ما تردد عن وجود خطط أمريكية لإرسال قوات حفظ سلام دولية إلى سوريا على المدى القصير، وأبدى عدم علمه بموضوع طلب الإدارة الأمريكية تخصيص موازنة لقوات حفظ سلام بسوريا، إلا أنه استبعد تماما هذا الأمر. كما أكد على استحالة إرسال قوات حفظ سلام أمريكية إلى سوريا أو إلى أي دولة عربية أخرى في الوقت الحالي. وأرجع روبن، الذي يعمل محاضرا لكبار ضباط الجيش الأمريكي الموفدين لمنطقة الشرق الأوسط حول السياسة الإقليمية، استبعاده إرسال أي قوات حفظ سلام إلى أن «السلام في سوريا ما يزال بعيداً في الوقت الحالي». وأضاف: «كلما بدا أن طرفا في سوريا بدأ يخسر المعركة سارعت الدول الأجنبية الداعمة له إلى رفع دعمها، مما يعني استمرار توازن القوى والمعركة». وتحدث روبن عن «عوائق كبرى» تعرقل التوصل إلى حل سياسي في سوريا، قائلا إن العائق الأكبر أمام مؤتمر «جنيف2» هو حقيقة أن كل طرف يؤمن بأنه يستطيع الحصول على نتيجة أفضل عن طريق القتال. من جهته، قال تيد غالين كاربنتر، الباحث في دراسات الدفاع والسياسة الخارجية بمعهد «كيتو»، إنه من الصعب القول إن المسؤولين الأمريكيين في هذه المرحلة «يؤمنون حقاً بأن الحل الدبلوماسي ممكن على المدى القصير، خصوصاً إذا ما أصرت القوى الغربية على تنحي الرئيس بشار الأسد».